يأتي إعدام السعودية للمعارض السعودي الشيعي نمر باقر النمر ضمن مقاربة أكثر جرأة تعتمدها المملكة إقليميا لمواجهة خصمها اللدود إيران، لكنه يهدد برفع مستوى التوتر المذهبي وتسعير النزاعات خصوصا في سوريا واليمن. يرجح محللون أن يؤدي إعدام النمر الذي أوقف قبل أكثر من ثلاث سنوات، إلى زيادة التوتر بين القوتين الإقليميتين الكبيرتين، واللتين تقفان على طرفي نقيض في أزمات كبرى، بينها سوريا والعراق واليمن. فإيران راهنت سابقا على “تردد السياسة الخارجية والداخلية السعودية”، بيد أن “ما حصل في حوالي سنة قلب الطاولة وجعل الرياض في موقف المستفز لطهران”. فقبل زهاء عام، اعتلى الملك سلمان بن عبد العزيز العرش في المملكة خلفا للعاهل الراحل عبد الله بن عبد العزيز، لتتبع سياسة خارجية أكثر جسارة. فالرياض تقود منذ مارس الماضي تحالفا عسكريا عربيا يدعم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ضد المتمردين الحوثيين الذين تتهمهم بتلقي الدعم من إيران. كما أعلنت في ديسمبر الماضي، تشكيل تحالف عسكري إسلامي بهدف محاربة الارهاب”. كما أنها تشارك منذ صيف 2014 في الائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم الدولة. فالسياسة الخارجية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز ماضية في أفعالها ولا تهتم بردود الأفعال”.
أن قرار إعدام المعارض السعودي الشيعي نمر باقر النمر بمثابة الخطوة الجريئة والشجاعة لا سيما في ظل التحديات التي تواجهها المملكة اليوم على أكثر من صعيد. ويعكس هذا القرار حقيقة الرؤية التي تمتلكها القيادة السعودية في تعاملها مع الأحداث واختيار الوقت المناسب للتنفيذ بما يتلاءم والأوضاع السائدة في المنطقة. كما أكدت السعودية بهذا القرار ما تتمتع به من مفهوم للسيادة الداخلية وأعطت رسالة واضحة وبدلائل واقعية وبإشارات مهمة مفادها أن القيادة السعودية لن تسمح بأي تدخل في شؤونها الداخلية واستهداف أمنها الوطني والقومي وسلامة وحياة مواطنيها.
وتلقي الظروف الإقليمية بظلالها الثقيلة على هذه العلاقات السعودية الإيرانية. فالمعايير التي تحكم العلاقة بين طهران والرياض اختلفت خلال السنوات الماضية. فإيران قبل “الثورة الإسلامية”، والتي كانت تحرص على علاقة إيجابية مع المملكة لتشكيل جبهة ضد العراق صدام حسين المدعوم من السوفييت حينها، اختلفت بعد تأسيس جمهوريتها الإسلامية. وعلى الرغم من أنّ العلاقات شهدت تحسناً نسبياً بقيادة عرّابها، أكبر هاشمي رفسنجاني خلال دورته الرئاسية، لكن الظروف الإقليمية والخلاف الإيديولوجي بات يحكم معادلة العلاقة بينهما أكثر.
ستبقى الخيارات السعودية في سورية كما هي، بالضغط باتجاه حل سياسي يستثني الأسد من الساحة السورية، بالإضافة إلى تكثيف الدعم العسكري للفصائل المسلحة، مع بقاء التقارب السعودي ـ التركي على الساحة السورية. وذلك مع تحوّل سورية إلى ساحة حرب إقليمية، لا سيما بين طهران والرياض، منذ وقت مبكر، ولا يتوقع أن يحمل قطع العلاقات السعودية ـ الإيرانية أي جديد في هذا السياق.
الساحة العراقية هي المكان الأبرز لأي تصعيد محتمل مع إيران، إذا أرادت الرياض ذلك. ليس للسعودية حضور مهم على الساحة العراقية، منذ الاحتلال الأميركي لبلاد الرافدين في 2003، وكأن الأمر جاء بمثابة انسحاب اختياري من العراق. مما جعل إيران تنفرد به، خلال السنوات الماضية، وكلّف الأمر السعودية الكثير سياسياً وعسكرياً على المستوى الإقليمي. حتى أن ما يُشاع باعتباره “عودة للسعودية لأداء دور على الساحة العراقية، عبر دخولها في التحالف الدولي الذي أعلنته الولايات المتحدة لمواجهة داعش في 2014″، لم يكن دقيقاً. وتشير معلومات متواترة في هذا الصدد، إلى أن ضربات القوات الجوية السعودية لـ”داعش” لم تكن في الأراضي العراقية، بل السورية، وذلك بسبب حساسية بغداد من أي دور للسعودية على أراضيها، حتى ضمن تحالف أميركي.
