ضغوط أميركية على السعودية لثنيها عن توقيع الاتفاق مع الحوثيين

ضغوط أميركية على السعودية لثنيها عن توقيع الاتفاق مع الحوثيين

لندن – قالت مصادر سعودية مطلعة إن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على الرياض لثنيها عن توقيع الاتفاق مع جماعة الحوثي في اليمن، بعد تصعيد الجماعة في البحر الأحمر وزعزعتِها استقرارَ الملاحة الدولية.

وأضافت المصادر لـ”العرب” أن الاتصال الهاتفي الذي جرى مساء الإثنين بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان كان محوره تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر وسبل وضع حد للهجمات، ومحاولة أخيرة لإقناع الرياض بعدم توقيع الاتفاق مع الحوثيين والانضمام إلى التحالف الذي أعلن عنه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لمواجهة التهديد الحوثي.

وأوضحت المصادر أن الولايات المتحدة تخشى أن يسهم الاتفاق في تقوية شوكة الحوثيين الذين سيتمادون أكثر خاصة بعد تعهدهم بمواصلة الهجمات في البحر الأحمر رغم التحذيرات الأميركية وتشكيل قوة عسكرية دولية مشتركة للتصدي للحوثيين.

وذكر الناطق الرسمي باسم جماعة “أنصارالله” الحوثية ورئيس فريق التفاوض محمد عبدالسلام الثلاثاء أن “عمليات اليمن البحرية بهدف مساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والحصار على غزة، وليست استعراضا للقوة ولا تحديا لأحد، ومن يسعى لتوسيع الصراع فعليه تحمل عواقب أفعاله”.

السعوديون يريدون توقيع اتفاقهم مع الحوثيين وختْمه قبل أن يتدهور الوضع أكثر ويصبح التقدم مستحيلا سياسيًّا

وبدوره قال المسؤول الحوثي محمد البخيتي على منصة إكس “حتى لو نجحت أميركا في حشد العالم كله فإن عملياتنا العسكرية لن تتوقف إلا بتوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة والسماح بدخول الغذاء والدواء والوقود لسكانها المحاصرين مهما كلفنا ذلك من تضحيات”.

وفي الأسبوع الماضي، بينما كان العالم منشغلا بحرب غزة وهجمات الحوثيين، تحدثت وسائل إعلام سعودية عن تسريبات بشأن مسودة الاتفاق الذي قالت إن السعودية وسيط فيه وسيرى النور قريبا.

ويبدو واضحا أن السعوديين يريدون توقيع اتفاقهم مع الحوثيين وختمه قبل أن يتدهور الوضع أكثر ويصبح التقدم مستحيلا سياسيا، بما يقوض تصميمهم على إعلان نهاية للحرب اليمنية.

وكان الإعلان عن الدول المشاركة في التحالف الجديد لا يشمل السعودية أو الإمارات، الدولتين الرئيسيتين في تحالف عربي تشكل لمواجهة الحوثيين بعد استيلائهم على السلطة في اليمن بدعم إيراني.

وقالت المصادر المطلعة لـ”العرب” إن عدم توقيع السعودية لاتفاق السلام يترك الباب مفتوحا لانضمامها في مرحلة لاحقة إلى تحالف الأمن في البحر الأحمر.

وأشارت إلى أن واشنطن تقدم حججا لمنع توقيع الاتفاق هي على نقيض مع ما كانت تقوله قبل أشهر من تبريرات للدفع نحو الاتفاق ووقف الحرب في اليمن.

ودعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الثلاثاء المجتمع الدولي إلى ممارسة أقصى الضغوط على جماعة الحوثي ودفعها نحو التعاطي الجاد مع جهود السلام الجارية.

وأكد العليمي خلال اجتماعه مع المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في الرياض حرص الحكومة اليمنية على “توسيع الفوائد الإنسانية للمواطنين”، بما فيها دفع رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

ولم يبد السعوديون موقفا واضحا من تصعيد الحوثيين. لكن وكالة رويترز نقلت عن مصدرين، وصفتهما بالمطّلعين على تفكير السعودية، قولهما إن الرياض دعت واشنطن إلى ضبط النفس في الرد على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وأكد المصدران أن الرياض راضية حتى الآن عن الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع الوضع، وهو ما يشير إلى أن السعودية حريصة على استمرار الرد المعتدل الذي انتهجته واشنطن منذ بدء الهجمات في البحر الأحمر. لكن الوضع يبدو صعبا بالنسبة إلى الإدارة الأميركية؛ فبعد نشر معدات بحرية ضخمة في المنطقة يثير الرد الضعيف تساؤلات في إسرائيل وداخل الولايات المتحدة.

وترى الكاتبة المختصة في شؤون اليمن هيلين لاكنر في مقال لـ”عرب دايجست” أن حرب غزة تهدد اتفاق السلام في اليمن. وبحسب لاكنر قد تتسبب تحركات الحوثيين الداعمة للفلسطنيين في شن هجمات عسكرية على اليمن، بينما أصبح الاتفاق السعودي – الحوثي على المحك.

وأطلقت الولايات المتحدة الثلاثاء عملية متعددة الجنسيات لتأمين التجارة في البحر الأحمر؛ إذ أجبرت هجمات الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران شركات شحن كبرى على تغيير مسار سفنها، مما يثير مخاوف من استمرار العقبات أمام التجارة العالمية.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الذي يزور البحرين، التي تستضيف مقر قيادة الأسطول الخامس الأميركي في الشرق الأوسط، إن الدول المشاركة في العملية تضم بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا.

وستقوم المجموعة، المعروفة في معظم وسائل الإعلام باسم “قوة العمل”، بتسيير دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

وقال أوستن في بيان “هذا تحد دولي يتطلب عملا جماعيا”، معلنا عن إطلاق مبادرة “حارس الازدهار”. ودعا أوستن الدول الأخرى إلى المساهمة وندد بـ”أفعال الحوثيين المتهورة”، لكنه لم يعلن عما إذا كان قد تقدم بطلب للحكومة اليمنية الشرعية للانضمام إلى هذا التحالف أم لم يقم بذلك.

ولم يتضح أيضا عدد الدول الأخرى التي ترغب في القيام بما فعلته السفن الحربية الأميركية في الأيام القليلة الماضية، إذ أسقطت صواريخ وطائرات مسيرة تابعة للحوثيين وتوجهت بسرعة إلى مساعدة السفن التجارية التي تتعرض لهجوم.

لكن محللين يرون أن التحالف الذي أعلنت عنه واشنطن لا يمكنه أن يفعل الكثير لوقف هجمات المتمردين الحوثيين الذين يملكون ترسانة من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز والمسيرات.

وقال أندرياس كريغ، الأستاذ في كينغز كوليدج لندن، إن “الحوثيين لديهم ترسانة كبيرة من المسيرات والصواريخ المختلفة التي يمكنهم إطلاقها… وبعضها سيكون من الصعب اعتراضه بواسطة سفينة عادية تابعة للبحرية”.

العرب