ما تداعيات التحالف الروسي – الصيني المناهض لأميركا؟

ما تداعيات التحالف الروسي – الصيني المناهض لأميركا؟

اتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ أول من أمس الخميس على تعميق “شراكتهما الاستراتيجية” بينما اتهما الولايات المتحدة بمحاولة “زعزعة استقرار التوازن الاستراتيجي” في الشؤون العالمية.

وأصدرا بياناً مشتركاً من 7 آلاف كلمة مليئاً بإشارات مستترة حول القيادة الروسية والصينية في العالم ضد محاولات الولايات المتحدة لتأكيد هيمنتها في المناطق التي لا ينبغي لها التدخل فيها.

وتتحدث الوثيقة عن “تعميق الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي الذي يدخل عصراً جديداً”، وتنص على أن روسيا والصين “مصممتان على الدفاع عن حقوقهما ومصالحهما المشروعة، ومقاومة أي محاولات لعرقلة التطور الطبيعي للعلاقات الثنائية والتدخل في الشؤون الداخلية للدولتين، أو تقييد الإمكانات الروسية والصينية على صعد الاقتصاد أو التكنولوجيا أو السياسة الخارجية”.

ما هي شكاواهم ضد الولايات المتحدة؟

يشعر بوتين بالاستياء من الدعم الأميركي لأوكرانيا، ويرى تكافؤاً بين مطالبته بجزء من روسيا التاريخية ومطالبة الصين بتايوان. ويبدو شي حذراً حيال دعم بوتين علناً في ما يتصل بأوكرانيا، ولكن البيان المشترك يشير إلى أن “الجانب الروسي يقيم بصورة إيجابية موقف الصين الموضوعي والمحايد إزاء القضية الأوكرانية”.

في المقابل، “تؤكد روسيا من جديد التزامها مبدأ ‘صين واحدة’، وتعترف بأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، وتعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال، وتدعم بقوة الإجراءات التي يتخذها الجانب الصيني لحماية سيادته وسلامة أراضيه”.

ويبدو أن شي يختبر باستمرار الولايات المتحدة وحلفاءها حول تايوان، لكن أي محاولة للمطالبة بالجزيرة بالقوة العسكرية تظل مهمة محفوفة بالأخطار. والمشكلة هي أن هذا هو ما تصوره معظم الغرب في شأن طموح بوتين لاحتلال وابتلاع أوكرانيا بالكامل إلى أن حاول ذلك.

هل هذه عودة للحرب الباردة؟

وفقاً للبيان الروسي-الصيني المشترك فإن “الولايات المتحدة لا تزال تفكر من خلال منظور الحرب الباردة وتسترشد بمنطق المواجهة بين التكتلات… مما يخلق تهديداً أمنياً لبلدان المنطقة كلها. يتعين على الولايات المتحدة التخلي عن هذا السلوك”.

يبدو أن هذه حالة كلاسيكية من حالات إسقاط الموقف الخاص على مواقف الآخرين، إذ يفترض بوتين وشي أن جو بايدن والقادة الغربيين ينظرون إلى العالم كما يفعلان، عالم منقسم إلى تكتلات تخوض مواجهة صفرية بطريقة غالبين ومغلوبين. على سبيل المثال، يرى بوتين وشي أن “أوكوس”، التحالف الدفاعي بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، يشكل تعزيزاً للتكتل الغربي، وبذلك تهديداً لبلديهما.

وقال بوتين في بكين إن “تعاوننا في الشؤون العالمية اليوم هو أحد عوامل الاستقرار الرئيسة على الساحة الدولية”.

ألا يشارك ريشي سوناك في خطاب الحرب الباردة؟

في خطاب الإثنين، قال رئيس الوزراء: “يعمل محور من الدول الاستبدادية مثل روسيا وإيران وكوريا الشمالية والصين لتقويضنا وتقويض قيمنا”. بدا ذلك أشبه بـ”محور الشر” الذي أعلنه جورج دبليو بوش والذي ضم إيران والعراق وكوريا الشمالية فقط، ولكنه لم يشمل بلداناً تطمح إلى اكتساب مكانة القوة العظمى مثل روسيا والصين.
واتهم ريشي سوناك بوتين بممارسة سياسة حافة الهاوية على صعيد الأسلحة النووية، وأشار إلى أخطر مرحلة في الحرب الباردة: “لقد جعلنا تهور بوتين أقرب إلى تصعيد نووي خطر أكثر من أي وقت مضى منذ أزمة الصواريخ الكوبية”.

ومع ذلك، كان معظم خطاب سوناك عبارة عن تحذير من مجموعة من التهديدات للسلام والاستقرار، بما في ذلك النزاع بين إسرائيل و”حماس”، مع الإشارة إلى أن بعض مصالح روسيا والصين وإيران قد تتداخل وتعزز بعضها بعضاً.

ماذا سيفعل بوتين وشي بعد ذلك؟

الهدف التالي لبوتين هو قمة “بريكس” لعام 2024، وهو اجتماع لبلدان “غير منحازة” سيُعقَد في روسيا في أكتوبر (تشرين الأول). هو يريد استخدام التكتل الذي يتكون من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا وإيران ومصر وإثيوبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، لموازنة هيمنة المؤسسات المالية الغربية.

وستكون الكلمة الطنانة في هذه القمة هي “إبطال الدولرة”، أي محاولة تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي في التجارة والتمويل الدوليين.