برز نشاط ظاهرٌ على المستوى الدولي تجاه المشكلات العربية المتفاقمة منذ عدة أعوام. فقد صدر القرار الدولي رقم 2216 تحت الفصل السابع بالنسبة للمشكلة اليمنية. وصدر أخيراً قراران، رقم 2254 الخاص بالمرحلة الانتقالية في سوريا، ورقم 2259 الخاص بدعم إقامة حكومة وحدة وطنية في ليبيا. بيد أنّ أحداً من المعنيين الدوليين والإقليميين والعرب لا يُظهر تفاؤلاً باقتراب الحلول وإنفاذ القرارات الدولية ذات الصلة، فالقرار الدولي الخاص باليمن، يطالب المتمردين بالانسحاب من المدن، وتسليم السلاح. وقد تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية لإنفاذ القرار، وأمكن تحرير معظم أجزاء المحافظات الجنوبية ومحافظات الوسط، بقوة السلاح وليس بالمفاوضات التي انعقدت مرتين. وفي مفاوضات جنيف الثانية ما أمكن الاتفاق على البند الأول الخاصّ بإجراءات بناء الثقة. وقد تحدد موعدٌ لاجتماع ثالث لمتابعة التفاوض، لكن الرئيس المخلوع الذي يساند الميليشيات الحوثية قال إنه لا يعترف بالحكومة الشرعية، ولا يقبل التفاوض إلا مع السعودية، وما تزال تعز محاصرة وتُعاني بشدة، رغم تحقيق اختراقات في سائر المحافظات والوصول من جانب المقاومة والجيش الوطني إلى ريف صنعاء، وهكذا فرغم القرار الدولي الجازم، ورغم التقدم العسكري، فلا يُنتظر حصول تقدم ملموس بالتفاوض السياسي، يعيد الهدوء والسكينة لليمن المعذَّب.
والأمر أصعبُ في الملفين الآخرين، فرغم القرار الدولي المتعلق بسوريا، يعلن الروس والإيرانيون عن استمرارهم في القتال إلى جانب نظام بشار الأسد، وبذلك، فمن الذي سيسعى لفرض الحلّ السياسي أو لوقف إطلاق النار؟ الذي يبدو الآن أنّ سوريا مقبلةٌ على عامٍ سادسٍ من المُعاناة بالقتل والتهجير واستبدال السكان، والمزيد من قوافل اللجوء إلى تركيا وعبرها إلى أوروبا التي ذهب إليها عام 2015 حوالى المليون لاجئ، يضافون إلى أكثر من أربعة ملايين في تركيا والأردن ولبنان.
أمّا الملفّ الليبي الذي صدر فيه أكثر من قرار دولي آخرها رقم 2259، فإنّ حكومة الوحدة الوطنية التي اقترحها الوسيط الدولي «كوبلر» تواجهُ اعتراضاتٍ كثيرةً من أطرافٍ بالداخل، حتى ممن أيدوها بدايةً، ثم مَن الذي سينفّذ على الأرض القرارات الدولية حتى لو قامت حكومة الوحدة؟! هناك مئات التنظيمات المسلّحة التي تنتشر بالمناطق المختلفة والشاسعة من البلاد. وقد سمعتُ الوسيط الدوليَّ يطالب الجيش والشرطة بليبيا بدعم حكومة الوحدة بذريعة إشراكهم جميعاً في الحل، لكنا نعلم أنّ الجيش والشرطة والمتطوعين المتركزين في الشرق والوسط ما استطاعوا إخراج «القاعدة» و«داعش» من بنغازي!
وفي سوريا مئات التنظيمات المسلَّحة. والمحادثات السياسية بمقتضى القرار 2254 ما تزال في بداياتها. ولا أمل كبيراً في إنفاذ وقفٍ لإطلاق النار، لأنّ الروس والإيرانيين يأملون بالانتصار العسكري على المسلَّحين. ونعرف كيف يمكن إلزام الفصائل العسكرية، مثل «داعش» و«النصرة» و«أحرار الشام»، والتي لا تشارك في المحادثات، والمعتبرة تنظيمات إرهابية.. فمن يجرؤ على تعليق الجرس؟
إن كل هذه الانسدادات البادية، ونحن لم نتحدث بعد عن الداء العضال المتمثل في تنظيم «داعش» بالعراق وسوريا وليبيا.
قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إنّ الإرهاب لا يمكن القضاء عليه إلاّ إذا كانت هناك جبهةٌ واحدة، ولا يبدو أنه عام 2016 سيشهد ميلاد تلك الجبهة!
ما العمل في عام 2016 ما دام الواقع على الأرض على هذا النحو؟ الذي يبدو أنّ «ضرورات» الأطراف الدولية، ليست ضرورات العرب. الدوليون مهتمون أن لا يصل الإرهاب إلى ديارهم، لكنّ ضروراتهم لا تتناول إعادة بناء الدول في النواحي العربية الممزقة مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن.. وفلسطين. ولا أحد من العرب، باستثناء السعودية والإمارات، مُريدٌ أو قادر على أن تتجاوز اهتماماته حدود بلده. فيا للعرب!
د.رضوان السيد
صحيفة الاتحاد الإماراتية