موقف روسي ضبابي على الحدود بين مالي والجزائر

موقف روسي ضبابي على الحدود بين مالي والجزائر

لندن- يفرض تقدم الانفصاليين على الحدود بين مالي والجزائر مشهدا ضبابيا لتداخل القوى في هذه المنطقة، إلى درجة يصعب معها تمييز أولويات الموقف الروسي، وما إذا كانت موسكو طرفا مساندا للجزائريين في توجيههم للصراع لصالح الأزواد، أم أنها تتعامل مع الأمر من خلال وجود قوات فاغنر الروسية التي تقاتل مع الجيش المالي.

ويرى الجزائريون أن الجيش المالي لا يجد مانعا في الاستفادة من قوات فاغنر على الرغم من التقارب الكبير بين الجزائريين والروس، لكن ما يحدث على الأرض، خصوصا بعد أن تم تجاوز الاتفاقات التي رعتها الجزائر بين باموكو والأزواد، يجعل الجزائريين في وضع متوتر بمنطقة تعد بوابتهم الجنوبية التي تفتح على أفريقيا.

وفاجأ إعلان الانفصاليين تقدمهم في معركة تينزاواتن المراقبين الذين كانوا قد توقعوا وقوع المدينة قريبا تحت سيطرة الجيش الذي كان قد سيطر قبل أيام على منطقة إن-أفراك الإستراتيجية، وهو ما يثير شكوكا في تلقيهم دعما من غير المستبعد أن يكون من الجزائر.

◄ ما يحدث على الأرض يجعل الجزائريين في وضع متوتر بمنطقة تعد بوابتهم الجنوبية التي تفتح على أفريقيا

وكان المجلس العسكري في مالي قد أعلن قبل أشهر إلغاء اتفاق الجزائر للسلام الذي وقعته الحكومة آنذاك مع الانفصاليين، بأثر فوري، كما اتهم المجلس الجزائر بالقيام بـ”أعمال عدائية وبالتدخل في شؤون البلاد الداخلية”.

وأعلن الانفصاليون الأزواد الأحد تحقيق “انتصار كبير” على الجيش المالي وحلفائه الروس بعد ثلاثة أيام من “قتال عنيف” في بلدة تينزاواتن القريبة من الحدود مع الجزائر في شمال البلاد.

وقال المتحدث باسم تحالف جماعات انفصالية يهيمن عليها الطوارق محمد المولود رمضان في بيان “دمرت قواتنا بشكل نهائي قوات العدو السبت، وتم الاستيلاء على عربات وأسلحة مهمة أو إتلافها. وأُسر عدد قليل من الناجين من صفوف فاماس وميليشيا فاغنر”.

والخميس اندلعت معارك غير مسبوقة منذ أشهر في بلدة تينزاواتن بين الجيش وحلفائه من مرتزقة فاغنر من جهة وتنسيقية حركات أزواد من جهة أخرى، وهي تحالف جماعات انفصالية يهيمن عليها الطوارق.

وفي صفوف القوات المسلحة لتنسيقية حركات أزواد قُتل سبعة جنود وأصيب اثنا عشر بجروح، بحسب البيان.

وأضاف البيان أن تحالف الجماعات الانفصالية “يشيد بهذا النصر الذي حققه رجاله، مدعوما بصور ومقاطع فيديو خلال كل هذه المعارك”. وتابع “لا يمكن لأي مجموعة أو أي دعاية أخرى معادية لالتزامنا أن تسرق انتصارنا الكبير”.

ولم يعلن الجيش المالي وحلفاؤه الروس عن حصيلة، في حين أرسل المتحدث باسم الانفصاليين مقاطع فيديو إلى وكالة فرانس برس تظهر جثثا عديدة تعود إلى أفراد في هذا المعسكر. ويظهر في بعض مقاطع الفيديو جنود بيض بين الأسرى.

وبالإضافة إلى الانفصاليين أكد مسؤول محلي منتخب وموظف سابق ببعثة الأمم المتحدة في كيدال لفرانس برس أن “الجيش المالي انسحب”، وأن 15 من مقاتلي فاغنر على الأقل قتلوا أو أسروا، لافتا إلى أنها حصيلة مؤقتة.

وأكد موسى آغ إنزوما، أحد قادة الجماعات الانفصالية، أن “العشرات من أفراد فاغنر وفاماس قتلوا وأسروا”.

وأكد الجيش المالي في بيان أنه “ليلة 26 إلى 27 يوليو 2024 بدأت وحدات فاماس، التي تقوم بدوريات في قطاع تينزاواتن منذ ثلاثة أيام، تتراجع”.

وأضاف أن المنطقة “تخضع للمراقبة وتتم متابعة الوضع عن كثب”، لافتا إلى أنه “تم التعامل بنجاح مع خمسة أهداف إرهابية بواسطة طائرات فاماس”.

وفقدت الجماعات الانفصالية المسلحة السيطرة على عدة مناطق في الشمال منذ عام 2023 بعد هجوم شنه الجيش المالي أدى إلى الاستيلاء على كيدال، معقل الانفصاليين.

وأدى الهجوم في شمال البلاد إلى مزاعم عديدة تفيد بحصول انتهاكات ارتكبتها القوات المالية وحلفاؤها الروس ضد المدنيين منذ عام 2022، وهو ما تنفيه السلطات المالية. ومنذ عام 2012 تشهد مالي عمليات لجماعات مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش وعنف الجماعات الإجرامية.

وزاد المجلس العسكري بقيادة الكولونيل أسيمي غويتا من أعمال التشتيت منذ عام 2022. فقد كسر التحالف القديم مع فرنسا وشركائها الأوروبيين ليتجه عسكريا وسياسيا نحو روسيا.

وجعل المجلس، الذي يتولّى السلطة في مالي منذ 2020، من استعادة السيطرة على كامل أراضي البلاد إحدى أولوياته.

العرب