أوبك على وشك أن تهزم صناعة النفط الصخري

أوبك على وشك أن تهزم صناعة النفط الصخري

واشنطن – أدت طفرة النفط الصخري الأميركي إلى نمو إنتاج النفط في الولايات المتحدة بمقدار 9 ملايين برميل يوميًا منذ 2008. ولم يكن من الواضح خلال الطفرة الأولى ما إذا سيكون لهذا التطور تأثير كبير على أوبك التي تجاهلته في البداية قبل أن تتحرك لمواجهته، وقد تقدر على هزْمه أخيرا.

وتجاهلته أوبك بدرجة كبيرة. لكن هذا تغير أواخر 2014؛ فمع اقتراب إنتاج النفط الأميركي من 5 ملايين برميل يوميا في 2014، تحركت أوبك وأعلنت أنها ستدافع عن حصتها في السوق التي تراجعت بسبب ارتفاع إنتاج أطراف لا تنتمي إلى الكارتل، وخاصة الولايات المتحدة. وشكّل هذا تحولا في إستراتيجية المنظمة.

وآنذاك كان بعض أعضاء أوبك يتصوّرون أن هذا سيخفض الأسعار ويقوض منتجي النفط الصخري الهامشيين. وانخفضت أسعار النفط بشكل كبير وقوّضت البعض من هؤلاء المنتجين وكلفت أوبك ما لا يقل عن تريليون دولار من الإيرادات بينما كافح جل منتجي النفط الصخري هذا الاتجاه.

70 في المئة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم تمتلكها الدول الأعضاء في أوبك

واستسلم الكارتل في أواخر 2016، وتخلى عن هذه الإستراتيجية وعاد إلى إجراء تخفيضات في الإنتاج لتعزيز الأسعار. ولا تزال هذه الإستراتيجية قائمة اليوم.

ونما الإنتاج الأميركي بمقدار 4 ملايين برميل آخر يوميا منذ 2016، وهو ما أجبر أوبك على عدم التخلي عن خفض الإنتاج للحفاظ على الأسعار. وقررت خلال اجتماعها الأخير تمديد تخفيضات الإنتاج إلى العام المقبل وأعلنت عن خطط لبدء تخفيف التخفيضات في أكتوبر 2024.

وستعتمد متابعة الخطط على ديناميكيات العرض والطلب في ذلك الوقت. لكن أوبك قد تجد أخيرا سببا للتفاؤل.

ويلاحظ الكاتب روبرت رابير في تقرير بموقع أويل برايس الأميركي أن إستراتيجية أوبك الحالية تكمن في الحفاظ على الإنتاج عند مستوى يمكن أن يدعم أسعار النفط في نطاق 80 – 100 دولار للبرميل. وسيصبح هذا تحديا إذا استمر نمو الإنتاج الأميركي، وهو ما يفعله على مدى السنوات الـ15 الماضية. ولكن إذا تمكنت المنظمة من الصمود حتى يصل إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى ذروته ويبدأ بالانخفاض فقد تؤتي إستراتيجيتها أكلها أخيرا.

وأصبح الإنتاج الأميركي أعلى بمقدار 700 ألف برميل يوميا مما كان عليه خلال هذه الفترة قبل سنة واستقر عند هذا المستوى المرتفع منذ أواخر الصيف الماضي.

وأنتجت الولايات المتحدة 13 مليون برميل يوميا من النفط الخام في أغسطس 2023. وارتفع هذا العدد تدريجيا إلى 13.3 مليون برميل يوميا بحلول نهاية 2023. لكنه انخفض منذ ذلك الحين إلى 13.1 مليون برميل يوميا.

وستشهد الولايات المتحدة نموا ثابتا على أساس سنوي في إنتاج النفط ما لم تحدث زيادة في الإنتاج خلال الشهرين المقبلين، بحلول أغسطس. وحدث ذلك مرتين خلال السنوات الـ15 الماضية. كانت المرة الأولى خلال حرب أسعار أوبك 2015 – 2016، والثانية خلال جائحة كورونا في 2020. وإذا كان الإنتاج الأميركي ثابتا، فستكون هذه هي المرة الأولى منذ بدء طفرة الصخر الزيتي التي لا تنتج عن عوامل خارجية غير عادية.

ويعتقد رابير أن من المؤكد أن تراقب أوبك هذه التطورات. وإذا استمر الإنتاج الأميركي في الاستقرار أو حتى الانخفاض، فقد تبدأ إستراتيجية أوبك في جني الثمار، ويستمر الطلب العالمي على النفط في النمو. وقد تكون المنظمة قادرة على الانطلاق في تخفيف حصص الإنتاج مع إبقاء الأسعار مرتفعة.

ومن المهم ملاحظة أن دول أوبك تمتلك 70 في المئة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم. وتسجّل روسيا 6 في المئة أخرى، بينما لا تتجاوز الولايات المتحدة 4 في المئة. وستخسر الولايات المتحدة وبقية العالم اقتصاديا على المدى الطويل إذا انخفض الإنتاج من خارج أوبك واستعادت المنظمة هيمنتها على السوق.

وشهد العالم هذا الوضع من قبل خلال الفترة التي سبقت طفرة الصخر الزيتي حين كانت واردات النفط الخام الأميركية تنمو سنويا وكانت الولايات المتحدة ترسل الأموال إلى البلدان المنتجة للنفط.

العرب