لعبت مجموعة من العوامل مثل الجغرافيا والدين والمخاوف في شأن السلامة الإقليمية والتجارب السابقة والرغبة في التفوق الإقليمي وتدخل القوى العالمية والديناميكيات في السياسية الداخلية وثروات الموارد، دوراً حاسماً في تشكيل السياسة الخارجية لإيران.
ووفقاً للدستور الإيراني فسلطة المرشد الأعلى بعيدة المدى وتمتد لكل مستوى تقريباً من مستويات عملية صنع القرار ومؤسساته، إذ يتولى اتخاذ القرارات النهائية في شأن التوجهات الأساس للسياسة للخارجية وقضاياها الرئيسة، مثل العلاقات مع الولايات المتحدة وموقف طهران من الصراع العربي – الإسرائيلي والملف النووي.
ومع ذلك تعد عملية صنع القرار معقدة لتفاعل عدد من العوامل ومنها التنافس بين الفصائل المختلفة، إذ تحاول كل قوى وجهات النظر التأثير في المرشد الأعلى، كما أن الأوضاع المتغيرة تتطلب إعادة تقييم دوري للسياسات حتى في النظام السياسي الأيديولوجي مثل إيران.
وفي أعقاب الحرب العراقية – الإيرانية بدأ القادة في إيران في تنفيذ نهج أكثر عقلانية وبراغماتية، وأسهمت الاعتبارات الاقتصادية والرغبة في بناء الدولة في الدافع للتعاون مع الشركاء والحلفاء الدوليين على حساب سياسة الخميني الخارجية، الأكثر انعزالية وثورية.
ومع مجيء حسن روحاني وعد بحل النزاع النووي سلمياً والأزمة الاقتصادية الناجمة عنه، وقد صورت إدارته على أنها براغماتية، ونظر ناخبوه وقطاعات كبيرة من المجتمع الدولي إلى رئاسته باعتبارها لحظة تغيير رئيسة في إيران ما بعد الثورة، وبالفعل نجحت الإدارة في إتمام خطة العمل الشاملة المشتركة مع الغرب، ولم يكن الاتفاق ليتم لولا ضوء أخضر من المرشد الإيراني.
في أبريل (نيسان) 2021 سربت مقابلة مسجلة مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، كشف فيها عن نقاط مثيرة للجدل تشير إلى وجود صراع على السلطة داخل النظام السياسي حول صنع السياسة الخارجية، ويبدو أن هذه التصريحات أكدت بعض التكهنات السابقة حول درجة تأثير وزارة الخارجية في اتخاذ قرارات السياسة الخارجية.
وسلط ظريف الضوء على قوة “الحرس الثوري” الإيراني في السيطرة على وزارة الخارجية وتقويضها، وادعى أنه خلال مناسبات عدة تم التنازل عن الدبلوماسية، أي مسارات وزارة الخارجية، لمصلحة انتهاج إستراتيجيات يتبعها “الحرس الثوري”.
وتأتي تصريحات علي خامنئي بأنه لا يوجد أي مكان في العالم تكون سياسته الخارجية نتاج صياغة وزارة الخارجية، وأن الجهاز الدبلوماسي مجرد منفذ للقرارات التي تتخذ على المستويات العليا، وهنا أعاد الجدل بين ظريف وخامنئي إشعال الجدل حول من يدير السياسة الخارجية الإيرانية، وهو ما كان موضوع نزاع عام في إيران.