تملك السعودية كثيراً من الأسباب للتدخل في العراق، أهمها مواجهة خطر “داعش”، الذي يُمثّل خطراً على الأمن الوطني السعودي، بالإضافة إلى خطر التنظيم الإقليمي والدولي. هذا بالإضافة إلى مخاوف السعودية من النفوذ الإيراني، الذي جعل بغداد بمثابة عاصمة أخرى لطهران، وهي الحالة التي عبر عنها بشكل صريح مستشار الرئيس الإيراني، علي يونسي، في مارس/آذار 2015، حين قال، إن إيران “أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حالياً”. الساحة العراقية هي الساحة الوحيدة التي تمنح السعودية إمكانية التصعيد مع إيران، من خلال دعم القوى التي يمكن أن تتحالف معها، لمواجهة “داعش”. ربما لا يمكن قراءة إمكانية تصعيد من هذا النوع، مع خطوة السعودية المتأخرة بفتح سفارتها في بغداد، وإعادة حضورها الدبلوماسي هناك. لكن لا يبدو أن بقاء الدبلوماسيين السعوديين في بغداد أمر منتهٍ، خصوصاً في ظل دعم حكومة بغداد للخطوات الإيرانية ضد السعودية، والأنباء عن استهداف مقر السفارة السعودية في بغداد من ميلشيات، ودعوات ميلشيات “الحشد الشعبي” لقطع العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، ضمن تداعيات إعدام نمر النمر.
ومع هذا التوتر في العلاقات السعودية الإيرانية سوف يكون من الصعب التوصل إلى اتفاق سعودي إيراني لضبط إنتاج النفط والتحكم في الأسعار، سوف تسعى إيران لتسريع وتيرة دخولها إلى أسواق النفط العالمية، ما يهدد بمزيد من إغراق السوق العالمي، وهو ما يعني فائض إنتاجي قد يبلغ 3 ملايين برميل يوميا بحلول منتصف العام، وهو ما قد يعني أسعار نفط تناهز مستوى ما دون الـ 35 دولارا، واستمرار استنزاف احتياطي النقد السعودي.ورغم إعلانها لموازنة عامة تقشفية، فقد حافظت المملكة العربية السعودية على وتيرة إنفاقها العسكري الذي بلغ نسبة 25% من موازنتها العامة، مع المزيد من الالتزامات في سوريا واليمن، والمزيد من المخاوف أيضا، فإن هذه النسبة تبدو مرشحة للزيادة، وهو ما يعني أن وتيرة سباق التسلح في المنطقة قد يرتفع إلى مستويات غير مسبوقة وغير متوقعة أيضا. وفي هذا السياق تبرز عدة أسئلة: لماذا تصرفت إيران بهذه الطريقة الفجة والمنافية للأعراف والتقاليد الدبلوماسية باقتحام السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مدينة مشهد، هل هناك من يريد أن يعيد إنتاج إيران 1979 عندما تم اقتحام السفارة الأمريكية وحجز الرهائن الخمسة والخمسين لمدة 444 يوما؟ وهل ستندلع حرب جديدة في الخليج العربي؟
أيا كان الدافع فقد أدى هذا التصرف الإيراني إلى خلق حركة تضامن مع المملكة العربية السعودية، امتدت إلى دول عديدة في منطقة الخليج والعالمين العربي والإسلامي ومجلس الأمن الدولي الذي أصدر بيانا بالإجماع يدين هذا الاقتحام المرفوض، الذي يعتبره مخالفا لاتفاقيتي فيينا لعامي 1961
و1963 المتعلقـتيــن بحصانة السفارات والقنصليات.
