في وقت تتزايد أخطار الاستثمار الأجنبي والخاص في صناعة النفط والغاز الإيرانية، فإن العراق ومن خلال تنويع العقود النفطية تحول إلى محطة استثمار لعدد من المستثمرين الأجانب.
وأظهرت البيانات الميدانية والبحثية أن الإجراءات الأخيرة التي قام بها العراق لا تقتصر على جذب المستثمرين في صناعة النفط والغاز العاملين في إيران وحسب، بل شملت أيضاً المقاولين والمستثمرين الإيرانيين، ومن خلال دفع الأجور المرتفعة استطاع العراق أيضاً أن يجذب المتخصصين والعمال الإيرانيين للعمل في صناعة النفط العراقية.
هجرة العمالة
وتشير كل هذه الظروف إلى أن هناك هجرة جماعية من صناعة النفط الإيرانية للعمل في صناعة النفط العراقية قد بدأت، وهؤلاء المهاجرين الجدد هم مستثمرون ومقاولون وخبراء وعمال أيضاً.
وفي وقت كانت تأمل إيران جذب بعض المستثمرين الأجانب ومنهم الروس، إلا أنه نظراً إلى العروض المغرية التي يجدها المستثمرون في العراق فقد فضلوا مغادرة إيران ونقل رؤوس أموالهم إلى هناك.
وخصص العراق في العقود النفطية الجديدة جملة من الامتيازات الخاصة للمستثمرين، ومنها منح بغداد حصة مملوكة من النفط المنتج، ويعتبر هذا الامتياز جذاباً للغاية للشركات التي تعمل في الأسواق العالمية لأنه يوفر لها إمكان تمويل واسع النطاق من خلال بيع هذه الحصة أو رهنها.
وفي تقرير حديث لصحيفة “هم ميهن” الإيرانية تناولت من خلاله الموضوع فقالت إن “الروس غادروا إيران بسبب الإغراءات العراقية”، مضيفة أنه منذ شهرين وعندما كشف العراق عن فحوى عقوده النفطية الجديدة اتجه عدد من رؤوس الأموال الداخلية والخارجية من الصين وروسيا نحو العمل والاستثمار في صناعة النفط العراقية.
وفي مقابلة مع الأمينة العامة لاتحاد شركات التنقيب وإنتاج النفط في إيران إلينا باقري مع الصحيفة حول هجرة المستثمرين الإيرانيين والأجانب إلى العراق، قالت إنه “في الوقت الذي طرح العراق عقوده الجديدة فإن الحكومة الإيرانية رفضت أي تغيير في محتوى العقود النفطية في إيران”.
وبناء على ما ورد على لسان الأمين العام لاتحاد شركات التنقيب وإنتاج النفط في إيران فإن ما يحدث اليوم في عقود صناعة النفط والمناجم في إيران عكس ما هو موجود في العراق تماماً، إذ وفرت بغداد الأرضية اللازمة لجذب الاستثمارات الأجنبية الكبيرة.
عقود غير جذابة
ونوهت إلينا باقري إلى أن عقود صناعة النفط غير جذابة للمستثمرين الإيرانيين لدرجة أنهم “استثمروا في جميع المجالات مثل البتروكيماويات والصلب والأسمنت والتعدين، لكنهم لم يصلوا إلى قمة الاستثمار في النفط”.
ووصفت باقري العقود بأنها “مليئة بالغموض وكثير من التعقيد ونسبة العائدات فيها منخفضة”، وقالت إنه “في مثل هذه الحالة لا يرغب المستثمر في المشاركة”.
ويظهر حديث إلينا باقري جلياً أن النظام الإيراني لم يفشل فقط في الحفاظ على المستثمرين من دول مثل الصين وروسيا التي يصفها بالشركاء التجاريين، بل ونظراً للصعوبات الكثيرة فإن الطريق أمام المستثمرين المحليين أيضاً بات مغلقاً.
وفي مثل هذه الأوضاع ركزت الحكومة العراقية أكثر من أي وقت مضى على الحقول النفطية المشتركة مع إيران وخلق مزيد من الازدهار في هذا القطاع، وعلاوة على هذا، وبحسب الأمينة العامة لاتحاد شركات التنقيب وإنتاج النفط في إيران، فإن العراق لم يغفل عن تطوير حقوله النفطية، ومن خلال الاستثمارات التي يقوم بها فإنه بدأ يستولي على حصة إيران في الأسواق العالمية للنفط.
أخطار كثيرة
وينبغي أن نضيف مسألة هجرة الخبراء الإيرانيين إلى العراق، إذ تتحدث التقارير عن أن صناعة النفط الإيرانية باتت معرضة لمزيد من الأخطار وقد تفقد رأس المال البشري أكثر من أي وقت مضى.
وكما هو معلوم فإن الجزء الأهم يعود لدفع الأجور المرتفعة في العراق، لكن هذا ليس كل شيء، فلدينا كذلك تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في إيران، ونتيجة لهذا تفضل الشرائح المختلفة في البلاد الهجرة لتحسين ظروفها المعيشية.
وخلال الأشهر القليلة الماضية تحدث عدد من التقارير الصحافية بأن الأيدي العاملة الماهرة وغير الماهرة باتت تهاجر بصورة متزايدة إلى البلدان المجاورة، وعدد منهم كانت وجهته الأراضي العراقية.
وسبق أن قال أمين سر الغرفة الإيرانية – العراقية المشتركة جهانبخش سنجابي شيرازي إن راتب العمال المهرة في العراق يبلغ 600 دولار شهرياً، أي ثلاثة أو أربعة أضعاف راتب العمال في إيران، وبالتالي فعندما يتمكن العامل الإيراني من الحصول على 600 دولار شهرياً فإنه لا يفوت مثل هذه الفرصة.