ماذا يحمل 2016 لصناعة النفط والغاز؟

ماذا يحمل 2016 لصناعة النفط والغاز؟

4925843_640

تعتبر معادلة العرض والطلب من العوامل الأساسية التي تؤثر في أسعار النفط. لذلك تغير أسعار النفط في عام 2016 سوف يعتمد بشكل رئيس على كيف ستكون عليه توقعات العرض والطلب في العام القادم. المشكلة هنا هي أن محاولة توقع أسعار النفط على أساس توقعات العرض والطلب معقدة للغاية. وتعقيداتها تتأتى من حقيقة أن هناك عددا قليلا من المتغيرات الحيوية التي لها تأثير كبير في توقعات العرض والطلب. من تلك المتغيرات هي؛ التوترات الجيوسياسية، خطوة منظمة أوبك المقبلة، النمو الاقتصادي، جميع هذه المتغيرات في معظم الأحيان لا يمكن التنبؤ بها بصورة دقيقة. بناء عليه – إلى جانب الحقائق والأرقام عن مستوى العرض والطلب الحالي – أخذ هذه المتغيرات بعين الاعتبار هو ضروري في التنبؤ بكيف ستبدو توقعات العرض والطلب في عام 2016.

بغض النظر عن النظرة المتشائمة لأسواق النفط في الوقت الراهن، إلا أن هناك عددا من المؤشرات المهمة التي تخبرنا الكثير عن كيف قد تبدو توقعات العرض والطلب في عام 2016. على جانب العرض، أسواق النفط العالمية لا تزال تشهد فائضا في المعروض، وليس من المتوقع أن تقوم “أوبك” بأي خطوة ما لم تتعاون باقي الدول المنتجة من خارج المنظمة خصوصا الكبيرة منها مثل روسيا. في الواقع، إنتاج “أوبك” الفعلي الحالي يراوح قرب 31.8 مليون برميل في اليوم وهو أكثر من الهدف الرسمي المعلن للمنظمة عند 30 مليون برميل في اليوم. إضافة إلى ذلك، عدد من دول المنظمة مثل إيران، العراق، الإمارات العربية وليبيا تعمل بقوة على زيادة إنتاجها النفطي. على سبيل المثال، إيران تخطط لزيادة إنتاجها من النفط بنحو 0.5 إلى 1.0 مليون برميل في اليوم خلال العام المقبل أو نحو ذلك. ومن الواضح الآن أن “أوبك” تسمح رسميا لأعضائها بزيادة الإنتاج فوق الهدف الرسمي المعلن عند 30 مليون برميل في اليوم.

وبالمثل، البلدان من خارج “أوبك” مثل روسيا تعمل أيضا على زيادة إنتاجها النفطي لتغطية خسائرها بسبب بيئة أسعار النفط المنخفضة الحالية التي تجعل الوضع أسوأ. من ناحية أخرى، من المهم أن نلاحظ أنه بغض النظر عن الانخفاض المستمر في عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة، التي من المفترض أن تكون علامة على انخفاض إنتاج النفط، إلا أن إنتاج النفط الأمريكي لا يتراجع كما كان متوقعا له. ويرجع السبب في ذلك إلى التقنيات المتطورة المستخدمة لزيادة الإنتاج وتعويض أو تأخير تأثير انخفاض عدد منصات الحفر العاملة والتركيز على تشكيلات النفط الصخري عالية الجودة التي يطلق عليها sweet spots.

على جانب العرض، مستوى الطلب العالمي على النفط الحالي وتوقعات نمو الطلب لا تشير إلى أي علامة إيجابية توحي بانتعاش أسعار النفط. ووفقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية الأخير عن حالة الأسواق، من المتوقع أن يتباطأ نمو الطلب العالمي على النفط إلى 1.2 مليون برميل في اليوم في عام 2016، بعد ارتفاعه إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات عند 1.8 مليون برميل في اليوم في عام 2015.

بناء عليه، بما أن عددا من دول “أوبك” ومن خارجها يعمل بقوة على زيادة إنتاج النفط لمواجهة آثار انخفاض أسعار النفط في عائداتهم النفطية، وحقيقة أن الطلب على النفط لا يزال متخلفا عن العرض، توقعات العرض والطلب لعام 2016 تخبرنا بأن بيئة أسعار النفط المنخفضة الحالية مستمرة. لذلك صناعة النفط العالمية في عام 2016 سوف تستمر تعاني تباطؤ الاستهلاك العالمي للنفط الخام وبالتأكيد وفرة في المعروض.

السبيل الوحيد الذي يمكن أن يغير من هذه المعادلة هو ما إذا كان هناك أي تعاون بين المنتجين من داخل “أوبك” ومن خارجها بشأن خفض الإنتاج أو في حال حدوث توترات جيوسياسية في منطقة حساسة مثل الشرق الأوسط وهذا ما لا نأمله. لكن هذا من غير المرجح أن يحدث، حيث إن المنافسة على حصة السوق شرسة جدا وتشمل عديدا من المنتجين حتى من داخل “أوبك” نفسها.

وعليه سوف تستمر صناعة النفط والغاز تعاني في عام 2016 الآثار السلبية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط الحالية، ولكن وقع ذلك سوف يكون أقل حيث إن الصناعة قد تكيفت مع بيئة أسعار النفط المنخفضة. سوف تستمر الصناعة أيضا في تعزيز موقفها، حيث من المتوقع أن نشهد حدوث عديد من عمليات الاندماج والاستحواذ. في الوقت نفسه سوف تشهد أنشطة الاستكشاف والإنتاج العالمية تباطؤا، حيث إن النفقات الرأسمالية قد انخفضت بنحو 20 في المائة حتى الآن ومن المتوقع أن تنخفض أيضا بنحو 11 في المائة في عام 2016.

سوف تستمر مستويات المخزون العالمي من النفط الخام في الارتفاع، سوف يستمر أيضا رفع الدعم الحكومي على أسعار الوقود الأحفوري في أجزاء كثيرة من العالم حيث إن عديدا من البلدان تحاول الاستفادة من انخفاض أسعار النفط الحالي لرفع الدعم. الطلب على النفط سوف يزداد ببطء، لكن هذا سوف تقابله وفرة في الإمدادات ومخزون هائل. سوف تستمر أسعار النفط في مستويات بين 35 و60 دولارا للبرميل ما لم يكن هناك توتر جيوسياسي مفاجئ في مكان ما، أو يتم التوصل إلى اتفاق لخفض الإنتاج بين المنتجين من داخل “أوبك” وخارجها. وهذا ما سوف تخبرنا عنه الأيام.

نعمت أبو الصوف

* نقلا عن صحيفة ” الاقتصادية “