يبدو أن أوكرانيا لن تكون الحاضر الأوحد في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) المقررة من التاسع إلى الـ11 من يوليو (تموز) الجاري، خصوصاً مع التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط مما سيدفع قادة الحلف إلى عدم الاكتفاء بمناقشة ملف الحرب الروسية – الأوكرانية والحديث عن جبهات عدة. ومن بين الملفات التي ستناقش في مؤتمر “الناتو” الملف العراقي، خصوصاً ما يتعلق بتدريب وتأهيل القوات العسكرية في مواجهة التحديات الأمنية والجماعات الإرهابية.
وعلى رغم الحديث المستمر للحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني والجماعات المسلحة الموالية لإيران الداعمة له عن ضرورة جدولة انسحاب أية قوات أجنبية من البلاد، فإن هذا الأمر لا يبدو وارداً في أحاديث مسؤولي حلف شمال الأطلسي، الذين نفوا وجود أي طلب حكومي في شأن الانسحاب.
وجود مرحب به
وعلى عكس التصريحات الحكومية التي تتحدث عن مساع إلى إنهاء وجود أية قوات أجنبية في البلاد، وتأكيدات السوداني السابقة بـ”عدم وجود مبرر لوجود قوات التحالف الدولي” إلا أن أحاديث مسؤولين في “الناتو” تبدو مغايرة، مع تأكيدهم أن وجود قوات الحلف في العراق “موضع ترحيب مطلق من قبل رئيس الحكومة”.
وقال مصدر من الحلف لـ” اندبندنت عربية” إن “العراق سيكون حاضراً في المحادثات، خصوصاً ما يتعلق بتدريب وتأهيل القوات الأمنية فضلاً عن توفير المساعدة في قضايا مكافحة الإرهاب”.
واستخدم المصدر مصطلح “المناطق الجنوبية” في الإشارة إلى دول الشرق الأوسط وأفريقيا، لافتاً إلى أنها ستكون ضمن مجال النقاشات الدائرة بين قادة الحلف.
وقال مسؤول رفيع في حلف شمال الأطلسي إنه “لدينا مهمة غير قتالية في العراق تتكون من بعثة ’الناتو‘ والتي يتألف قوامها من 700 جندي، وهي تقوم بدعم القوات العسكرية العراقية وتقديم المشورة وتوفير العون لها للاستعداد بصورة أفضل لمواجهة التحديات والتهديدات”.
وأضاف أن “كل ما تقوم به بعثة ’الناتو‘ في العراق يتم بالاتفاق مع حكومة بغداد”.
وفي شأن الهجمات والتهديدات المستمرة من قبل الفصائل المسلحة الموالية لإيران، لفت المسؤول إلى أن بعثة “الناتو” في العراق “تدرك تلك الاعتبارات الداخلية، إلا أنها مستمرة ما دامت الحكومة العراقية ترى أنها تقدم المساعدة” مؤكداً أن وجود قوات ’الناتو‘ في العراق “موضع ترحيب مطلق من قبل السلطات في البلاد”.
احتمال عودة التوتر
وكثيراً ما تضاربت البيانات العراقية مع تلك التي تصدر من حكومات غربية في شأن الملفات المشتركة، إذ كشف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني نهاية يونيو (حزيران) الماضي عن أن “الحفاظ على أمن وسيادة العراق محور رئيس ضمن البرنامج الحكومي (..) وبخاصة في مرحلة ما بعد انتهاء مهام التحالف الدولي”.
وفي فبراير (شباط) الماضي أحدث التضارب بين البيانين الأميركي والعراقي حول توصيف المحادثات بين البلدين لغطاً كبيراً، إذ أشار البيان العراقي إلى أن المحادثات تضمنت “صياغة جدول زمني لخفض مدروس وتدريجي وصولاً إلى إنهاء مهمة قوات التحالف في البلاد”، إلا أن بيان واشنطن أكد أن “القوات الأميركية موجودة في العراق بناءً على دعوة من الحكومة العراقية” وليس على علم بأي طلب رسمي محدد لمغادرتها.
وتأتي تصريحات السوداني الأخيرة بعد أن عادت الميليشيات الموالية لإيران في العراق إلى التلويح بعودة استهداف القواعد الأميركية بعد نحو أربعة أشهر من توقفها.
ويبدو أن بوادر توتر جديد على الساحة العراقية بدأت بالظهور مع تلويح ما يسمى “المقاومة العراقية” بعودة استهداف القوات الأميركية في العراق، إثر تصريحات السفيرة الأميركية الجديدة لدى بغداد بخصوص تعهداتها إنهاء نفوذ الميليشيات الموالية لإيران.
وتستمر تلويحات الميليشيات الولائية باستئناف الهجمات على القوات الأميركية في البلاد في حال فشل المفاوضات بين بغداد وواشنطن في التوصل إلى انسحاب للتحالف الدولي، مما يبدو مستبعداً خلال الفترة المقبلة.
ولا يتوقف الأمر عند حدود الميليشيات إذ يؤكد عدد من أعضاء البرلمان وتحديداً الأجنحة الموالية لإيران عدم تراجعهم عن قرار إخراج القوات الأجنبية من البلاد.
وكانت الضربات التي وجهتها واشنطن للميليشيات الموالية لإيران بداية العام الحالي والتي أسفرت عن مقتل عدد من قادتها، أدت إلى إعلان تلك الجماعات هدنة مع القوات الأجنبية الموجودة في العراق.