أبوظبي – مثل موضوع تماسك أوبك+ أحد المحاور الرئيسية في زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الإمارات والسعودية، في وقت ظهرت فيه بوادر خلافات بشأن سياسة التخفيض في الإنتاج التي تتمسك بها السعودية، وكذلك بشأن حصص الدول الأعضاء، وخاصة الدول المؤثرة مثل الإمارات.
وخلال لقائه مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قال بوتين “روسيا والإمارات تنفذان مشاريع كبيرة في مجال النفط والغاز وتنسقان ضمن صيغة أوبك+”.
وقال رئيس الإمارات في تغريدة على إكس إنه بحث مع بوتين “علاقات الإمارات وروسيا وسبل تعزيزها ودفعها إلى الأمام خاصة في المجالات التي تصب في خدمة التقدم والتنمية لمصلحة البلدين وشعبيهما”.
ويرى خبراء في مجال النفط أن تماسك جبهة أوبك+ أساسي، ومن الضروري مراعاة القفزة في قدرات الإنتاج الإماراتية واقترابها من إمكانيات السعودية وروسيا وانعكاس ذلك على حصتها في السوق برضا من الرياض وموسكو، معتبرين أن هذه الخطوة ستكون ضمانة لتماسك التحالف النفطي وقوته وحسن إدارته للحوار مع كبار المستهلكين.
ويقول الخبراء إن أوبك+ تقدر حصة الإمارات وفق مقاييس قديمة لا تتماشى مع قدرتها الإنتاجية الموسعة، وإن هذا يجعلها تحصل على نسبة أقل بكثير من حصتها قياسا بما تحصل عليه السعودية وروسيا.
وكان وزراء تحالف أوبك+ وافقوا خلال اجتماعهم في يونيو الماضي على زيادة حصة الإمارات بمقدار 200 ألف برميل يوميًا يتم تفعيلها مع بداية العام الجديد. ورحّب وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي بهذه الخطوة وإن كانت محدودة. وقال “ليس سرًا بأن الحصة الإنتاجية للإمارات أقلّ بكثير من قدرتها”.
مراعاة القفزة في قدرات الإنتاج الإماراتية واقترابها من السعودية وروسيا وانعكاس ذلك على حصتها في السوق
وبالإضافة إلى حسم موضوع الحصص بشكل يتماشى مع قدرات كل دولة عضو، سيكون على أوبك+، والأعضاء الثلاثة الأساسيين (السعودية والإمارات وروسيا)، الأخذ بالاعتبار أن الإنتاج النفطي الأميركي بلغ ذروته وهو ما ينعكس سلبيا على سعر البرميل من وجهة نظر أوبك+، ويستلزم التنسيق السياسي والإنتاجي معا لمنع اهتزاز الكارتيل.
ويمكن وصف الولايات المتحدة، بإنتاجها الكبير، بأنها اللاعب الرابع، أو العضو الشبح إذا جاز التعبير، في أوبك+.
وهبطت أسعار النفط بأكثر من 2.5 في المئة الأربعاء بعد أن أثار ارتفاع أكبر من المتوقع في مخزونات البنزين الأميركية مخاوف في الأسواق إزاء حجم الطلب وطغى أثره على إثر التراجع في مخزونات الخام.
ولا يعرف مدى قدرة أوبك+ على الاستمرار في سياسة التخفيض في ظل تذمر صدر من السعودية نفسها، حيث قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان الأربعاء إن تخفيضات إنتاج النفط تؤثر على إيرادات الحكومة.
وإذا كان التنسيق بين روسيا والإمارات متينا بشأن أداء التحالف النفطي، فإن التفاهم بين موسكو والرياض بشأن إستراتيجية التخفيض غير واضحة. وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان إن أوبك+ تريد أيضا مزيدا من التأكيد من موسكو أنها ستفي بتعهدها لخفض صادرات الوقود.
وقبل بدء زيارة بوتين إلى السعودية، قال الكرملين إن “العلاقات الروسية – السعودية الوثيقة في هذه الصيغة (أوبك+) هي ضمان موثوق للحفاظ على وضع مستقر ويسهل التنبؤ به في سوق النفط العالمية”.
وأعلنت روسيا الأسبوع الماضي نيتها تعزيز خفضها الطوعي لإنتاج النفط إلى 500 ألف برميل يوميًا وأنها ستمدده حتى نهاية مارس 2024 بهدف تعزيز الأسعار العالمية، بالتعاون مع السعودية. وفي أكتوبر، أشاد بوتين بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقال إنه حتى لو كانت هناك خلافات بخصوص تمديد تخفيضات أوبك+، فإن الكرملين سيسعى إلى توافق.
وشهدت العلاقات بين السعودية وروسيا في إطار أوبك+ صعوبات في بعض الأوقات، وأوشك اتفاق لخفض الإمدادات على الانهيار في مارس 2020 عندما كانت الأسواق تعاني بالفعل بسبب جائحة كوفيد – 19. وفي ذلك الوقت خفضت السعودية أسعار النفط لعملائها، في ما قالت روسيا إنها في حلّ من أيّ التزامات للإبقاء على حصص الإنتاج. لكنّ البلدين نجحا في رأب الصدع في علاقاتهما في غضون أسابيع، واتفقت أوبك+ على تخفيضات قياسية تصل إلى حوالي عشرة في المئة من الطلب العالمي على النفط لدعم أسواق النفط.
وقال الرئيس الروسي الأربعاء إن العلاقات مع السعودية وصلت إلى “مستوى غير مسبوق” في بداية الاجتماع مع ولي العهد السعودي. وفي تصريحات عرضها التلفزيون الروسي، شكر بوتين ولي العهد السعودي على دعوته، قائلا إنه كان يتوقع في بداية الأمر أن يأتي الأمير محمد بن سلمان إلى موسكو، “لكن حدثت تغييرات في الخطط”.
وقال إن اللقاء المقبل يجب عقده في موسكو، وإن البلدين تربطهما علاقات جيدة ومستقرة في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية. وأضاف بوتين “لا شيء يمكنه منع تطور علاقاتنا الودية”، وأنه “من المهم جدا لنا جميعا بالطبع الآن أن نتبادل المعلومات والتقييمات في ما يحدث بالمنطقة”.
العرب