عسكريو إيران بسوريا.. حدود النفي والتبرير

عسكريو إيران بسوريا.. حدود النفي والتبرير

fba009bf-1850-4730-9e33-d0c379a3f6dc

خرج العميد حسين سلامي نائب القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني لينفي تقليص وجود “مستشارين عسكريين إيرانيين” في الأراضي السورية، ضاربا بعرض الحائط أنباء تحدثت عن شروع إيران في سحب قوات النخبة من سوريا. وتحدث سلامي نفسه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن “أربعة مستويات لدور إيران من الناحية العسكرية في سوريا، المستوى الأول هو المستوى الإستراتيجي، والمستوى العملاني والمستوى التكتيكي، والمستوى الأخير هو التقني والمتعلق بتوفير المعدات والتدريب لعمليات الصيانة والتصليح ذات الصلة”. واللافت أنه رغم إحصائية لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى تشير إلى مقتل 113 إيرانيا بسوريا، ومعلومات نقلتها وكالة أسوشيتد برس الأميركية عن مسؤول إقليمي أن هناك حاليا نحو 1500 عنصر من الحرس الثوري الإيراني بسوريا، تصر طهران على نفي مشاركة قواتها بالمعارك هناك، مؤكدة أن وجودها العسكري يقتصر على عمل مستشارين عسكريين. ومنذ بداية الثورة السورية عام 2011، قام النظام الإيراني بـ”جهد واسع النطاق، مكلف ومتكامل للحفاظ على بقاء نظام الأسد في السلطة لأطول فترة ممكنة”، وقد تعددت أوجه مساعدة النظام وقواته على الأرض، بدءا بتقديم أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية المشورة ومساعدة قوات الجيش السوري.

وطبقا لدراسة نشرها معهد دراسات الحرب الأميركي، فإن هذه الجهود تحوّلت في مرحلة ثانية إلى مهمة تدريب مشاة باستخدام فيلق الحرس الثوري الإيراني، في مؤشر على ما أسمته “التوسع الملحوظ واللافت لجهة استعداد إيران وقدرتها على استعراض قوتها العسكرية خارج حدودها”. وعلى عكس الإنكار الرسمي، يسرب الإعلام الإيراني معلومات عن عدد قتلى الجنود الإيرانيين الذين يسقطون في سوريا. وكانت وكالة فارس كشفت الشهر الماضي مقتل عسكريين إيرانيين خلال اشتباكات مع المعارضة المسلحة، مما يرفع عدد قتلى العسكريين الإيرانيين إلى 45 خلال الفترة الأخيرة. وأوضحت الوكالة أن عسكرياً من الحرس الثوري وآخر من قوات التعبئة (باسيج) قتلا خلال اشتباكات مع من وصفتهم بالإرهابيين، دون أن تذكر مكان وظروف مقتلهما. وسبق أن أفادت وسائل إعلام إيرانية في الخامس من الشهر الماضي بمقتل اثنين من ضباط الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى عضو في الباسيج خلال معارك مع المعارضة السورية المسلحة قرب حلب. وكان الإعلام الإيراني يتحدث قليلا عن مشاركة بلاده العسكرية لدعم حكومة بشار الأسد، لكن مع مشاركة المقاتلين الإيرانيين في الهجوم الذي تشنه روسيا ضد الثوار، أصبح لدى قادة طهران سبب لإعطاء مزيد من التفاصيل عن مشاركة بلدهم في القتال بسوريا.

فخر واستعراض
ويقول الخبير في الشأن الإيراني بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن علي ألفونة إن “القادة الإيرانيين باتوا فخورين بمشاركة بلادهم في القتال بسوريا ويريدون إظهار ذلك”، مضيفا أنه ومنذ أصبحت القوات الإيرانية مشاركة بشكل متزايد في الصراع عام 2013 كان يسقط منهم نحو عشرة قتلى شهريا، لكن عدد القتلى ارتفع فجأة بعد بدء الحملة الجوية الروسية نهاية سبتمبر/أيلول الماضي”.وأضاف أن “إيران ربما تحاول من وراء الإعلان عن قتلاها في سوريا عدم ترك روسيا تهيمن وحدها على العناوين بشأن المشاركة في الحرب بسوريا”.وتوقع الباحث في الجماعات الشيعية المسلحة بجامعة مريلاند الأميركية فيليب سميث أن “يكون عدد المقاتلين الإيرانيين بسوريا أكثر من ألفين، وربما يشاركون بشكل متزايد في قتال مباشر ضمن الهجوم الروسي، وهو ما يفسر السبب في زيادة أعداد القتلى”. ورأى موقع ميديا برات الفرنسي أن “الخسائر التي لا تحصى لقوات الحرس الثوري الإيراني منذ ثلاثة أشهر تعد شاهدا على الفشل الذريع لإستراتيجية طهران في إنقاذ الأسد”.

تضحيات جسام
وأضاف “في الحقيقة فإن التضحيات الجسام التي قدّمتها طهران، لم تحقق انفراجة حقيقية في الحرب مع قوات المعارضة، فبدلا من ذلك تمّكن الجيش الحر وحلفاؤه من التألق على الأرض على الرغم من الضربة القوية للغاية”.أما الباحث الإيراني المتخصص بالشؤون الإقليمية حسين رويوَران فنفى أن تكون إيران قد أنكرت في السابق مشاركة مليشياتها في المعارك الدائرة في سوريا. ولفت إلى أن الاستشارات العسكرية للضباط الإيرانيين تقدم على جبهات القتال وليس بالغرف المغلقة، مضيفا أن قرار النظام السوري توسيع جبهات القتال في حمص وحماة وحلب أدى لسقوط عدد متزايد من المقاتلين الإيرانيين.

أحمد السباعي

الجزيرة نت