نرى أن الجمهورية الإيرانية ما زالت تعيش مرحلة الصراع غير المعلن بين الاتجاه الليبرالي المنفتح الذي يمثله الرئيس الإيراني حسن روحاني، ونظام الملالي والمتطرفين والمحافظين، الذين لا يريدون أي تقارب مع الغرب بشكل عام ومع الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص. كما يعتبر هؤلاء أن إيران دولة تمثل شيعة العالم وواجبها أن تقف مع أي شيعي يتعرض للاضطهاد، بالضبط كما تعتبر إسرائيل نفسها ممثلة ليهود العالم تنتصر لهم وتدافع عنهم وتحمل جثامينهم لدفنهم فيها، عندما يقتلون كما حدث لثلاثة يهود قتلوا في الاعتداء على مجلة «شارلي إيبدو» الباريسية في يناير 2015 هذا التيار المتشدد لا يريد للرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف أن يستمرا في سياسة الإصلاح والتأهل لمرحلة ما بعد العقوبات. وكما تقول الكاتبة دينا أسفنديار بمركز العلوم والدراسات الأمنية بكينغ كوليج بلندن «إن المتشددين رأوا أن حرق السفارة السعودية طريقة رائعة لتشويه روحاني وجعل الأمر يبدو وكأنهم المسيطرون على الأمور، خاصة وهم يستعدون للانتخابات البرلمانية في فبراير المقبل».
حاول الرئيس الإيراني حسن روحاني أن يلملم آثار هذا الحادث الخطير فوزع رسالة على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الـ 193 وقدم اعتذاراته، واعدا أن يحضر المسؤولين عن الاقتحام للعدالة. لكن الخراب حصل، كما أن قرار المملكة العربية السعودية بقطع العلاقات مع إيران تبعته خطوات أخرى خاصة من دول الخليج. إذن وجدت إيران نفسها في وضع صعب لم تكن تتوقعه، بل كانت تعد نفسها لمرحلة ما بعد العقوبات وإنعاش الاقتصاد وجذب الاستثمارات والتوسع في العلاقات مع أوروبا خاصة. لكن حادثة كهذه بالتأكيد ستدعو كثيرا من الدول إلى إعادة النظر في العلاقات مع إيران على ضوء مثل هذه المسلكية الطائشة.
بين السعودية وإيران ما لا تغيره ردات الفعل.
مما لا شك فيه أثارت الأزمة الدبلوماسية الراهنة بين المملكة العربية السعودية وإيران، العديد من التساؤلات حول مدى تفاقم الصراع السنى ــ الشيعى وتأثيره على مستقبل منطقة الشرق الأوسط، وبالطبع حول احتمالية نشوب حرب خليجية ثالثة فى القرن 21، وموقع دول الغرب من النزاع الحالى.
وتباينت آراء المراقبين الاستراتيجيين حول احتمالية تفاقم الأزمة الدبلوماسية، حيث توقع البعض استمرار الحرب الباردة بين الرياض وطهران على نفس الوتيرة مستبعدين قيام حرب عسكرية، بينما رأى آخرون أن أسوأ سيناريو يمكن أن تصل له الدولتان هو مواجهة عسكرية صريحة فى منطقة الخليج. ووفقا لما نقلته شبكة «سى إن إن» الأمريكية، قال المحلل العسكرى ريك فرانكونا إن ما يحدث حاليا هو معركة دبلوماسية كبيرة بين السعودية وإيران، مشيرا إلى أن «أسوأ سيناريو يمكن أن تتطور إليه الأمور هو مواجهة عسكرية فى منطقة الخليج». وأضاف فرانكونا: «شخصيا لا أرى أن ذلك يمكن أن يحصل، إلا أنه يمكن رؤية الإشارات بأن المسألة أصبحت بين السنة والشيعة»، لافتا إلى أن ردود أفعال دول الخليج والسودان تجاه طهران، يشير إلى «أزمة دبلوماسية كبيرة نأمل أن تبقى على وضعها وألا تتطور». بينما رأى المحلل الأمنى والمخابراتى بوب بير إن التوتر بين السعودية وإيران «لن يحل بالطرق الدبلوماسية المحضة»، مضيفا أن «ما يجرى هو حربا جديدة لمدة 30 عاما، وسنعيش خلال هذه الأحداث لعقود من الزمن، فلا يوجد حل سهل وبسيط، ولا يوجد حل دبلوماسى محض لذلك»، حسب ما نقلته «سى إن إن».
وفى سياق متصل، قال مايكل باراك فى شئون الشرق الأوسط بمركز دراسات مكافحة الإرهاب، إن «السعودية تعدت خطا أحمر بإعدام النمر، وهو ما اعتبرته إيران إهانة لها»، لافتا إلى أن طهران حذرت مرات عديدة من إعدام رجال الدين الشيعة، ولكن الرياض كانت مصممة على الحد من الإرهاب الإيرانى. وأضاف أن «إعدام النمر هو بمثابة إعلان الحرب على طهران»، متوقعا أن ترد إيران فى المستقبل القريب من خلال «اغتيال شخصية سعودية بارزة على درجة سفير» على الأقل، أو «إعدام عددا من شيوخ الأقلية السنة فى أراضيها كنوع من الانتقام»، مشيرا إلى أن طهران قد تلجأ أيضا لرفع عدد الهجمات فى اليمن ضد السعوديين من خلال جماعة الحوثيين.
