أنقرة – تتزايد رهانات المسؤولين الأتراك على قيام المستثمرين الأجانب بضخ المزيد من رؤوس الأموال إلى السوق المحلية هذا العام بما يسهم في دفع عجلة النمو خاصة مع التحول في السياسات الاقتصادية.
وتشكل تلميحات رئيس مكتب الاستثمار بالرئاسة التركية براق داغلي أوغلو بأن ثمة إشارات إيجابية بشأن زيادة تدفق الاستثمارات الدولية المباشرة إلى بلاده في 2024 إحدى العلامات التي تعلق عليها أنقرة آمالا كبيرة لإنجاح خطط الإصلاح.
ونقلت وكالة الأناضول عن داغلي أوغلو قوله الثلاثاء إن “الاقتصاد التركي دشن عام 2024 بإشارات إيجابية رغم الظروف الصعبة على مستوى الاقتصاد العالمي”.
وأضاف “نلاحظ زيادة اهتمام المستثمرين باجتماعاتنا، نتلقى إشارات إيجابية بشأن زيادة الاستثمارات، ونتوقع ارتفاع وتيرتها خلال الأشهر المقبلة”.
وأشار إلى أن الدول الأوروبية والخليجية تتصدر الاستثمارات الدولية المباشرة في تركيا وأن “زيادة التعاون مع منطقة الخليج انعكست إيجابا على الاستثمارات”.
وبلغت الاستثمارات الدولية المباشرة في تركيا العام الماضي 10.6 مليار دولار، وقد تصدرت هولندا وألمانيا والإمارات وقطر وروسيا وفرنسا وبريطانيا وأيرلندا والولايات المتحدة وسويسرا تلك الاستثمارات.
ولفت داغلي أوغلو إلى أن قطاع الصناعات التحويلية كان الأكثر جذبا للاستثمارات الدولية المباشرة بحصة 30.7 في المئة خلال العام الماضي.
وجاء قطاع تجارة الجملة والتجزئة في المرتبة الثانية بحصة 17.6 في المئة، فيما حل قطاع أنشطة التمويل والتأمين في المرتبتين الثانية والثالثة بنحو 10.7 في المئة.
وشهدت الاستثمارات على المستوى العالمي تراجعا خلال العام الماضي بسبب تشديد البنوك المركزية سياساتها النقدية إضافة إلى التطورات الجيوسياسية.
وقال المسؤول التركي إن “العديد من الاقتصادات الصاعدة خلال 2023 شهدت انخفاضا في الاستثمارات الدولية المباشرة بنسبة تتراوح بين 20 و80 في المئة مقارنة بالعام السابق، لكن مع بداية 2024، ظهرت بوادر انتعاش في الاستثمارات الدولية”.
ولم يعد يشعر المستثمرون الذين باتوا متفائلين إزاء تركيا في الآونة الأخيرة، بالانزعاج من مغادرة محافظة البنك المركزي حفيظة إركان بشكل مفاجئ، ما يظهر ثقتهم في ضمان الرئيس رجب طيب أردوغان بأن التحول إلى السياسات النقدية الداعمة للسوق سيستمر.
وفي الماضي، أدت التغييرات المفاجئة في البنك المركزي إلى تأجيج فترات من الضغوط المالية، لكن المستثمرين يرون أن الوضع هذه المرة مختلف ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى مؤهلات المحافظ الجديد فاتح كاراهان.
وشدد كاراهان الأسبوع الماضي على أن سياسة التشديد النقدي ستستمر إلى حين تسجيل انخفاض بمعدلات التضخم إلى مستوى يتوافق مع الأهداف، مؤكدا أنه لن يسمح بأي تدهور في توقعات التضخم.
ويعتقد إيفرين كيريك أوغلو، مؤسس شركة أوركا ماكرو، بأن الاستعاضة عن أركان، التي تضررت مصداقيتها بسبب مشكلات شخصية، وتعيين خبير اقتصادي سابق في بنك الاحتياطي الفيدرالي مكانها، ستؤثر بشكل إيجابي على الليرة على المدى المتوسط.
وقال لوكالة بلومبرغ “أرى الآن أن المزيد من رفع أسعار الفائدة أمر محتمل للحفاظ على مصداقية البنك المركزي، وهو أمر إيجابي أيضا لليرة”.
وفي عام 2021، أدت إقالة المحافظ آنذاك ناجي إقبال، إلى انخفاض الليرة 13 في المئة خلال الأسبوعين التاليين، إلى جانب قفزة بنحو 60 في المئة في تكلفة تأمين ديون الحكومة التركية ضد احتمال التخلف عن السداد.
10.6 مليار دولار حجم رؤوس الأموال الخارجية في 2023 بما في ذلك الإماراتية والقطرية
واستعبد باتوخان أوزشاهين، كبير مسؤولي الاستثمار لدى أتا بورتفوي في إسطنبول، أن تنظر السوق إلى ما حدث على أنه تكرار للإطاحة بإقبال، وسيركز المشاركون في السوق على الرسائل المتعلقة باستمرار السياسة النقدية المتشددة.
ومنذ أن تولت أركان ووزير المالية محمد شيمشك، وكلاهما مصرفيان سابقان في وول ستريت، مهام وظيفتيهما العام الماضي، فقدت الليرة نحو 30 في المئة من قيمتها مقابل الدولار.
وتدهورت العملة المحلية بعد قرارهما التراجع عن سياسة التدخل المكلفة التي دفعت احتياطي البلاد من النقد الأجنبي إلى مستويات سلبية للغاية، وأعاقت المستثمرين الأجانب، وفي النهاية لم تساعد في دعم العملة.
ومع ذلك، انخفضت تكلفة التأمين على الديون السيادية التركية ضد العجز عن السداد باستخدام مقايضات العجز الائتماني لأجل خمس سنوات إلى أقل من 300 نقطة أساس كما في نهاية العام الماضي، من أكثر من 700 نقطة أساس في مايو 2023.
كما انخفض العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون للاحتفاظ بسندات البلاد، فوق سندات الخزانة الأميركية بنفس المقدار تقريبا، وفقا لمؤشرات بنك الاستثمار الأميركي جي.بي مورغان.
وفي الوقت نفسه، زاد المستثمرون الأجانب شراء الحصص في سوق الأسهم المحلية بنحو 10 مليارات دولار إلى أكثر من 32 مليار دولار.
كما ارتفعت حيازة الأجانب من السندات بالعملة المحلية، إلى مستوى متواضع بلغ 2.8 مليار دولار، بعد أن اقتربت من الصفر قبل تولي أركان وشيمشك مهام منصبيهما.
ولا يزال هذا المستوى بعيدا كل البعد عما كان عليه قبل عقد من الزمن، عندما بلغت قيمة حصص المستثمرين الأجانب أكثر من 70 مليار دولار.
العرب