يترقب الكويتيون تسمية أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لولي عهده الجديد بعد نحو تسعة أيام من توليه مقاليد الحكم، وسط تكهنات تحوم حول سبعة أسماء بارزة من بينها رؤساء حكومات سابقون يتوقع عودتهم إلى المشهد السياسي من جديد بعد غياب دام لأكثر من عقد من الزمن.
وحل الأمير الجديد خلفاً لأخيه الأمير الراحل نواف الأحمد الجابر الصباح الذي توفي في 16 ديسمبر (كانون الأول) الجاري عن 86 سنة بعد معاناة مع المرض، والذي كان الأمير الـ 16 للبلاد، الذي خلف أخاه غير الشقيق الشيخ صباح الأحمد الصباح على رأس البلاد قبل ثلاث سنوات.
يعد منصب ولي العهد في الدولة الخليجية هو ثاني منصب في هرم الحكم بالكويت، ويأتي مباشرة بعد أمير الدولة إذ يخلفه بعد شغور المنصب لأي سبب من الأسباب.
ولي العهد وفق الدستور
والكويت وفقاً لدستورها، وراثية من ذرية الشيخ مبارك الصباح حاكمها السابع الذي توفي عام 1915، وينص على أن لأمير البلاد الجديد عاماً واحداً قبل “تسمية ولي عهده”، وأن يكون تعيينه بأمر أميري بناء على تزكية الأمير أولاً، وتتم تلك الإجراءات في جلسة خاصة بمبايعة من مجلس الأمة وبموافقة غالبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس (البرلمان) وعددهم 50 عضواً.
وبحسب الدستور الكويتي “في حالة عدم التعيين (موافقة غالبية أعضاء البرلمان) على النحو السابق يزكي الأمير لولاية العهد ثلاثة على الأقل من الذرية المذكورة، فيبايع المجلس أحدهم ولياً للعهد، وهو سيناريو لا يستبعده المراقبون وسط مناخ دائم التوتر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد”.
دستورياً، يشترط في ولي العهد عدة صفات منها “أن يكون رشيداً عاقلاً وابناً شرعياً لأبوين مسلمين، وينظم سائر الأحكام الخاصة بتوارث الإمارة قانون خاص يصدر في خلال سنة من تاريخ العمل بهذا الدستور، وتكون له صفة دستورية، فلا يجوز تعديله إلا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور”.
وللمرة الأولى تتجه القيادة السياسية في الكويت لتسمية ولي العهد من أبناء حكام الأسرة الحاكمة من أبناء الأميرين الراحلين أحمد الجابر الصباح وأحمد السالم الصباح الذين حكموا على مدى ستة عقود منذ إعلان الدستور الكويتي وثيقة تنظم الحياة المدنية في البلاد عام 1962.
ناصر المحمد الصباح
يتداول في الشارع الكويتي عدد من الأسماء التي غاب بعضها لفترة ليست بالقصيرة عن المشهد السياسي والساحة العامة، وبعضهم دام غيابه لأكثر من عقد من الزمان، ومنهم ناصر المحمد الصباح (83 سنة) الذي شغل منصب رئيس مجلس الوزراء الكويتي لسبع حكومات متتالية في الفترة بين 2006- 2011، وقبلها شغل منصب وزير الإعلام والشؤون الاجتماعية والعمل، وكذلك الشؤون الخارجية، ووزيراً لشؤون الديوان الأميري.
ويستذكر الكويتيون محطة لافتة في تاريخه، حين تولى مهمة تشغيل أول إذاعة كويتية من المنفى إبان الغزو العراقي عام 1990، وهو نجل وزير الدفاع الكويتي السابق محمد الصباح.
محمد صباح السالم
ومن ضمن الأسماء التي تحوم حولها التوقعات لتولي منصب ولاية العهد الشيخ محمد صباح السالم الصباح (68 سنة) الذي يحمل دكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد، وهو نجل الأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، وسبق له تولي منصب وزير الخارجية (2003–2011)، وقبلها عمل في عدة مناصب حكومية، وكان أحد أبرز المرشحين لتولي رئاسة الحكومة الكويتية خلال الأعوام الماضية، وهو المرشح الوحيد من خارج دائرة أحفاد الشيخ أحمد الجابر الصباح وهو الأخ غير الشقيق لزوجة أمير الكويت الحالي.
