سربت بيئة الفصائل الموالية لإيران في العراق معلومات عن التزامها بالهدنة السارية في قطاع غزة بين حركة «حماس» وإسرائيل.
وقالت مصادر موثوق بها إن القرار جاء «بأوامر إيرانية» على الرغم من حماسة مجموعات مسلحة للرد على الأميركيين بعد هجماتهم الأخيرة ضد مسلحين ومقرات، غرب بغداد وجنوبها.
وليس من المتوقع أن تخرق تلك المجموعات الاتفاق الذي لم يعلن عنه رسمياً، لكن من الوارد أن يحدث اختراق خلال الأيام القليلة المقبلة، بسبب خلافات بين أطراف ما يعرف بـ«المقاومة العراقية».
وقال المتحدث باسم «كتائب حزب الله» العراقي، جعفر الحسيني، في بيان مقتضب تداولته منصات محلية، إن «المقاومة الإسلامية في العراق تراقب سلوك العدو الأميركي في العراق وسوريا، وَلْيُبْنَ على الأمر مقتضاه».
ومنذ أن دخلت الهدنة حيز التنفيذ، صباح الجمعة الماضي، في غزة، لم تسجل القواعد العسكرية التي يشغلها الأميركيون في العراق أي هجمات، حتى اليوم، ومن المتوقع أن تستمر الحال هكذا حتى نهاية المهلة.
وتوصلت إسرائيل و«حماس» إلى اتفاق لتبادل 50 رهينة من الرهائن المحتجزين في غزة مقابل وقف القتال لمدة 4 أيام. ويشمل الاتفاق أيضاً الإفراج عن 150 امرأة وطفلاً فلسطينياً محتجزين في السجون الإسرائيلية، إلى جانب السماح بزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأكدت مصادر عراقية على علم بنقاشات دارت بين قادة الفصائل العراقية أن الهجمات المسلحة ضد المصالح الأميركية ستعاود فور انتهاء الهدنة، ومع ذلك فإن فصيلين على الأقل يرفضان الالتزام بذلك، وقد يقدمان على فعل شيء.
ووفق المصادر، فإن هاتين المجموعتين، وهما على الأغلب حركة «النجباء» و«كتائب حزب الله»، كانتا مندفعتين للرد على الأميركيين بعد سلسلة هجمات في أبو غريب وجرف الصخر الأسبوع الماضي، لكن هذه النية جوبهت برفض بقية الفصائل لأسباب تتعلق بـ«أهمية التنسيق مع محور المقاومة في المنطقة وعدم الخروج على القرار الاستراتيجي الذي تتخذه إيران».
ويميل مراقبون إلى اعتقاد أن سبب تراجع الهجمات، ولو بشكل مؤقت، يعود لحسابات معقدة تواجهها أطراف سياسية مشتركة في الحكومة، وتملك أذرعاً مسلحة، لا سيما بعدما انتقل الأميركيون إلى مرحلة الاستجابة السريعة والمباشرة لهجمات الفصائل.
أضافت المصادر أن بعض قادة «الإطار التنسيقي» ممن ينخرطون في التصعيد المسلح ضد الأميركيين وصلوا إلى «حافة حرجة» مع الأميركيين، ولا يرغبون في التصعيد أكثر، ما داموا يتمتعون بنفوذ واسع في الحكومة، ويديرون مصالح استراتيجية تتعلق بملفي المال والطاقة.
وخلال مقابلة تلفزيونية، دعا زعيم حركة «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، البرلمان العراقي إلى اتخاذ موقف جاد من القوات الأميركية، وتنفيذ قراره السابق بإخراجها من البلاد.
وقال الخزعلي: «القوات الاستشارية الأميركية لا تقوم بضربات جوية، وما حدث (الأسبوع الماضي) دليل واضح على أنها تنتهك القانون العراقي (…) هذه القوات التي اعتدت على قوات عراقية تابعة للدولة، لا تمتلك الحصانة، ويجب أن تحاسب وفق القانون العراقي».
وثمة فارق واضح بين هذه اللهجة التي تحمّل المؤسسات الرسمية العراقية مسؤولية التعامل مع الأميركيين، وبين الخطاب العلني لفصائل أخرى مثل حركة «النجباء» التي دعت إلى إعلان حرب شاملة ضد القوات الأجنبية.
وأكدت المصادر أن المتغير الذي فرضته الهدنة في غزة والرد الأميركي الأخير في العراق والنصائح الإيرانية بعدم «فعل شيء خارج السياق الحالي»، أجبرا غالبية الفصائل على «عدم الضغط أكثر على الأميركيين».