حركة الشباب تغذي الصراعات العشائرية في الصومال

حركة الشباب تغذي الصراعات العشائرية في الصومال

مقديشو- يواجه الصومال تحديات أمنية كبيرة مع تواتر الصدامات بين العشائر، وفي غياب إرادة حقيقية لوضع حد لهذه الصدامات رغم الوعود الرسمية الكثيرة.

ويعتقد مسؤولون حكوميون أن حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة من تقف خلف تغذية التوترات العشائرية، التي شهدت في الأشهر الأخيرة نسقا تصاعديا، وأدت إلى مقتل العشرات.

وقال سكان ومسؤولون طبيون الاثنين إن اشتباكات عنيفة وقعت مطلع الأسبوع بين عشيرتين في وسط الصومال، ما تسبب في مقتل 55 شخصا على الأقل وإصابة 155 آخرين.

وذكر فرح نور وهو من شيوخ إحدى العشائر ويقيم في هيرالي أن القتال جد السبت بين عشيرتي دير ومريحان، وامتد لبلدتي أبو دواق وهيرالي في جلمدج، لافتا إلى أن السبب في اندلاعه يعود لصراع على أماكن للرعي والمياه.

◄ تواتر الأحداث الأمنية يعد أمرا مقلقا للغاية وأن على الحكومة الاتحادية والرئيس حسن الشيخ محمود إيلاء الملف الأهمية التي يستحقها

ولفت نور إلى أنه كان من الممكن تفادي الحصيلة الثقيلة من الضحايا لو تدخلت القوات الحكومية في الوقت المناسب.

وأضاف “كان من السهل وقف (القتال) لكن ذلك لم يحدث، وخرج الوضع عن السيطرة وانتشر كالنار في الهشيم”.

وأكدت فرق من مستشفيات في هيرالي وأبودواق وبلدتين مجاورتين لوكالة رويترز أنهم عالجوا 115 شخصا أصيبوا في القتال. وقال سكان إن القتلى دفنوا على الفور.

وتواجه الحكومة الاتحادية الصومالية صعوبات كبيرة في احتواء ليس فقط العنف الذي تشنه حركة الشباب وإنما أيضا الاشتباكات التي تندلع بين العشائر للسيطرة على الأراضي والمياه في الدولة الواقعة في القرن الأفريقي.

وقضى في مايو الماضي ما لا يقل عن 30 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، بعد اندلاع اشتباكات بين عشائر في قريتي بور شيك وبيو كادي في منطقة شابيلي الوسطى بجنوب الصومال.

ويقول متابعون إن هناك تقصيرا أمنيا واضحا في التدخل لفض النزاعات العشائرية، لافتين إلى أن الحكومة الاتحادية لا تملك إرادة حقيقية لإنهاء الانقسامات العميقة التي تنخر النسيج المجتمعي الصومالي، حيث تعتقد أنها مستفيدة من ذلك الوضع، مع أن ذلك يمثل أيضا ثغرة ينفذ منها خصومها على غرار حركة الشباب.

وقال أحمد شيري فلاجلي المستشار الأمني لحاكم جلمدج “نعتقد أن حركة الشباب تقف بشكل غير مباشر وراء هذه الحرب الغريبة… هاتان عشيرتان متآخيتان” شاركتا معا في هزيمة حركة الشباب. وكان رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، صرح في وقت سابق أن حركة الشباب تعمد إلى تأجيج الصراعات بين العشائر الصومالية وخلق مشاكل فيما بينها.

وأشار بري إلى أن “الهدف هو إشغال قوات الحكومة الصومالية بإيجاد حل للصراعات العشائرية بدل الاستمرار في العمليات العسكرية ضد مقاتلي حركة الشباب” وفق تعبيره.

ودعا رئيس الوزراء المجتمع الصومالي إلى “الوحدة والابتعاد عن الصراعات العشائرية”، وجدد التهديد بأن حكومته ستتخذ “إجراءات صارمة ضد أي شخص يتبين تورطه في نزاعات عشائرية”.

وذكر سكان وفلاجلي أن القتال الأخير توقف بعد وصول قوات الحكومة الاتحادية.

◄ الحكومة الاتحادية لا تملك إرادة لإنهاء الانقسامات العميقة في المجتمع الصومالي لاعتقادها أنها مستفيدة من الوضع

وقالت سعدية حسين وهي أم لأربعة أبناء لرويترز من أبودواق “هناك وقف لإطلاق النار لكن الأجواء ليست جيدة. هناك حاجة لوقف دائم لإطلاق النار”.

وجاءت المواجهات بين العشيرتين بعد ساعات من مقتل 47 شخصا على الأقل من مسلحي حركة الشباب في هجوم فاشل على أربع قواعد عسكرية صومالية في منطقة الدهير بإقليم جالجادود.

ويرى مراقبون أن تواتر الأحداث الأمنية يعد أمرا مقلقا للغاية وأن على الحكومة الاتحادية والرئيس حسن الشيخ محمود إيلاء الملف الأهمية التي يستحقها، وإلا فإن البلاد مهددة بخسارة ما حققته خلال السنوات الماضية على هذا الصعيد.

ويتهم معارضو الرئيس الصومالي بالتركيز على كيفية وضع جميع الصلاحيات في يده عبر تعديلات دستورية مثيرة للجدل، وأيضا بتأجيج الخلاف مع الجارة إثيوبيا بدل الركون إلى الحوار معها.

وكانت العلاقة بين مقديشو وأديس أبابا شهدت توترا على خلفية توقيع حكومة آبيي أحمد اتفاقا مع أرض الصومال يمنح أثيوبيا منفذا على البحر وهو أمر رفضته بشدة الحكومة الاتحادية الصومالية واعتبرته استهدافا لسيادتها.

وأبدت أديس أبابا انفتاحا على الدخول في مفاوضات مع مقديشو لكن الأخيرة رفضت بشدة واشترطت التراجع بداية عن الاتفاق.

العرب