ميلوني في طرابلس على وقع زيادة التنافس الروسي – الأميركي على ليبيا

ميلوني في طرابلس على وقع زيادة التنافس الروسي – الأميركي على ليبيا

تحمل الزيارة الثانية لجورجيا ميلوني، رئيسة الحكومة الإيطالية إلى ليبيا، مساعي لحلحلة عدد من الملفات المشتركة، لعل أهمها الغاز والهجرة غير النظامية مع حكومتي الشرق والغرب، وسط تنافس “محتدم” بين واشنطن وموسكو لتكريس التواجد في ليبيا.

طرابلس – بدأت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني الثلاثاء زيارة إلى ليبيا حيث التقت رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة في ما ستلتقي لاحقا رئيس الحكومة الموازية في بنغازي أسامة حماد، في حين ينظر محللون إلى الزيارة على أنها تأتي في سياق الاطمئنان على النفوذ الإيطالي في المستعمرة السابقة، لاسيما مع تصاعد التنافس الروسي – الأميركي.

وقال رئيس حزب صوت الشعب فتحي الشبلي “ما يهم ميلوني في السابق واليوم أيضا هو المحافظة على ملفي الطاقة والهجرة. أما مسائل مساعدة الليبيين والتوجه نحو الانتخابات فكلها حجج واهية”.

وأضاف أن “تفسير هذه الزيارة الخاطفة في الوقت الحالي يعود إلى شعور الإيطاليين بأن تأثيرهم في ليبيا بدأ يقل في الوقت الذي يحتدم فيه الصراع بين الروس في شرق ليبيا والأميركيين في غربها”.

وأوضح الشبلي “تبعا لذلك فإن ما يهم ميلوني هو أن تعمل على ضمان استمرار تدفق الغاز الليبي إلى بلادها، والعمل بأي شكل من الأشكال على الحد من الهجرة إلى الشواطئ الإيطالية”، مؤكدا أن “خطورة هذا الموضوع تكمن في السعي الأوروبي والإيطالي تحديدا إلى توطين الأفارقة في ليبيا”.

وتابع أن “الخطير في هذه الزيارة هو توقيع وزراء من الدولتين على إعلان نوايا لتنفيذ خطة ماتي، وهي تسمية اشتقت من عملاق الطاقة الإيطالي إيني أنريكو ماتي والتي عرضتها ميلوني في اجتماع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وفي القمة الإيطالية – الأفريقية التي عقدت مؤخرا والتي اعتبرها الكثير من النقاد والسياسيين عبارة عن صندوق فارغ”.

جورجيا ميلوني ستتوجه إلى بنغازي عاصمة شرق البلاد، حيث ستلتقي بالقائد العام للقوات المسلحة خليفة حفتر

وتزايدت مستويات التنافس بين واشنطن وموسكو في ليبيا، حيث كشفت روسيا عن التشكيل العسكري “فيلق إفريقيا” لتنطلق مجددًا نحو أفريقيا انطلاقا من ليبيا، لتكون قاعدة لفيلق جديد يعيد إحياء قوات فاغنر، وهذا الفيلق هو تشكيل عسكري جديد ترعاه موسكو من أجل استمرار “الدفاع عن مصالحها”، في المقابل كشفت تقارير استخباراتية أنه تم خلال الفترة الماضية رصد أكثر من 5 رحلات جوية عسكرية بين قواعد أميركية في المنطقة الغربية وقاعدة الوطية الجوية.

وتعد هذه الزيارة هي الثانية لميلوني نحو طرابلس، بعدما ترأست في يناير من العام الماضي وفدا رفيع المستوى، وأشرفت مع الدبيبة على توقيع مؤسسة النفط الليبية وشركة “إيني” الإيطالية عقدا بقيمة 8 مليارات دولار لغرض الاستثمار في حقلي غاز بحريين، سيضيفان قرابة 800 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا إلى السلة الليبية.

ومنذ أيام، أعربت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا عن استعدادها لعقد اجتماع في باريس لبحث مسار الأزمة الليبية، في ظل اتساع دائرة النفوذ الروسي داخل ليبيا وبعض الدول الأفريقية.

والتقت ميلوني المرفوقة بوفد وزاري بعد وصولها، برئيس حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس.

وأفاد بيان صادر عن مكتب إعلام حكومة طرابلس بأن “الجانبين عقدا اجتماعا موسعا، ضم وزراء الصحة والتعليم العالي والنفط والغاز والرياضة من الجانب الليبي، والجامعات والبحث العلمي والشباب والرياضة والصحة من الجانب الإيطالي”.

• حلقة جديدة من سلسلة الأزمة الليبية

وتمت خلال الاجتماع مناقشة أوجه التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والاقتصاد والبحث العلمي والصحة وملفات أخرى مشتركة، كما تم توقيع مذكرات تفاهم للتعاون بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الليبية ووزارة الجامعات والبحث العلمي الإيطالية، واتفاقية بين وزارتي الصحة بالبلدين، وأخرى بين وزارة الرياضة الليبية ووزارة الشباب والرياضة الإيطالية.

وعقد الدبيبة وميلوني اجتماعا ثنائيا لمناقشة عدد من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، كان أهمها ضرورة دعم جهود الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، وفق قوانين عادلة، والجهود المبذولة بين البلدين في مكافحة الهجرة غير النظامية، إضافة إلى ذلك فقد تم الاتفاق على عقد المنتدى الاقتصادي الإيطالي – الليبي في نهاية أكتوبر المقبل بالعاصمة طرابلس لدعم القطاع الخاص بالبلدين.

ومن المقرر أن تتوجه ميلوني عقب زيارتها السريعة إلى بنغازي ثاني المدن الليبية وعاصمة شرق البلاد، حيث ستلتقي بالقائد العام للقوات المسلحة في الشرق المشير خليفة حفتر، بحسب بعض المصادر الإعلامية.

وخلال زيارتها الأولى إلى ليبيا في نهاية يناير 2023، أبرمت ميلوني اتفاقية غاز كبيرة مع الدولة الواقعة في شمال أفريقيا وتمتلك أكبر احتياطيات هيدروكربونية في القارة.

وتعتبر إدارة الرئيس جو بايدن أن الوجود الدبلوماسي الأميركي في ليبيا يكتسي أهمية بالغة للمساعدة في مواجهة التمدد الروسي المتزايد في أفريقيا وكذلك دعم الحملة التي تقودها الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات.

وترى أوساط سياسية أن أبرز العواصم الغربية تعمل على تحويل المواقف الإقليمية لمواجهة النفوذ الروسي المتفاقم في شرق وجنوب ليبيا، وذلك عبر فتح قنوات للحوار بشأن هذا الملف مع عدد من العواصم كالجزائر والقاهرة وأنقرة.

وتستمر فرنسا في محاولات الدفع بخطة لتشكيل وحدات مشتركة لتأمين الحدود مع رئيسي الأركان العامة في الشرق والغرب بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، إلى جانب ضم ضباط من اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” بهدف الوصول إلى جيش موحد.

كما تدافع باريس على تفعيل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي كانت قد حققت عددا من الأهداف المهمة قبل أن تتعرض لعراقيل من قبل قوى إقليمية ودولية ترى أن من الأفضل لمصالحها بقاء الوضع في ليبيا على ما هو عليه.

العرب