القضاء العراقي بين الضغط السياسي والتحديات القادمة

القضاء العراقي بين الضغط السياسي والتحديات القادمة

رغم تعدد السلطات واستقلالها عن بعضها في العراق، لكن الواقع يثبت أن المحكمة الاتحادية والتي تشكلت بموجب قانون المحكمة الاتحادية رقم 3 لسنة 2005 أعلى سلطة في البلاد، وتقوم بمهام قانونية وسياسية، وبالتالي هي لا تبت بالقضايا بغض النظر عن التبعات، ما يجعلها تأخذ بعين الاعتبار “المصلحة العامة للبلاد”، وتعمل على تحقيق التوازن حفاظاً على الاستقرار.

مرة أخرى يتحرك القانون العراقي ويعلن موقفه ويترك بصمته على القضايا التي هي مدار بحثه واهتمامه، فقد أعلن مسبقاً موقفه الرافض لاتفاقية خور عبدالله الموقعة مع الجانب الكويتي، واعتبرها مخالفة للدستور العراقي. وها هو القضاء اليوم يعلن موقفه من محمد ريكان الحلبوسي المتهم بقضايا عدة أهمها قضية تزوير استقالة النائب ليث الدليمي. واعتبر هذا القرار باتاً وقطعياً ولا يمكن الرجوع عنه أو التمييز.

ربما هناك من يتساءل إن كانت مثل هذه القرارات التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا تقف خلفها نوايا سياسية تريد النيل من هذا الطرف أو ذاك؟

للإجابة على هذا التساؤل ينبغي الرجوع إلى خلفية هذه المحكمة، وهؤلاء القضاة الذين يقفون خلف هذا القرار، فالغالب أنهم من القضاة القدماء المخضرمين الذي لهم باع طويل في توضيح بنود الدستور، وحل الخلافات والقضايا القانونية، ليس الآن فقط، بل منذ تأسيس السلطات القضائية في العراق، فهم أصحاب خبرة ودراية بهذا الشأن، ولا يمكن النظر إلى قراراتهم بعين الشبهة أو الاستهداف السياسي من هذه الجهة أو تلك.

نعم، هناك ضغوط تمارس على السلطة القضائية، ولكنها لا تخضع لمثل هذه الضغوط وتعلن موقفها بكل صراحة ودون مقدمات. بل وتسعى إلى حل القضايا المختلف عليها بين مختلف السلطات في البلاد، هذا إضافة إلى دورها الدستوري في حل الخلافات بين الأقاليم والمركز.

كما أن للبرلمان الدور الرئيسي في تنظيم حركه الدستور العراقي، ومساندته في الوقوف بوجه أيّ محاوله لتخطّيه، أو لتحل محله القرارات الارتجالية المهزوزة والانفعالية التي سبق أن أدخلت البلاد في أتون صراع سياسي أكثر من مرة، وأن يمارس دوره التشريعي وتفعيل قوانينه التي لم تر النور إلى حد الآن، وأن يكون هو الراعي الحقيقي للدستور وللقوانين في البلاد.

أعتقد، وكما يرى الكثير من المراقبين المتابعين للمشهد السياسي، أن البلاد بدأت تأخذ طريقها وخطواتها نحو الاستقرار السياسي، والنهوض بواقعها الاقتصادي وبدء عملية تنمية شاملة لكل القطاعات والمؤسسات الحكومية، وأن حكومة محمد شياع السوداني تسعى بجدية من أجل أتمتة وحوكمة القطاع العام بمشاركة جادة ورصينة مع القطاع الخاص للنهوض فعلاً بالبلاد وتحقيق الاستقرار بكافة ألوانه.

العرب