وعلى الجانب الآخر، تباينت مواقف الصحف الغربية حول اتجاهات بلادها فى الأزمة الدبلوماسية الأكبر فى الشرق الأوسط، حيث تدفع بعض وسائل الإعلام واشنطن إلى التحيز إلى الجانب الإيرانى، بينما أشارت صحف بريطانية أن لندن عليها أن تدعم الرياض فى مواجهة طهران. وقالت صحيفة«تليجراف» البريطانية، إن كل محاولات رأب الصدع بين القوتين العربيتين ستكون غير مجدية، موجها حديثه للحكومة فى لندن:«إن تحسين العلاقات مع طهران قد يكون خطوة دبلوماسية جيدة، لكن حين نفكر بالدفاع عن مصالحنا فإن الخيار الأكثر صوابا هو البقاء إلى جانب الحلفاء المجربين كالسعودية». بينما قالت مجلة«بوليتيكو» الأمريكية إنه لا ينبغى على الولايات المتحدة أن تنحاز فى حرب الوكالة بين طهران والرياض، ولكن حقيقة الأمر أن«مصالح واشنطن تتماشى أكثر مع إيران»، مؤكدة أن الحكومة الأمريكية«يجب ألا تختار التحالف مع السعودية». وحول وجهة النظر ذاتها، قالت شبكة«بلومبرج» الأمريكية، إن واشنطن تميل أكثر نحو طهران فى الصراع الدبلوماسى الذى يجرى حاليا، وذلك رغم محاولات السياسيين الأمريكيين فى عدم توضيح انحيازهم، لافتة إلى أن«الرسالة السعودية باتت أوضح الآن، فإذا لم تعاقب واشنطن طهران، ستقوم الرياض بذلك».
الموقف العربي من الأزمة
تتفاوت علاقات دول الخليج مع إيران، بين “الجيدة جداً”، كسلطنة عُمان، وبين “السيئة جداً”، كالبحرين، والسعودية. لكن الأكيد أن علاقات دول الخليج مع السعودية أعمق، وذات أبعاد استراتيجية تتعدّى الشراكة أو التحالف، ولا يمكن أن يتم الإضرار بهذه العلاقات بأي حال، من أي دولة من دول مجلس التعاون.
من هنا جاءت مسارعة البحرين إلى قطع العلاقات مع إيران، بعد السعودية مباشرة، وقيام دولة الإمارات بخطوة أقل جذرية، تتمثل بتخفيض التمثيل الدبلوماسي في طهران، وتخفيض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين في أبو ظبي. كما سارعت كل من قطر والكويت إلى شجب اقتحام إيرانيين السفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مشهد، لتؤكد دول الخليج، أنها ستقف مع السعودية، حتى وإن لم تقطع علاقتها الدبلوماسية بشكل كامل مع طهران.
أما سلطنة عُمان، فيبدو أنها مستمرة في سياساتها المرتكزة على تجنّب أي استقطاب إقليمي، وهي السياسة الثابتة منذ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، وحتى التحالف العربي، بقيادة السعودية، في اليمن. على الرغم من التصريح اللافت لسفير عُمان في طهران، سعود البرواني، تجاه الرياض، يوم أمس، خلال لقائه رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، والذي نقلته وكالة أنباء مجلس الشورى الإيراني، حيث اعتبر فيها السفير العُماني، قطع العلاقات مع إيران “قراراً غير حكيم وفق الظروف الحالية” واصفاً الخطوة السعودية بأنها “تأتي من أجل الضغط على إيران ووضع الاتفاق النووي ونتائجه على المحك”.
تباينت ردود الفعل العربية إزاء القطيعة السعودية ـ الإيرانية، فبينما قامت السودان بقطع علاقتها مع إيران تضامناً مع السعودية، اكتفت موريتانيا بالتنديد بالاعتداءات الإيرانية على السفارة والقنصلية السعودية في إيران، وعبّرت عن رفضها التدخلات في الشؤون الداخلية للدول، في إشارة إلى التصريحات الإيرانية ضد السعودية. الجزائر من ناحيتها أعلنت عن “أسفها على تدهور العلاقات بين إيران والسعودية”، داعية الطرفين إلى “التعقل وضبط النفس”.
