أوكرانيا تنقل المواجهة مع فاغنر إلى مالي

أوكرانيا تنقل المواجهة مع فاغنر إلى مالي

دخلت أوكرانيا بقوة ساحة الصراع الجيوسياسي بمنطقة الساحل الأفريقي، عندما أعلنت رسميا عن وقوفها إلى جانب الانفصاليين الطوارق وأعضاء من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين خلال عملية عسكرية في شمال مالي، أدت إلى قتل عدد من الجنود الحكوميين ومسلحي مجموعة فاغنر الروسية.

ويعطي دخول أوكرانيا في الحرب تأكيدا جديدا على أن منطقة الساحل والصحراء تحولت إلى ملعب للصراع الدولي. كما أنه يكشف عن أن كييف، التي فشلت في تحقيق مكاسب ميدانية ضد الروس على أراضيها، تجد في مالي فرصة للانتقام من مجموعة فاغنر التي كان لها دور مؤثر في تراجع الأوكرانيين في بداية الحرب.

وقال أندريه يوسوف، ممثل المديرية الرئيسية للاستخبارات في وزارة الدفاع الأوكرانية، إن المتمردين الماليين تلقوا المعلومات الاستخباراتية الضرورية التي مكنت من القيام بعملية عسكرية ناجحة ضد من سماهم مجرمي الحرب الروس.

◄ التحرك الأوكراني ليس معزولا، وهو جزء من رد فعل عواصم غربية تعمل على وقف التمدد الروسي في منطقة الساحل

ونشرت سفارة أوكرانيا في دكار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد فيه ممثل المخابرات الأوكرانية أن الطوارق تلقوا كافة المعلومات اللازمة خلال اشتباكاتهم مع الجيش المالي ومفرزة فاغنر، وهو ما يشير إلى اعتماد الانفصاليين والمتطرفين على صور وخرائط دقيقة حول تحركات القوات الحكومية ومسلحي فاغنر تم الحصول عليها عبر الأقمار الاصطناعية.

وإثر تصريحات يوسوف أعلنت الحكومة الانتقالية في مالي قطع العلاقات الدبلوماسية بأثر فوري مع أوكرانيا التي قالت إن مصيرها أصبح للأسف في يد دمى تربك الساحتين الدولية والإقليمية.

لكن أوكرانيا نفت الاثنين ضلوعها في القتال بشمال مالي، ووصفت قرار قطع العلاقات الدبلوماسية بأنه “قصير النظر ومتسرع”.

واستدعت وزارة الخارجية السنغالية سفير أوكرانيا في دكار يوري بيفوفاروف بسبب منشور على صفحة السفارة على فيسبوك، عبّر فيه الدبلوماسي الأوكراني عن دعمه للمتمردين الطوارق في مالي بعد أن دمروا مفرزة فاغنر.

وقالت إنها استدعت السفير لتذكيره بـ”التزامات التحفظ وضبط النفس وعدم التدخل التي يجب أن تصاحب جسامة مهمته وجديتها”.

ويشير مراقبون إلى أن التحرك الأوكراني ليس معزولا، وأنه جزء من رد فعل عواصم غربية تعمل على نشر الفوضى في دول الساحل التي قامت خلال الفترة الماضية بطرد القوات الفرنسية وقطع الطريق أمام مصالح باريس مقابل الترحيب بتمدد النفوذ الروسي في دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

ولجأت هذه العواصم إلى استخدام القوى الانفصالية في معركتها ضد موسكو ودفعت بالأوكرانيين في أتون الحرب كنوع من التغطية على الفشل في الحرب على أراضيهم وتسهيل مهمة الانتقام أمامهم ولو في منطقة بعيدة.

ويتساءل المراقبون عن الجهة الإقليمية التي سهلت للأوكرانيين الدخول إلى منطقة شديدة الحساسية أمنيا، معتبرين أن ذلك لن يتم دون إسناد من دولة حدودية مع مالي، أو بالاستفادة من شبكات دعم وإسناد مرتبطة بدول نافذة في المنطقة.

ودار حديث في وقت سابق عن دخول أوكراني في الحرب السودانية خلال الأشهر الماضية لمساعدة قوات الجيش في وجه مقاتلي الدعم السريع، ثم الانتقال إلى شمال مالي لتقديم الدعم للانفصاليين والجماعات المتشددة في مواجهة القوات الحكومية وحلفائها الروس.

وجرى عبر الإنترنت تداول صورة غير مؤكدة لمقاتلي الطوارق وهم يحملون علم أوكرانيا. وقال يوسوف عبر التلفزيون الأوكراني الأسبوع الماضي “لقد حصلوا على المعلومات الضرورية التي تمكنهم من تنفيذ عملية عسكرية ناجحة ضد مجرمي الحرب الروس”.

وفي الوقت ذاته أعلن عن عمليات أخرى من النوع نفسه في أفريقيا. وقال المسؤول الاستخباراتي “احتكار الجيوش الخاصة الروسية في أفريقيا شارف على الانتهاء وبدأت القوات المعارضة تظهر أن بإمكانها وضع هؤلاء المجرمين في مكانهم”.

ووفق الانفصاليين الطوارق جرى قتل 84 من المرتزقة الروس و47 من جنود مالي خلال عدة أيام من القتال في نهاية يوليو حول قرية تين زاوتين على الحدود مع الجزائر. وقالت بعض الأوساط إن المتمردين اقترحوا تسليم عناصر فاغنر المحتجزين لديهم إلى كييف من باب رد الجميل.

ودعت مالي المجتمع الدولي إلى تحمل المسؤولية في مواجهة اختيار أوكرانيا المتعمد لدعم الإرهاب، وطالبت الدول والشعوب الأفريقية المحبة للسلام بإدانة هذه الأعمال التخريبية التي تهدد استقرار القارة الأفريقية، وكررت شكرها للدول التي أبدت تضامنها معها في مواجهة الهجمات الإرهابية التي ترتكب بمساعدة جهات أجنبية راعية.

وقالت الحكومة الانتقالية لجمهورية مالي “إن هذا العدوان الذي تشنه أوكرانيا هو جزء من نمط أوسع لبعض الجهات الفاعلة التي تدعم وتستغل الجماعات الإرهابية المسلحة، المتحالفة مع الجماعات المتمردة، لأغراض الهيمنة والاستعمار الجديد وكسر ديناميكية التحرر واستعادة السيادة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية التي بدأها اتحاد دول الساحل”.

العرب