أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اليوم الخميس عطلة وطنية احتفالا باستعادة السيطرة على الرمادي. وكان العبادي رفع يوم الثلاثاء علم العراق على مبنى حكومي في المدينة التي تقع على بعد 100 كلم غرب بغداد، إثر تحريرها من تنظيم «الدولة الاسلامية»، في انتصار نادر للقوات العراقية، بعد هزائم كبــــيرة منــــيت بها على مدى السنة والنصف الماضية، انهار خلالها الجيش وسيطر التنظيم المتشدد على ثلث مساحة العراق.
العبادي يشعر (كقائد للقوات المسلحة) بانجاز مهم بهذا الانتصار، حيث استطاع ان يزيل هذه الوصمة من ملفه، ولم يكن لهذا الانجاز ان يتحقق لو لم يبدأ خطة للتصدي للفساد و باصلاحات أمنية، من ضمنها الغاؤه العام الماضي مناصب 50 ألف جندي وهمي وهم جنود غير موجودين فعليا، لكن رواتبهم تصرف.
لوحظ بعملية تحرير الرمادي عدم اعتماد العبادي في هذه المعركة على فصائل الحشد الشعبي المدعومة من طهران، ومشاركة مقاتلي العشائر السنية الذين تم تجهيزهم وتدريبهم في قاعدة الحبانية بدعم من الائتلاف الدولي، والذين سيشكلون النواة الرئيسية للقوة المرابطة في الرمادي.
الملاحظة الثانية، وبحسب ما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية مارك تونر، ان الدول الـ17 الاعضاء في التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» انضموا الى الولايات المتحدة في نشر قوات برية، كما شاركت 12 دولة اخرى في تنفيذ 630 غارة جوية، عرقلت حركة التنظيم ما مكّن القوات العراقية من التقدم بشكل منهجي.
الانجاز في الرمادي لا يمكن التقليل من أثره، لكن من الضروري ان تكون هناك استراتيجية عسكرية للحفاظ على الاراضي التي تمت استعادتها، فرغم سلسلة من الانتكاسات التي شهدها التنظيم والتي بدأت في بيجي وتبعتها سنجار ثم الرمادي، الا ان الخبراء لا يتوقعون هزيمة قريبة للتنظيم الذي اخرج معداته ومقاتليه من المنطقة قبل سيطرة النظام عليها، وما زال قادرا على الضرب في العراق وخارجه. ويوم أمس أعلن التنظيم شن عدة عمليات ضد القوات العراقية في المناطق المحررة.
واضافة الى الاستعدادات الاستراتيجية العسكرية لا بد من خطط خاصة للتعامل مع المواطنين في الرمادي، سواء من بقي في المدينة أو مئات الآلاف الذين نزحوا منها، فالصور التي خرجت بعد المعارك تظهر مدينة أشباح، حيث أدت العمليات العسكرية لتدمير حوالي 80 في المئة من الانبار بما في ذلك 260 مدرسة، وثلاثة آلاف منزل وكل البنى التحتية بما في ذلك الطرق وخطوط المياه والكهرباء والمجاري والجسور والمستشفيات، ولا بد من البدء في اعطاء الأولوية الآن لإعادة الاعمار ومساعدة مئات الآلاف من النازحين على العودة واستئناف حياتهم بكرامة، وهذه قضية أساسية في محاربة التنظيم، ومنع رفده بالمزيد من المقاتلين الذين انضموا اليه هربا من اوضاعهم المعيشية السيئة وانسداد آفاق المستقبل.
محاربة تنظيم الدولة في العراق تتطلب وقف ومنع الأسباب التي أدت لظهوره وبذل جهود حقيقية للبدء باصلاحات سياسية تضع حدا للحكم الطائفي، وتعيد ثقة المواطنين السنّة بالدولة.
صحيفة القدس العربي