أحمد النواف الصباح
يعد الشيخ أحمد النواف الصباح (67 سنة) نجل أمير الكويت الراحل نواف الأحمد الصباح ضمن أبرز المرشحين لمنصب ولاية العهد. وسبق له العمل في السلك العسكري، وتدرج في المناصب حتى تم تعيينه وزيراً للداخلية، ولا يزال يترأس الحكومة الكويتية “حكومة تصريف الأعمال” بعد تقديمه استقالة حكومته لعمه أمير البلاد بعد تقديم الأخير اليمين الدستورية في 20 ديسمبر الجاري.
أحمد الفهد الأحمد
وبعد عودة الشيخ أحمد الفهد الأحمد الجابر الصباح إلى المشهد السياسي بعد غياب دام 11 عاماً، حين تم تعيينه وزيراً لمنصب وزير الدفاع في الكويت في يونيو (حزيران) الماضي، ومن ذاك بدأت شعبيته تتنامى وبات اسمه يتردد للمنصب الثاني في البلاد.
وشغل الفهد (60 سنة) عدة مناصب حكومية منها وزيراً للإعلام، ووزيراً للطاقة، وكذلك تولي وزارة شؤون الإسكان، كما ترأس جهاز الأمن الوطني في وقت سابق، وشغل لسنوات طويلة منصبي رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم ورئيس المجلس الأولمبي الآسيوي، وهي المحطة اللافتة في تاريخه، حين تجاوزت شهرته خريطة السياسة إلى الرياضة الأكثر شعبية وانتشاراً.
أحمد المشعل الجابر الصباح
وليس ببعيد تولي الشيخ أحمد المشعل الجابر الصباح (52 سنة) نجل أمير الكويت الحالي منصب ولاية العهد وهو الأصغر سناً من بين المرشحين للمنصب الذي لا يزال شاغراً، وهو يشغل منصب رئيس جهاز متابعة الأداء الحكومي بدرجة وزير، ولم يسبق له تقلد مناصب حكومية رفيعة بخلاف الأسماء المطروحة، ويعود إليه الفضل في تطوير الجهاز المركزي.
صباح الخالد الصباح
ثمة اسم لا يستبعده الكويتيون، وهو رئيس الحكومة السابق الشيخ صباح الخالد الصباح (70 سنة)، وتولى منصب وزير الخارجية (2011–2019) كما شغل مناصب سياسية ودبلوماسية، وترأس جهاز الأمن الوطني، وعين وزيراً للإعلام، وكان في فترة سابقة سفير الكويت لدى السعودية.
طلال الخالد الصباح
ويعد الشيخ طلال الخالد الصباح وزير الداخلية الكويتية الحالي (57 سنة) أحد أبرز المرشحين وهو من أهم وزراء الداخلية في دولة الكويت، إذ اتسمت سياسته بالحزم وله شعبية في الشارع الكويتي لإنجازاته على المستوى الأمني، وكان قد شغل مناصب رفيعة سابقاً من بينها وزير الدفاع، وترأس لسنوات طويلة شركة نفط الكويت.
توارث الإمارة
يتساءل الخبير الدستوري محمد الفيلي “بأي أداة يتم تنظيم ولاية العهد بقرار من الأمير أم بالقانون؟”، قبل أن يجيب في تصريحه لـ “اندبندنت عربية”، “عندما تؤول الأمور للقانون، فإنه يصدر بموافقة نواب الأمة، ومن ثم تصديقه من الأمير، وأُخِذ بهذا التوجه باعتبار أننا لسنا بقضية أسرية هي قضية تتصل بشؤون الدولة”.
ويضيف الفيلي “بعض آليات قانون تعارض الإمارة، والذي له صفة الدستور يعتبر امتداداً لتراث دستوري قديم لنص ورد في وثيقة دستورية صادرة عام 1921، وإذا ما انطلقنا لعرض الآلية فخلال عام من تولي الأمير يرشح بإرادته المنفردة تحت مسمى “التزكية” كشخص تتوافر فيه الصفات المقررة في الدستور”.
وبحسب الفيلي “يتردد أن النسخة الأولى من قانون توارث الإمارة كان يحدد فيها رأي العائلة الحاكمة، لكن لم يرد هذا الدور في النسخة النهائية من القانون، وأن الدور يعود إلى الأمير”.
وبشأن المنصب الذي يسعى إليه العشرات من كبار أفراد أسرة الصباح الحاكمة، وعلى رغم تردد الأسماء السبعة، إلا أن ثمة مراقبين يعتقدون أن الخروج عنها أمر لا يستبعد، بخاصة وأن شخصية الأمير الحازمة قد تزج بأسماء تنتمي للجيل الشاب تمهيداً لتسليم قيادة بلد الأربعة ملايين ونصف نسمة، والذي تشكل نسبة الشباب فيه 74 في المئة، وفقاً لآخر إحصائية في يناير (كانون الثاني) 2023.