بعد خمس سنوات من القطيعة وافقت إسرائيل وتركيا على إعادة المياه لمجاريها بعد الاتفاق على وثيقة تفاهم تشمل أغلبية نقاط الخلاف وفقا لمصادر إسرائيلية، وسط تساؤلات عن مصير حصار غزة الذي كانت أنقره تشترط إنهاءه.
وبموجب وثيقة التفاهم، فإن مصادر في إسرائيل تقول إنها ستعوض ذوي ضحايا العدوان على سفينة مرمرة التركية بعشرين مليون دولار، وبالمقابل تحظر أنقرة نشاط الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في أراضيها.
ومع أن المطلب التركي التقليدي برفع الحصار عن غزة ما زال محط خلاف بين الطرفين فإن القناة الإسرائيلية العاشرة ذكرت الاثنين وفقا لمصادر محلية أن هناك مقترحات مختلفة لتسوية موضوع الحصار السياسي المضروب على غزة منذ 2007.
وأوضحت القناة أن الطرفين اتفقا على عدة نقاط، وهي التعويض المالي للأتراك وتجديد العلاقات الدبلوماسية الكاملة وتشريع البرلمان التركي قانونا يلغي الدعاوى القضائية ضد ضباط وجنود إسرائيليين، إضافة إلى تعهد تركيا بطرد القيادي في حماس صالح العاروري من إسطنبول وتقييد نشاط الحركة في تركيا.
وبعد ذلك ستفحص الدولتان -بموجب الاتفاق- إمكانيات التعاون في مجال الغاز الطبيعي وابتياعه من إسرائيل من خلال مد خط معدني يوصله عبر الأراضي التركية لأوروبا أيضا.
استيراد الغاز
وبارك وزير الطاقة يوفال شطاينتس التفاهمات، واعتبر أن اكتشاف إسرائيل للغاز قد ساهم جدا في التقارب بين تل أبيب وأنقرة المعنية جدا باستيراده.
كما يرجح نحمان شاي (المعسكر الصهيوني) عضو الكنيست وعضو لجنة الخارجية والأمن البرلمانية أن تستعيد تركيا وإسرائيل كامل علاقاتهما الدبلوماسية قريبا.
لكن شاي يؤكد في رده على سؤال لـلجزيرة نت أن التحولات الكبيرة في الشرق الأوسط دفعت تركيا وإسرائيل إلى التفاهم، بالإضافة للمصلحة المشتركة الكامنة في الغاز الطبيعي، مضيفا أنه “في ما يتعلق بغزة أتوقع أن يتم الاتفاق على سلة تسهيلات مهمة لغزة بدلا من رفع الحصار فورا”.
وفي ذلك يتفق شاي مع مسؤول سياسي إسرائيلي أكد أن مطلب تركيا برفع الحصار عن غزة هو الأكثر إشكالية بالنسبة لإسرائيل كونه نقطة الخلاف الأساسية بين البلدين.
وقال المسؤول الإسرائيلي -لم يفصح عن هويته- لإذاعة الجيش اليوم إن إسرائيل لا تنوي رفع الحصار البحري عن القطاع، وهي معنية بفحص احتمال أن تكتفي تركيا بخطوات أخرى لتخفيف الحصار.
بنود مخفية
ولم يفاجأ سفير إسرائيل الأسبق في أنقرة ألون ليئيل بالتفاهم مع تركيا بشأن مسألة مرمرة بعد اعتذار سابق لها، ويرجح أن هناك بنودا لم تكشف بوضوح تتعلق بمستقبل الحصار على غزة، معتبرا أن ضغوط حركة حماس على أنقرة من شأنها الدفع نحو إعادة النظر في حجم وشدة الحصار.
وردا على سؤال للجزيرة نت يرى ليئيل أن المركب الأهم والمفاجئ بل والدراماتيكي في التفاهمات المعلنة هو بدء مفاوضات بشأن مد خط غاز من إسرائيل إلى تركيا.
ويؤكد أن الدولتين بحاجة لصفقة الغاز بعد تردي علاقات تركيا مع روسيا التي تزودها حتى الآن بـ60% من الغاز المستورد، وحاجة إسرائيل إلى حل لمشكلة تصريف كميات الغاز الكبيرة التي اكتشفتها في عرض البحر.
ولذا يرجح ليئيل أن تتوصل إسرائيل وتركيا لتفاهمات سريعة تعيد المياه إلى مجاريها على أساس مصالح اقتصادية وسياسية مشتركة حقيقية.
بالمقابل، حذر وزير الخارجية السابق النائب أفيغدور ليبرمان من أن الاتفاق مع تركيا سيلحق ضررا سياسيا بإسرائيل، واصفا إياه بالانتهازي وغير الحكيم.
ويخشى ليبرمان أن يمس الاتفاق مع تركيا بعلاقات إسرائيل وروسيا واليونان وقبرص ومصر، وأضاف في صفحته على فيسبوك “يصعب علي رؤية أردوغان يتخلى عن مطالبه بشأن غزة، وكل موطئ قدم لتركيا هناك سيأتي على حساب مصر”.
لكن وزير الخارجية الأسبق يوسي بيلين أشاد بالاتفاق، وقال للجزيرة نت إن تركيا دولة كبرى سكانها مسلمون، وهي عضوة في حلف شمال الأطلسي، و”لدينا أعداء مشتركون وهذا يعني أن للاتفاق معها أهمية إستراتيجية”.
وديع عواده
الجزيرة نت