أرفقت تركيا تصعيد عمليتها العسكرية ضدّ مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، بتصعيد مواز في خطابها السياسي الموجّه لقيادة حزب الاتّحاد الوطني الكردستاني ثاني أكبر الأحزاب في كردستان العراق والمتهم من قبل الحكومة التركية بالتعاون مع حزب العمال وإفساح مجال التحرك أمامه في معاقل الاتحاد بمحافظة السليمانية.
ولم تستثن أنقرة طهران من اللوم بشأن الموقف من المواجهة مع حزب العمال لكنّ خطابها تجاه قيادة حزب الاتّحاد كان أشد ووصل حد توجيه تهديدات صريحة لها.
ويتالى خلال الفترة الأخيرة إعلان القوات التركية عن إلحاقها خسائر جسيمة بمقاتلي حزب العمّال في مظهر على تصعيد القتال ضدّهم في مواقع تمركزهم بشمال العراق، لكن ذلك يظل بعيدا عن السقف العالي الذي وضعته تركيا لعملياتها ضدّ الحزب والمتمثّل في حسم الحرب الدائرة منذ أربعة عقود في بحر هذا الصيف.
وقد يفسّر ذلك، الخطاب السياسي التركي الذي بدا بصدد البحث عن عوامل خارجية لما قد تشهده العملية العسكرية من تعثّر في تحقيق هدفها بالغ الطموح.
وجدّد وزير الدفاع التركي يشار غولر الاتهام لقيادة حزب الاتّحاد الوطني بالتواطؤ مع حزب العمال، مشيرا بالإسم إلى بافل جلال طالباني رئيس حزب الاتّحاد.
وقال إنّ “بافل هو الإسم الذي كان على رادار تركيا لفترة طويلة، وإنّ الدعم المقدم للتنظيم الإرهابي (حزب العمال) في السليمانية يحظى بمتابعة وثيقة من أنقرة”.
وأضاف الوزير في تصريحات لصحيفة ميلييت التركية “المسألة التي كنت أتساءل عنها هي ما إذا كنا سنتخذ خطوات أخرى غير الحظر الجوي على أجواء السليمانية.. وعما إذا كانت تركيا ستتخذ خطوات أخرى ضد بافل طالباني”.
ولم تخل لغة الوزير من تهديد عندما قال إنّ على رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني “أن يدرك أن ما يحاول فعله هو قلب الأمور على نفسه، لأن رئيسنا (رجب طيب أردوغان) ووزير خارجيتنا (هاكان فيدان) وأنا وجهنا التحذيرات اللازمة له مرارا وتكرارا”.
وأضاف قوله “تركيا بلد صابر ونحن نعرف ماذا نفعل وماذا سنفعل. والجميع يرى ما أصبحت عليه المنظمة الإرهابية”.كما وجّه غولر تحذيرا لطالباني من أنّه إذا كان “يريد تجربة نفس التطورات فعليه أن يستمر في نفس النهج”، لكنّ غولر عاد محاولا إقناع رئيس حزب الاتحاد الوطني بالعدول عما سماه دعم حزب العمال قائلا “قلنا له مرات عديدة ماذا عليه أن يفعل. ولا بد من قطع العلاقات مع الإرهابيين ووقف دعمهم وتطهير منطقته منهم، وعندما يفعل هذه الأشياء فإنه سيحقق أفضل نتيجة لنفسه.”
وشمل الوزير التركي بتصريحاته النارية إيران، لكن في قالب لوم لها على عدم تعاونها مع بلاده في مواجهة حزب العمال.
وقال غولر “في الآونة الأخيرة تزايدت الأخبار التي وصلتني حول دعم إيران للمنظمة الإرهابية.. وقلت لنظرائنا الإيرانيين: نحن أصدقاء وجيران، ونحن نبذل قصارى جهدنا لنبقى أصدقاء وجيران لقرون قادمة، ولسوء الحظ فإن أصدقاءنا الإيرانيين لا ينظرون إلى إرهابيي حزب العمال الكردستاني بنفس الطريقة التي ننظر بها إليهم، لأننا نراقبهم”.
واتهم غولر الإيرانيين بغض الطرف عن تسرّب عناصر حزب العمال إلى أراضيهم قائلا “نقول للإيرانيين الرجال (عناصرالحزب) موجودون هناك في ذلك المنزل، وهذا هو العنوان الذي يقيمون فيه، وبعد فترة قصيرة يأتي الجواب: لقد بحثنا في هذا العنوان ولم نجد من تبحثون عنهم”.
واعتبر الوزير التركي ذلك سلوكا غير مقبول من إيران، معلّقا بالقول “صداقتنا معهم أبدية وأعتقد أن أصدقاءنا الإيرانيين يدركون أيضا أنهم سيكونون في مشكلة مع حزب العمال الكردستاني، لكنني آمل أن يجدوا حلاّ”.
وجاء حديث وزير الدفاع التركي في غمرة تصعيد ملحوظ من قبل قواته ضدّ مقاتلي حزب العمال تجسدّ في تواتر إعلان أنقرة عن وقوع خسائر في صفوف الحزب.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، الأربعاء، مقتل 12 من عناصر الحزب في ضربات جوية نفذها الجيش التركي في منطقتي جارا وهاكورك في شمال العراق.
ومنذ الثالث من شهر مايو الحالي أعلنت الوزارة عن “تحييد” (قتل) العشرات من عناصر الحزب في عمليات عسكرية في مناطق متفرقة بشمال العراق.
ورأى مراقبون في تواتر تلك الإعلانات مؤشّرا على بداية الحملة العسكرية واسعة النطاق التي لوّحت تركيا بشنّها على الحزب بهدف واضح حددّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحسم الحرب ضد حزب العمال قبل نهاية الصيف.