دخلت بنوك في مصر ودول الخليج سباق الاستثمار في السندات وأذون الخزانة عبر حصولها على الترخيص من شركة الإيداع والقيد المركزي، بهدف السماح لها ببيع وشراء أدوات الدين الحكومية بعد رواجها منذ تحرير سعر صرف الجنيه مؤخرا.
القاهرة – اشتدت المنافسة على التداول بسوق أدوات الدين الحكومية لتضم قائمةُ المنافسين بنوكا محلية وكويتية وإماراتية عملاقة تعمل في مصر، لأنها تتيح فرصا كبيرة للنمو، مدعومة بالهيكلة الشاملة والتطور التكنولوجي في أنظمة التداول المرتبط بالسندات وأذون الخزانة.
وكشفت عن ذلك موافقة البورصة المصرية على قبول عضوية نحو 10 بنوك بسجل العضوية كمتعامل غير رئيس، وفقا لقواعد العضوية المعمول بها في سوق الأوراق المالية المحلية.
وضمت قائمة البنوك التي شملتها الموافقة، كلا من بنك الإمارات دبي الإسلامي مصر وبنك الكويت الوطني مصر وبنك فيصل الإسلامي المصري.
وضمت قائمة العضوية الجديدة كمتعامل غير رئيس، بنك التعمير والإسكان وبنك الاستثمار العربي وبنك المؤسسة العربية المصرفية والبنك العقاري المصري العربي.
ويعني قبولُ عضوية تلك البنوك بهذه الصفة إتاحةَ آلية التعامل على أدوات الدين الحكومية، سواء أكانت سندات وأذون الخزانة وأية أوراق أم أدوات حكومية أخرى يُسمح بتداولها في سوق المال.
وجاءت الموافقة على عضوية تلك المصارف كنتيجة لإقبال العديد من البنوك ورغبتها في التعامل على السندات، لأنه تم اختيار المتعاملين الرئيسيين في وقت سابق، لتولي طرح الأوراق المالية الحكومية في السوق الأولية، والعمل كصانع للسوق الثانوية.
وتشمل قائمة المتعاملين الرئيسيين 16 بنكا، بينهم بنوك الأهلي المصري ومصر والقاهرة والتجاري الدولي وكريدي أغريكول وتنمية الصادرات وقطر الوطني.
وتقوم البنوك بالحصول أولا على ترخيص من الشركة المصرية للإيداع والقيد المركزي من أجل مزاولة التداول على السندات وأذون الخزانة.
ومنذ أن سمحت مصر بتداول السندات وأذون الخزانة في البورصة، وضعت شرطا بحصول البنوك على ترخيص من الهيئة العامة للرقابة المالية لممارسة بيع وشراء تلك الأدوات المالية بسوق المال.
ويعزز السباق بين البنوك العاملة بالبلاد تنشيط سوق أدوات الدين وضخ سيولة جديدة ما يٌنعش أحجام التداول في البورصة ويمنحها زخمًا كبيرًا، ما يلفت أنظار المستثمرين الأجانب إليها ويفتح نافذة جديدة لتدفق العملة الأجنبية لمصر.
وأدت أحجام التداول الهزيلة التي سجلتها البورصة في السنوات الماضية لتشويه سمعة الاستثمار بسوق الأوراق المالية على الصعيد العالمي، مع مقارنتها بأسواق المنطقة.
وقال عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للأوراق المالية ياسر عمارة إن “سوق أدوات الدين أصبحت مغرية للتعامل عليها بعد تداولها في البورصة وتعدد الإصدارات الحكومية”.
وأوضح في تصريح لـ”العرب”، أنه لذلك تحرص البنوك على الفوز بعضوية البورصة المصرية لكسب شريحة جديدة من الأفراد، فضلاً عن التمسك بالزبائن الحاليين.
وأكد أنه حال رغبة أي من المتعاملين الأفراد في الاستثمار بالسندات وأذون الخزانة ولم يجد تلك الآلية في البنوك المتاحة بها حساباته المصرفية، سوف يضطر إلى اللجوء لمصارف أخرى، كون التعامل على أدوات الدين لا يتم إلا عبر المؤسسات المصرفية.
وتتم آلية تداول السندات وأذون الخزانة في البورصة عقب الانتهاء من إصدارها من جانب البنك المركزي المصري وقبول العطاءات التي يحددها، حيث تقوم بهذه المهمة وزارة المالية بالنيابة عن المصرف المركزي وتشارك فيها البنوك.
وشهدت السوق المصرية نقلة نوعية في نشاط السندات وأذون الخزانة منذ أن قرر البنك المركزي إسناد إيداع وتسوية أذون وسندات الخزانة إلى الشركة المصرية للإيداع والقيد المركزي التي تم إنشاؤها لهذا الغرض في أواخر سبتمبر الماضي.
وعززت هذه الخطوة من جذب شرائح جديدة من المتعاملين في الأسواق المالية من المستثمرين المحليين والأجانب، وخلقت بيئة تنافسية للوصول إلى التسعير العادل للأوراق المالية الحكومية.
ودفع تقنين تداول السندات وأذون الخزانة ووجود كيان مستقر مثل الشركة المصرية للإيداع التي تتسم بنظام تكنولوجي متطور ولا يعرقل التعاملات مثل النظام الموجود حاليا في شركة مصر للإيداع والقيد والمركزي.
ويعزز انتعاش سوق السندات وأذون الخزانة في مصر من ارتفاع حظوظها ووضعها على الخارطة العالمية والربط المباشر مع أنظمة مؤسسة يوروكلير الأوروبية لتسوية وحفظ أدوات الدين والتي تتيح تسوية الديون مباشرة.
وتعد هذه الخطوة مهمة للغاية لجذب الأجانب والعملة الصعبة، لكن ذلك يتطلب أن تُعفيَ مصر التعاملات على أدوات الدين من الضرائب.
وحال نجحت القاهرة في هذا الربط سوف تجذب شريحة من المستثمرين الإستراتيجيين وليس الأفراد فقط في أدوات الدين المحلية مثل البنوك المركزية العالمية، وتزيد تنافسية سوق الدين المصرية مع استمرار جذب السيولة الأجنبية.
وأشار المحلل الاقتصادي محمد سعيد إلى ارتفاع الطلب على أدوات الدين المصرية بشكل كبير بعد قرار تحرير سعر الصرف في مارس الماضي ورفع سعر الفائدة إلى مستوى قياسي وإن شهدت الفائدة عليها تراجعًا خلال الأسابيع التالية للقرار.
وأكد في تصريح لـ”العرب” إقبال البنوك العاملة بالبلاد بشكل كبير على التعامل في السندات وأذون الخزانة وأن سوق أدوات الدين منتعشة للغاية وتشهد نشاطًا غير مسبوق وطلب كبير مع انخفاض سعر الجنيه وتوقعات بقاء الفائدة مرتفعة.
وعلى الرغم من الإقبال الكبير على الاستثمار في أدوات الدين المصرية، لكن ذلك لا علاقة له بارتفاع الدين الداخلي المصري، لأن هذه خطوات تقوم بها الحكومة التي تُقبل على طرح السندات وأذون الخزانة للحصول على تمويل لتغطية مصروفاتها.
من شأن هذه الخطوة أن تعمل على إتاحة التداول أمام عدد أكبر من المتعاملين مع البنوك، وهم يستثمرون غالبا في ذلك لكثير من الأفراد الذين يقبلون على الاستثمار في هذا النوع من الأوراق المالية، وكل بنك يدخل السوق بالرهان على قاعدة عملائه.
العرب