بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران بدأت البحرين في المضي قدماً نحو استئناف علاقاتها المقطوعة مع إيران منذ ثماني سنوات نتيجة تدخلات النظام الإيراني في شؤونها الداخلية، فيما يذهب مراقبون إلى أن على طهران أن تتخلى عن مشروعها التوسعي وتنظر للمشاريع التنموية المشتركة، وما ستسفر عنه من جدوى اقتصادية وسياسية.
وكانت البحرين قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في عام 2016، بعد يوم من اتخاذ السعودية الخطوة ذاتها بسبب هجمات على السفارة السعودية في طهران، وتتهم المنامة طهران منذ فترة طويلة بالتحريض على نظامها الملكي.
وفي الشهر الماضي قال ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، خلال اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه لا يوجد سبب لتأجيل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وإيران، وأن المنامة تتطلع إلى تحسين علاقاتها مع طهران، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية في البحرين.
وبحسب وكالة الأنباء البحرينية اتفق وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني مع وزير خارجية إيران المكلف علي باقري كني خلال لقاء جمعهم على هامش “اجتماع حوار التعاون الآسيوي” في طهران، على “إنشاء الآليات اللازمة من أجل بدء المحادثات بين البلدين لدراسة كيفية استئناف العلاقات السياسية”.
وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن إيران والبحرين اتفقتا على بدء محادثات من أجل الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة لدى المنامة، من دون تقديم تفاصيل عن توقيت المحادثات أو حجم هذه الأموال.
ويذهب متخصصون إلى أن عودة العلاقات بين المنامة وطهران يضع الأخيرة أمام اختبار حقيقي لإثبات صدقيتها، ولن تعود إلا بعد تحسن السلوك الإيراني تجاه دول الخليج والكف عن التدخل في شؤونهم الداخلية.
روابط متعددة
من جانبها أعربت نائب رئيس اللجنة الخارجية والدفاع والأمن الوطني وعضو مجلس النواب البحريني مريم الظاعن لـ”اندبندنت عربية” عن أملها بأن تسفر المحادثات البحرينية – الإيرانية عن نتائج إيجابية تصب في صالح البلدين وشعبيهما، وقالت إن المحادثات البحرينية – الإيرانية تأتي في إطار حرص البحرين على العلاقات التاريخية التي تجمع بين البحرين وإيران، وجاءت في ضوء دعوة رسمية إلى المشاركة في اجتماع حوار التعاون الآسيوي في طهران، مشيرة إلى أن بلادها حريصة على توطيد العلاقات الدبلوماسية مع الدول الصديقة والشقيقة.
وأوضحت أن هناك عدداً من الروابط التي تجمعها مع إيران القائمة على روابط الجوار والتاريخ المشترك والمصالح المتبادلة والارتقاء بها إلى مستويات أكثر شمولاً وازدهاراً بما يخدم المصالح المشتركة ويحقق الخير والنفع العام، بهدف إعلاء وتكريس قيم الأمن والاستقرار والتعايش والسلام باعتبارها ركائز أساسية لتحقيق الرخاء والتنمية المستدامة.
المشاريع التنموية المشتركة
في السياق تقول الكاتبة البحرينية سوسن الشاعر إنه ليس هناك تأخير أو تقديم في عودة العلاقة بين البلدين، بل هناك أوقات تتفق مع الظروف المناسبة لها، مشيرة إلى أن القطيعة بين إيران والبحرين تكررت وليست المرة الأولى، ودائماً الحكومة الإيرانية هي من تبدأ بإفساد هذه العلاقات.
وعن الملفات التي يجب حلها قبل عودة العلاقة، قالت الشاعر ليس هناك أمر محدد تطلبه دول الخليج من إيران إلا الكف عن التدخل بشؤونها الداخلية، وإن كانت إيران تسعى إلى تهدئة الأمور والتنمية عليها الالتفات إلى المشاريع التنموية المشتركة وهي كثيرة.
وعن استئناف العلاقة بين البلدين يرى الباحث السعودي المتخصص في الشؤون الخليجية سلطان السعد أن البحرين اختبار حقيقي لإيران، مشيراً إلى أن الأخيرة تسببت في الشحن الطائفي بالمنطقة لعقود عدة، والآن أمامها فرصة لإثبات صدقيتها من المنامة.
وأضاف المتخصص في الشؤون الخليجية أن العلاقة مع المنامة هي التعبير الحقيقي عن السياسة الخارجية الإيرانية تجاه المنطقة، إذ لطالما كانت طهران تكتم مواقفها وطموحاتها، لكنها لا تستطيع ذلك حينما يتعلق الأمر بالبحرين، وفي علم السياسة والعلاقات الدولية فإن الأحداث على أرض الواقع أهم من التصريحات.
وأوضح السعد أن هناك رغبة حقيقية للتهدئة في المنطقة، ويبدو أن المزاج العام في إيران يدفع للشيء ذاته، فنحن نعيش في عام المصالحات، ولعل البحرين المتشككة في المواقف الإيرانية أخذت وقتها حتى قررت إعادة العلاقات، رغبة منها في التثبت من النوايا الإيرانية، وأساس مستقبل العلاقات بين البلدين المتمثل في وقف التدخلات الإيرانية في البحرين.
في السياق يرى المستشار الأمني المتخصص في العلاقات الدولية أحمد الأنصاري أن البحرين وجدت أن الأمور بدأت تهدأ، وأن هناك إمكاناً لعودة العلاقات مع إيران، لكنها لن تعود إلا بعد تحسن السلوك الإيراني تجاه دول الخليج والتوقف عن التدخل في شؤونها الداخلية، وأشار إلى أن الوضع الحالي تجاه غزة واشتعال جبهة “حزب الله” في لبنان وبوادر نشوء حرب بين الجماعة وإسرائيل سيجعل إيران منشغلة في ملفات أذرعها، مما قد يهدئ من تدخلاتها بمنطقة الخليج العربي.