وشملت المعركة، التي بدأت فجر الثلاثاء الماضي، ضمن خطتها، قطع الاتصالات والكهرباء عن المدينة، وهو ما تسبب بعدم ورود الأنباء الموثوقة للنازحين من أرض الحدث، كما كان الحال قبل أيام من بدء المعركة.
لكن أخبار انتصارات القوات العراقية توالت من خلال القنوات الإعلامية الرسمية، الأمر الذي رفع الأمل عند النازحين. ويقول فاضل عباس العلواني إن “لا حديث لنا سوى المعركة، ومحاولة معرفة آخر تطوراتها”.
وأضاف العلواني، وهو نازح من الرمادي ويقيم في مخيم السلام ببغداد، أن “الجميع هنا لا يتوقف عن الدعاء بتحرير مدينتنا. في أحيان كثيرة تجد النازحين يجهشون بالبكاء وهم يتلقون بشرى عبر التلفزيون الرسمي، تفيد بتقدم القوات العراقية وانهيار (داعش)“، لافتاً في حديثه لـ”العربي الجديد”، إلى أن جميع النازحين يستعدون للعودة بمجرد إعلان تحرير مدينتهم.
وتتميّز الرمادي بمساحة واسعة، جعلت من أحيائها مترامية بعيدة وأخرى متقاربة، تتخلل بعضها المناطق الزراعية والبساتين، فيما يشق نهر الفرات المدينة إلى قسمين، جميع هذه العوامل صعّبت السيطرة عليها من قبل القوات العراقية دفعة واحدة، وهو ما يؤكّده سكانها النازحون.
ويشير حازم شعلان، وهو مقاتل سابق في صفوف مجالس الإسناد، التي تشكلت في أواخر عام 2006 ونجحت في مهمتها بالقضاء على وجود تنظيم “القاعدة” في الأنبار حينها، إلى أن التأخر في تحرير المدينة هو ما جعلها عصية كل هذا الوقت.
ويعاني شعلان من إعاقة تعرّض لها خلال المعارك مع تنظيم “القاعدة”، وأكد أنها حالت دون وجوده مع مقاتلي محافظته لاستردادها من “داعش”. ويقول لـ”العربي الجديد”، إن “عناصر داعش استفادوا كثيراً من عامل الوقت الذي أتاح لهم بناء دفاعات وتحصينات داخل الأنبار، وإدخال كميات كبيرة من المتفجرات بغرض التفخيخ الذي يعتمدون عليه في معاركهم”.
ويلفت إلى أن “من البديهي عدم إعطاء نتائج حقيقية لما يدور في أرض المعركة، لكننا لا نستطيع الصبر أكثر. الجميع يتمنون العودة إلى بيوتهم”، مشيراً إلى أن “الأخبار انقطعت من داخل الرمادي، وكنا قبل بدء المعركة نستطيع الاتصال هاتفياً بأقاربنا وأصدقائنا هناك لنطمئن على أوضاعهم”.
وبحسب شعلان، فإن الجميع بات يعتمد على وسائل الإعلام للحصول على المعلومات مع انقطاع الاتصال، مضيفاً “وهي ليست موثوقة، خصوصاً وسائل الإعلام الحكومية التي تعتمد رفع المعنويات من خلال نشر أخبار انتصارات الجيش وسيطرته على المدينة”.
أم رياض، نذرت أن تنحر عشرات الذبائح وتلوّن بدمائها دبابات القوات العراقية عند تحرير المدينة، مؤكدة لـ”العربي الجديد”، أنها على الرغم من عدم قدرتها حالياً على شراء رغيف خبز، بعد مقتل زوجها على يد “داعش”، وهروبها بأطفالها إلى أربيل (شمال العراق)، فإنها ستبيع قطعة أرض “أملكها حين أعود لداري في الرمادي بعد تحريرها، وأوفي بنذري”.
لكن الإحباط لا يزال يرافق العوائل النازحة، كلما تأخر موعد “بشرى التحرير”، وفق قولهم، وهو ما يؤكده نايف الجنابي، ويقول لـ”العربي الجديد”، إن “عناصر داعش يملكون دهاءً ومكراً لا نظير لهما. رأيتهم في مرات كثيرة قبل هروبي من الرمادي كيف يحتالون على الناس لكسب ودهم، وكيف ينشرون الدعايات بين الناس وغايتهم أن تصل إلى القوات العراقية لتضليلها”.
ويبيّن أن “داعش خطط في أول أيام سيطرته على المدينة، كيف يحمي عناصره، وكيف يواجه القوات العراقية عند مهاجمته؛ لقد حوّل داخل المدينة إلى خطوط دفاعية، وبنى مسالك للتحرك والهروب، وهذا ما يدعو للقلق”. ويستطرد قائلاً: “ليس أمامنا هنا في مخيمات النزوح سوى الصبر والدعاء. لقد عانينا كثيراً، لا سيما الأطفال والنساء وكبار السن، والحال يزداد سوءاً في المخيمات”.
آدم محمود
صحيفة العربي الجديد