تضرب إسرائيل أهدافاً إيرانية في طول بلاد الشام وبلاد الرافدين منذ سنين من دون رادع سوى تصريحات متكررة من القادة السوريين والإيرانيين بأن محور المقاومة سيختار الوقت والزمان المناسبين للرد على العدوان الإسرائيلي، حتى جاء الهجوم الجوي الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من هذا الشهر والذي أدى إلى مقتل سبعة من أهم قادة الحرس الثوري الإيراني في المشروع الإيراني لبلاد الشام.
وهنا ثلاث ملاحظات تفرض نفسها، الأولى أن إسرائيل كعادتها لا تعلن أنها وراء الهجمات ولا تعلق عليها وهذا ديدن للسياسة الإسرائيلية، والثانية أن ثمة تساؤلاً حول الطبيعة الدبلوماسية والعسكرية للبعثات الدبلوماسية الإيرانية، فالسؤال هو لماذا اجتمعت القيادات العسكرية والاستخباراتية المهمة في مبنى دبلوماسي يفترض أنه محمي بالقانون الدولي للبعثات الدبلوماسية؟ وكيف تم اختراق ومعرفة توقيت ومكان هذا الاجتماع الأمني الحساس؟. أما الثالثة فهي غريبة الغرائب، وهي الإعلان الإيراني عن هجومها وتوقيته ومحدوديته وإيصال ذلك إلى أميركا تجنباً لاتساع نطاق المواجهة. وهو كلام قاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إن إيران أبلغته عبر وسطاء بأنهم سيضربون قاعدة أميركية محددة في العراق وفي وقت محدد انتقاماً لاغتيال قاسم سليماني. لم يصدقه كثيرون، حتى جاء الهجوم الإيراني المعلن ليلة السبت الماضي، فاتضحت الصورة.
المصادر الإسرائيلية والغربية عموماً تؤكد أن إسرائيل تحضر لضربة انتقامية للهجوم الإيراني عليها السبت الماضي على رغم أنه لم يخلف قتلى ولا خسائر تذكر وفق المصادر الإسرائيلية. أما المصادر الرسمية الإيرانية، فقالت إنها قتلت 44 ضابطاً إسرائيلياً كانوا مجتمعين بقاعدة جوية إسرائيلية في صحراء النقب. وللمتابع أن يختار أي الروايتين يصدق!.
من بين من أكدوا أن الرد الإسرائيلي على إيران آتٍ لا محالة هو وزير الخارجية البريطاني اللورد ديفيد كاميرون، فصرح بعد لقائه المسؤولين الإسرائيليين تصريحاً غريباً لم أفهمه على رغم تخصصي في اللغويات الإنجليزية، إذ قال كاميرون إن الإسرائيليين “اتخذوا قراراً بالرد، ونتمنى أن يردوا بطريقة لا تصعد المواجهة بكل طريقة ممكنة وبطريقة تكون SMART وقاسية”. وهنا توقفت عند معنى كلمة “سمارت”، فهي باللهجة الأميركية تعني “ذكياً” ولماحاً، لكنها باللهجة البريطانية التي يتكلمها اللورد كاميرون تعني “حسن الهندام والمظهر”، مما نسميه بالخليجي “كشخه”. فأي المعنيين قصد السيد كاميرون، الذكاء؟ أي القنابل والصواريخ الذكية، أم رد “كشخه” للمظهر والتظاهر بأنهم ردوا على الهجوم الإيراني من دون أذى يذكر؟.
توقفت عند استخدام كلمة “سمارت” هنا لأفهم معناها، واستغربت استخدامها في هذا السياق من خطيب مفوه مثل كاميرون يعرف ويعي ما يقول. وبغض النظر عما عناه كاميرون بقوله “رداً سمارت”، فألحق الكلمة بأن يكون الرد “قاسياً” (TOUGH) مما يفسر معنى “سمارت” بأن المقصود هو الضرب القاسي الذي لا يظهر على البدن والذي يسميه البدو “ضربه ضرب داب”، أي أنه ضربه كضرب الثعبان الذي نادراً ما يسيل دمه من الضرب.
نحن في المنطقة العربية لا نتمنى أن تشتعل حرباً بين أي من الأطراف الإقليمية لأننا ندرك أننا لن نكون بمأمن من نيرانها، ولذلك نتمنى على جميع الأطراف أن تتصرف بطريقة “سمارت” لكن بالمعنى الأميركي للكلمة.