جهود دولية مكثفة لفرض علاج مرّ لأزمة أسعار النفط

جهود دولية مكثفة لفرض علاج مرّ لأزمة أسعار النفط

اتسعت التحركات والاتصالات الملتهبة بين منتجي النفط الكبار لإنقاذ القطاع من وطأة انهيار الأسعار دون مستويات تكاليف معظم المنتجين نتيجة تراجع الطلب وحرب الأسعار المستعرة بين كبار المنتجين.

لندن- تشير خلاصة المواقف والتحركات الصاخبة لمنتجي النفط، إلى أن الجميع لم يعد يطيق الأسعار الحالية، وأنه أصبح لا بد من اتفاق أوسع بمثابة «أوبك++» لمعالجة الأزمة المعقدة الحالية.

لم يعد إنتاج النفط من الكثير من حقول العالم مجديا في ظل أسعار الشهر الماضي. ويؤكد ارتفاعها الأسبوع الماضي، قناعة الأسواق بأن تحركات المنتجين الكبار جادة لإجراء خفض كبير في الإنتاج.

ويبدو من المستبعد العودة لإبرام اتفاق في إطار تحالف أوبك+ لأنه لم يعد كافيا في ظل انهيار الطلب بسبب شلل الاقتصاد العالمي الناجم عن إجراءات مكافحة فايروس كورونا.

ويتعلق مستقبل التحركات بمدى استعداد منتجين كبار مثل الولايات المتحدة وكندا والنرويج والمكسيك للمساهمة في خفض الإنتاج إلى جانب منتجي تحالف أوبك+.

وقد أكد ذلك وزير النفط العراقي ثامر الغضبان، الذي قال أمس إن أي اتفاق جديد يتطلب الدعم من منتجين رئيسيين من خارج تحالف أوبك+ مثل الولايات المتحدة وكندا والنرويج.

وأرجأت أوبك وروسيا اجتماعا لمناقشة تخفيضات إنتاج النفط حتى الخميس المقبل مع اشتداد الخلاف بين موسكو والرياض بخصوص من يتحمل منهما مسؤولية انخفاض أسعار الخام.

وقال الكرملين أمس إن روسيا تريد مفاوضات بناءة في سوق النفط العالمية، لتحقيق مصلحة المنتجين والمستهلكين معا، ورأى عدم وجود أي مستفيد حقيقي، من قرار زيادة إمدادات النفط إلى الأسواق المتخمة.

وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن هناك حاجة لجهد مشترك وموحد من جميع منتجي النفط وليس فقط أوبك+ في سبيل مواجهة ضعف الطلب وإعادة التوازن إلى سوق النفط.

ودعت الرياض الخميس الماضي إلى اجتماع نفطي عاجل لتحالف أوبك+ وبقية المنتجين، بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وكان مقررا في البداية أن يعقد الاجتماع العاجل الذي دعت له السعودية اليوم الاثنين، لكن الغضبان أكد أنه “أرجئ إلى الخميس المقبل”.

وتشير التوقعات إلى أن تحالف أوبك+ ومنتجين آخرين حول العالم، سيعملون على التوصل إلى اتفاق لخفض إنتاج النفط بما يعادل نحو 10 في المئة من المعروض العالمي أو 10 ملايين برميل يوميا.

وقالت النرويج، أكبر منتج للنفط والغاز في غرب أوروبا، إنها ستبحث تقليص إنتاجها من النفط إذا توصل كبار منتجي الخام في العالم إلى اتفاق عالمي لخفض الإمدادات.

وسيكون اتفاق من هذا النوع، جهدا عالميا لم يسبق له مثيل، إذا شاركت فيه الولايات المتحدة، التي لم تعلن حتى الآن أي التزام بالانضمام إلى هذه الجهود.

ويمثل أي تحول في موقف واشنطن انقلابا هائلا على قوانين مكافحة الاحتكار الأميركية، التي تمنح التنسيق من منتجين للتأثير في أسعار النفط والذي كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يلوح به لمعاقبة منتجي أوبك خلال اتفاقات خفض الإنتاج في السنوات الماضية.

وفقدت أسعار النفط ثلثي قيمتها في الربع الأول من العام بسبب تراجع الطلب الناجم عن حالات العزل العام التي اتخذتها الدول جراء تفشي فايروس كورونا وبعد فشل السعودية وروسيا في الاتفاق على خفض الإنتاج.

وهوى سعر مزيج برنت الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياته في 18 عاما ليصل إلى 21.65 دولار للبرميل. لكنه ارتفع نهاية الأسبوع إلى 34 دولارا بسبب التحرك العالمي الواسع لخفض الإنتاج.

ويحقق أي اتفاق عالمي هدف السعودية من إغراق الأسواق وإنهاء مرحلة تحملها العبء الأكبر في كل اتفاق لخفض الإنتاج، والذي أدى لنزيف متواصل في حصص الأسواق. وبالتزامن مع تحركات إبرام اتفاق لخفض الإنتاج هناك أيضا محاولات تصعيد في حال فشل التوصل لاتفاق ينقذ الأسعار.

يتعلق مستقبل التحركات بمدى استعداد منتجين كبار مثل الولايات المتحدة وكندا والنرويج والمكسيك للمساهمة في خفض الإنتاج إلى جانب منتجي تحالف أوبك+

وذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن مسؤولين أميركيين وكنديين يناقشون فرض رسوم جمركية على واردات النفط السعودية والروسية، إذا لم يتوصل البلدان إلى اتفاق سريع لإنهاء حرب الأسعار.

وقال الرئيس الأميركي السبت إنه سيبحث فرض رسوم جمركية على واردات النفط في الوقت الذي انتقد فيه خطط منتجي النفط الكبار الآخرين لخفض الإنتاج مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لن تنضم إليهم.

وينطوي ذلك الموقف على موقف صارخ، إذ تشكو واشنطن من التداعيات المدمرة لانهيار الأسعار على المنتجين الأميركيين لكنها تريد من الآخرين تحمل أعباء دعم الأسعار.

لكن إشارات كثيرة من منتجي النفط الصخري الأميركي أشارت في الأسابيع الأخيرة إلى استعدادهم لخفض الإنتاج في إطار تحرك عالمي.

وفي مؤشر على جدية التحركات أكد مصدر سعودي مطلع أمس أن أرامكو سترجئ إعلان أسعار البيع الرسمية لخاماتها لشهر مايو حتى العاشر من أبريل انتظارا لما سيسفر عنه اجتماع بين أوبك وحلفائها بخصوص تخفيضات إنتاج محتملة.

العرب