في هذا السياق، يحتمل أن تخطو الأردن خطوة مشابهة للسودان والبحرين، بينما ما يزال الوضع حائراً في اليمن، بين قطع العلاقات المعلن عنه قبل أشهر، وبين تجميد العلاقات في إعلان آخر، واستمرار عمل البعثة الدبلوماسية في طهران والسفارة الإيرانية في صنعاء. ويتمّ التعامل مع البعثة الدبلوماسية اليمنية في طهران، كـ”بعثة موالية” للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح والحوثيين، بحسب مراقبين. يتوقع أن تضغط السعودية بشكل أكبر على الدول العربية، لا سيما الحليفة لها، لاتخاذ مواقع أكثر صرامة مع الجانب الإيراني، فيما يعد ترجمة حرفية لتصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، المتكررة، حول عزل طهران عربياً، في محاولة للحدّ من نفوذها في المنطقة. يتوقع أن تضغط السعودية بشكل أكبر على الدول العربية، لا سيما الحليفة لها، لاتخاذ مواقع أكثر صرامة مع الجانب الإيراني، فيما يعد ترجمة حرفية لتصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، المتكررة، حول عزل طهران عربياً، في محاولة للحدّ من نفوذها في المنطقة.
نخلص مما تقدم أن التوتر الراهن في العلاقات السعودية الإيرانية ليس توترا منشئ وإنما كاشف لطبيعة التباين الشديد في مصالح، الدولتين، يبدو أن المنطقة تشرع لمرحلة حرب باردة ثالثة بين المملكة العربية السعودية وحلفائها وإيران وحلفائها أيضا. فالأولى كانت ما بين الولايات المتحدة الأمريكية من جانب، والاتحاد السوفييتي من جانب آخر، و أما الثانية فقد كانت عربية عربية بين أنظمة الحكم الملكية بقيادة المملكة العربية السعودية وأنظمة الحكم الجمهورية مصر جمال عبدالناصر ، وها هي المنطقة تستقبل العام الجديد بهذه الحرب الثالثة التي قد تقتصر على الجانب الإعلامي والاستخباراتي وقد تكون هناك حرب بالوكالة تقودها أدوات إيران وحلفائها في المنطقة كحزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن وبشار الأسد وبعض الأحزاب الشيعية في العراق -فكما هو معروف ليس كل العرب الشيعة في العراق يؤيدون سياسة إيران فبحسب آخر استطلاع لمؤسسة Think Tank House أجرته في العراق على أبناء المكون الشيعب فقد أكد 87% من شيعة العرب في العراق قلقون من نفوذ إيران فيه- ضد مصالح المملكة العربية السعودية، التي جل حلفائها في الدول، وهذا الفرق ما بين حلفاء الدولتين، فإيران حلفائها أما دولة على غرار دولة سوريا بشار الأسد تمارس القتل ضد أبناؤها أو حزب كحزب الله الذي يصنف من قبل الدول الغربية على إنه حزب إرهابي. في المقابل للمملكة العربية السعودية لديها من الأدوات التي من شأنها أن تؤثر بشكل سلبي على الداخل الإيراني منها على سبيل المثال توظيف المملكة العربية السعودية التناقضات الإثنية والمذهبية وحالة السخط الذي تعيشه مكونات المجتمع الإيراني من الأحواز والأكراد والبلوشستان ضد الدولة الإيرانية. وفرضها من خلال الدول العربية مقاطعة اقتصادية ودبلوماسية ضد إيران مما سيعمل على عزلها في بيئتها الشرق أوسطية، كما ستعمد في استخدام سلاح النفط ضد إيران من خلال وفرة المعروض منه، حيث أن استعمال هذا السلاح والاستمرار في العقوبات الاقتصادية ضد طهران سيضعف موقفها في الملفات الداخلية مثل التنمية والإصلاح؛ أو قد يرغمها على بعض التنازلات حول الملفات الإقليمية.
المنطقة في ظل التوتر الثاني عال المستوى في العلاقات السعودية الإيرانية والمتزامن مع بيئة إقليمية شديدة الاستقطاب الطائفي قد تشهد المزيد من التوتر في الأحداث الأمنية وفي نزاعات الشرق الأوسط حيث يقف القطبان الإقليميان على طرفي نقيض، ولكن من دون أن يؤدي ذلك إلى مواجهة مباشرة. إلا أنه وكدأب الحربين الباردتين السابقتين فلا بد من منتصر ومهزوم.
وحدة الدراسات الإقليمية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية