بيع البطاقات الانتخابية “آفة” الديمقراطية في العراق

بيع البطاقات الانتخابية “آفة” الديمقراطية في العراق

تزدهر عمليات بيع البطاقات الانتخابية في العراق كلما اقترب موعد أي استحقاق انتخابي من طريق أشخاص ومجاميع منظمة.

وعلى رغم جهود السلطات الأمنية في الحد من تلك الظاهرة، فإن هناك من يروج لمرشحين معينين حتى في صباح يوم الاقتراع.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وصول أكثر من مليون بطاقة بايومترية إلى البلاد، وحددت موعد توزيعها على المواطنين.

ومن المنتظر أن تجري أول انتخابات لمجالس المحافظات في الـ18 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل على رغم الحديث عن مساع لتأجليها إلى وقت آخر بسبب تداعيات إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.

وبحث رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع رئيس الجمهورية عبداللطيف جمال رشيد، الثلاثاء الماضي، التطورات وسير التحضيرات والتهيئة لانتخابات مجالس المحافظات المقررة في ديسمبر المقبل.

وبحسب بيان لمكتب السوداني، جرى التأكيد المتبادل على أهمية إجراء الانتخابات وتوفير مستلزمات نجاحها لتكون نتائجها المعبر الحقيقي عن إرادة الشعب العراقي.

اكتمال الاستعدادات

أكد رئيس الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات عماد جميل محسن أنه “تم خلال الأيام القليلة الماضية وصول مليون و140 ألف بطاقة إلى مطار بغداد الدولي لمحافظات بغداد (الكرخ والرصافة) وبابل ونينوى والأنبار وديالى وكركوك”.

وأوضح جميل أن “توزيع جميع البطاقات سيبدأ اعتباراً من الأربعاء الموافق 16/11/2023 على مكاتب المحافظات وبعد يومين من هذا الموعد ستوزع على المواطنين”، منبهاً بأن “العدد الكلي للبطاقات سيبلغ مليوناً و900 ألف بطاقة، إضافة إلى البطاقات من انتخابات 2021، من ثم سيكون المجموع الكلي مليونين و400 ألف بطاقة”.

وكان رئيس مجلس المفوضية في مفوضية الانتخابات عمر أحمد قد أكد في وقت سابق اكتمال جميع الاستعدادات في إدارة وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة بيوم الاقتراع.

غير عادلة ومشوهة

في حين رأى المتحدث باسم تحالف العزم عزام الحمداني أن سبب تفاقم بيع البطاقات الانتخابية والتلاعب بالنتائج هو ضعف الحكومة في السيطرة على العملية التشريعية، مشدداً على أن المضي بهذه الطرق غير المشروعة سينتج عملية انتخابات غير عادلة ومشوهة.

اقرأ المزيد

ما انعكاسات إقالة رئيس البرلمان العراقي على ملف الانتخابات المحلية؟

كيف أعد مسرح تصفية رئيس البرلمان العراقي؟

ماذا وراء دعوة الصدر إلى مقاطعة الانتخابات في العراق؟
وقال الحمداني “هناك عمل منظم تجاه التزوير في العملية الانتخابية مقابل الاستمرار بالسلطة”، مشيراً إلى أن “أحد أسباب تفاقم فساد الانتخابات يعود إلى الممارسات غير القانونية التي تمضي بها الجهات المسيطرة على المحافظات الغربية وإقليم كردستان”. وأقر بأن “عملية شراء الأصوات تتم من المال العام الذي يسرق بطرق عديدة نتيجة المناصب العليا التي يستحوذون عليها في الحكومة”، داعياً الأجهزة الأمنية بالتصدي لـ”هذه الحالات بعد انتشارها في كركوك والمحافظات الغربية”.

وشدد الحمداني على أن “عدم التصدي لحالات التزوير وبيع البطاقات في تلك المحافظات سيخلق نوعاً من عدم الثقة لدى المواطنين”، لافتاً إلى أن “أحد أسباب تفاقم بيع البطاقات الانتخابية والتلاعب بالنتائج يعود لضعف الحكومة بالسيطرة على العملية التشريعية”.

تجارة رائجة

تشهد عمليات بيع البطاقات الانتخابية رواجاً كلما يقترب وقت الاقتراع، إذ تعد تجارة رابحة لبعضهم، إذ تتراوح الأسعار بين 20 و50 دولاراً ويزيد في بعض الأحيان.

ويؤكد الباحث السياسي رافد العطواني أن هذه التجارة رائجة هذه الأيام، إذ هناك أكثر من مؤشر يعطي دلالة على أن بعض المرشحين يشترون هذه البطاقات، ما يعد نوعاً من أنواع الفساد المالي والانتخابي، مشدداً على أهمية تبني طريقة سليمة لعملية تجميع هذه البطاقات، لأن شراءها تزوير في حقيقة العملية الديمقراطية.

وقال العطواني لـ”اندبندنت عربية” على المرشح أن يطلق أو يثقف لبرنامج انتخابي هو من يصوت ويختار الشخص الذي يرغب في ترشيحه، سواء كان في مجلس المحافظات أو المجلس المحلي أو البرلماني. وتابع أن هناك عدم ثقة بين الشريحتين، لا الناخب يثق في المرشح، ولا المرشح يثق بالناخب لأنه هناك خيبة أمل تصيب الطرفين، إذ يلجأ بعض المرشحين لتجميع بطاقات الناخبين من طريق شرائها بأثمان بخسة ومرة أخرى من طريق العرف العشائري والضغط على رموز العشيرة من أجل تجميع أو جمع هذه البطاقات إلى أبناء عمومتهم وانتخاب أبناء عمومتهم أمل منهم أن تكون لهم داخل المجالس المحلية والمجالس البرلمانية.

ووصف الباحث السياسي هذا التصرف بأنه غير سليم ونوع من أنواع الفساد وتشويه للديمقراطية، وأوضح أنه لا يمكن بناء دولة حقيقية إن لم تكن هناك ثقة وتنفيذ الوعود التي يطلقها المرشحون، وكذلك على الناخبين أن لا يبيعون ضمائرهم بأثمان بخسة فهذه أمانة وطن.

صعوبة التزوير

على صعيد آخر، يؤكد النائب الأسبق لرئيس مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق سعد الراوي أن البطاقات الانتخابية لن تكون تجارة رابحة. وأكد في تصريح خاص أنه لا يمكن التصويت إلا وفق البطاقة البايومترية حصراً، “لكن أن تباع وتشترى مرة أخرى صعب جداً حتى الذي يأخذها لا يستطيع التصويت بها، لأن هناك بصمة أيادٍ وبصمة أصابع وعين بالبطاقة البايومترية”.