نقاش عراقي حول أيهما أكثر خطرا: المواقع الإباحية أم الخطاب الطائفي

نقاش عراقي حول أيهما أكثر خطرا: المواقع الإباحية أم الخطاب الطائفي

احتدم النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بشأن جدوى قرار المحكمة الاتحادية حظر المواقع الإباحية في ظل سهولة تجاوزه، إلى جانب السخرية الواسعة من الخوف الحكومي على أخلاق الشباب وتجاهل الفساد والخطاب الطائفي في الإعلام.

بغداد – أثار قرار المحكمة الاتحادية العليا بإيقاف وحجب المواقع الإباحية كافة في العراق جدلا واسعا بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا القرار غير واقعي لأنه يدفع الشباب إلى استخدام برامج تجاوز الحجب باعتبار أن كل ممنوع مرغوب.

وقالت المحكمة الاتحادية إنها “أصدرت الخميس أمراً ولائياً بناءً على الطلب المقدَّم من قبل النائب باسم خزعل خشان المدّعي لحجب المواقع الإباحية لحين البت بالدعوى المذكورة”.

وبحسب البيان قررت المحكمة إلزام كل من وزير الاتصالات ورئيس هيئة الإعلام والاتصالات، إضافة إلى وظيفتيهما، بإيقاف وحجب المواقع الإباحية كافة في جميع أنحاء جمهورية العراق.

والقرار الذي أصدرته المحكمة الاتحادية سبق أن طرح مرارا وتكرار وكانت قد عملت عليه وزيرة الاتصالات هيام الياسري مؤخراً لكنها فشلت في ذلك، وسط تساؤلات عن مدى قدرة العراق على القيام بهذه الخطوة من الناحية التقنية.

واستغرب متابعون أن يصدر القرار من المحكمة الاتحادية، بينما هناك جهات أخرى مختصة بهذا النوع من القضايا، وجاء في تعليق:

وقالت الوزارة في بيان مقتضب آنذاك إن “وزيرة الاتصالات هيام الياسري وجهت بحجب المواقع الإباحية في العراق”، الذي جاء بعد أيام من قرار لوزارة المواصلات في حكومة إقليم كردستان يقضي بحظر المواقع الإباحية.

وشَبَّه بحر جاسم المتحدث الرسمي باسم فريق “التقنية من أجل السلام” آنذاك قرار الحجب الذي أصدرته وزارة الاتصالات العراقية بـ”ورشة عمل مجانية للتدريب على كيفية استخدام تقنيات كسر الحظر وإخفاء هويات المستخدم للعراقيين”، فالراغب في التصفح لتلك المواقع “يمكنه بسهولة استخدام تقنيات متعددة ومتوفرة لكسر الحظر”.

وحسب رأيه هناك خيارات أخرى يمكن توفيرها بديلة عن الحجب، وهي تقديم باقات عائلية يمكن أن تحول دون عرض تلك المواقع الإباحية، والتي تفضل العائلات توفيرها لحماية أبنائها من التأثير السلبي لهذه المواقع، وهو أمر معمول به في دول عديدة كما أنه يعطي المواطن حرية الاختيار بين باقة مفتوحة وأُخرى مقيدة.

◙ هناك خيارات أخرى يمكن توفيرها بديلة عن الحجب، وهي تقديم باقات عائلية يمكن أن تحول دون عرض تلك المواقع الإباحية

أما الطرق المستخدمة في حجب المواقع فتعتمد على الدولة نفسها، فالبعض يستخدم حجب عنوان البروتوكول الخاص لكل شخص، والبعض الآخر يعتمد تقنيات حجب الروابط وأسماء النطاقات أو الفحص العميق لحزم البيانات. ولكن بغض النظر عن الطرق المستخدمة للحجب، فإنها لن تصمد أمام كاسر الحظر على الإطلاق.

واستند جاسم على تجارب دول الجوار العراقي مثل تركيا في حجب المواقع. فهي دول متطورة أكثر من العراق من الناحية التكنولوجية واستخدام الإنترنت فيها أكثر شيوعا. ولكن من السهل الوصول إلى المواقع الإباحية بطرق متعددة عبر برامج تحويل العناوين فيبدو الشخص كأنه يتصفح من دولة أخرى وليس الدولة التي قامت بحظر الموقع، كما أن هناك متصفحات قادرة على فتح الصفحات المحظورة دون الحاجة حتى إلى كاسر للحظر.

وطُرح ملف حظر المواقع الإباحية في البرلمان العراقي عام 2011، إلا أنه سرعان ما أُغلق بسبب معارضة التيار المدني وتسريب معلومات عن عدم إمكانية حجبها بشكل كامل مع تعدد الشركات التي تزوّد العراق بخدمة الإنترنت، وكونها منفصلة عن بعضها البعض، إلا أن البرلمان برّر عزل الملف عن النقاش بالانشغال بملفات الموازنة العامة وأخرى ترتبط بالأوضاع الخدمية.

لكنّ كتلاً سياسية أدخلت الملف مرة أخرى إلى أجندة أعمالها وطرحته في سبتمبر 2015 بواسطة النائب السابق عبدالهادي الحكيم، وبجلسة سريعة حضرها 190 نائباً، وبنقاش لم يطل حيث صوّت البرلمان حينها على قرارٍ يُلزم وزارة الاتصالات بحجب المواقع الإباحية. وبالرغم من ذلك لم تطبّق وزارة الاتصالات القانون البرلماني لأسباب غير معروفة. وأثار الموضوع آنذاك سخرية واسعة أيضا من رواد مواقع التواصل:

وهناك وجهة نظر أخرى ترى أن القرار بشكل عام يصبّ في خدمة العائلة العراقية لأنه يحد من قدرة الفئات العمرية الصغيرة على الوصول إلى المحتوى غير المناسب لأعمارها، خصوصاً أن هذه الفئات يكون دافعها الأول حب الاطلاع. ومن هنا تأتي خطورة الموضوع بالنسبة إلى الصغار الذين يمكن أن يقلدوا هذه الممارسات دون وعي كامل في مجتمع محافظ مثل المجتمع العراقي.

ويبين الباحث الاجتماعي حسن هاشم أن هناك “نسبة غير قليلة من الشباب بشكل خاص أدمنت على مشاهدة المحتوى الإباحي”. وهذا الأمر تسبب في “مشاكل عائلية خصوصاً للمقبلين على الزواج، فتلك المواقع تقدم أشياء غير واقعية وتخلق خيالات من الصعب الوصول إليها في العالم الواقعي”.

العرب