اعاد التدخل العسكري التركي الاخير في شمال العراق والذي استخدمت فيه المعدات الحديثة والطائرات الحربية المدفعية الثقيلة وإعداد من القوات البرية في عملية أمنية منظمة لمطاردة مقاتلي حزب العمال، وسيطرت بموجبه القوات التركية على عشرات من القرى في محافظة دهوك، التابعة لإقليم كردستان العراق، منذ بداية شهر تموز 2024 وتمكنت من الوصول إلى مقرات ومستودعات واسلحة الحزب في مناطق قنديل وجبل كارا، وقامت بإنشاء نقاط مراقبة داخل القصبات القريبة من مدينة دهوك وإقامة قواعد عسكرية في سفوج جبال متين والتوغل بمسافة 40 كم في عمق الأراضي العراقية.
وسبق للقوات التركية وان اتخذت من معسكر بعشيقة ضمن المناطق الإدارية لمحافظة نينوى قاعدة متقدمة لها، وبعد تصريح وزير الدفاع التركي ( يشار غولر) بتوجه قواته لإقامة منطقة آمنة بعمق 30-40 كم على طول الحدود المشتركة بين تركيا وسوريا والعراق، تحركت حكومة العراق وكثفت من اتصالاتها مع الجانب التركي منذ العاشر من تموز 2024 وناقشت السبل الكفيلة لمعالجة آثار العملية العسكرية التركية والتدخل الكبير الذي طال الأراضي العراقية والتي أدت إلى حركة نزوح كبيرة من أبناء الشعب الكردي وأصبحت الحكومة المركزية أمام قرار سيادي بضرورة معالجة هذه النتائج والخروج بصيغ فاعلة تحفظ سيادة البلاد، والتي قرأتها أنها ابتعدت كثيراً عن ما اتفق عليه في زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان لبغداد في نيسان 2024، وأن القوات التركية قد تجاوزت الشريط الحدودي بمساحات واسعة وعملت على انشاء قواعد ونقاط ثابتة داخل الأراضي العراقية.
ورغم ان المباحات التركية العراقية قد ناقشت إمتداد التواجد التركي والذي يمثل 14 مقرًا عسكرياً في أربيل و12 مقرًا في قصاء سيدكان، واثنان في ميركسور، وفي محافظة دهوك يوجد 41 مقراً عسكريًا، 23 منها في مناطق شيلادزي، وكاني ماسي، وبامرني، وديرلوك، وهناك 18 مقرًا في قضاء زاخو، ولكنها استمرت في عملية انشاء المواقع العسكرية والقوات الأمنية.
بعد دخول عناصر داعش الإرهابية إلى مدينة الموصل في التاسع من حزيران 2014، قامت الحكومة التركية وللظروف التي كانت تعيشها المنطقة ان تمكنت من إدخال قوة تركية تعدادها مئات من الجنود والضباط مع 25 دبابة وعدد من المدرعات في كانون الأول 2015 وتمركزت في معسكر بعشيقة الذي يبعد 20 كيلومترا عن شرقي مدينة الموصل.
وضم المعسكر عسكريين أتراك من أجل تدريب قوات من البيشمركة وعناصر من حرس نينوى ( وهو تشكيل عسكري محلي) أنشأ بعد أحداث داعش للمساهمة في تحرير المدينة من الإرهاب وتم تعزيز القوة التركية محددًا ب( 150) جنديًا إضافيًا مع 25 دبابة ،ورغم اصرار الحكومة العراقية آنذاك على سحب تلك الوحدات بذريعة انتهاك الحقوق السيادية للبلاد، إلا أن الجانب التركي ابقى القوة لأهداف لوجستية وسياسية خاصة بأهدافه في المنطقة.
رأت الحكومة العراقية في الأيام الماضية أن وجود القوات التركية على الأراضي العراقية يشكل خرقًا سياديًا لها، وأن تزايد الاعداد من الجنود والضباط والاليات والمعدات الثقيلة والطائرات المقاتلة سيؤدي إلى تزايد حالة عدم الاستقرار الأمني والصراع على الأراضي العراقية في حرب تؤثر على حياة وسلامة أبناء الشعب العراقي والأمن القومي للبلاد.
وتمكن مركز الروابط للدراسات والبحوث الاستراتيجية من الحصول على معلومات من مصادر موثوقة عن توجه وفد رسمي عراقي كبير إلى أنقرة يضم في عضويته وزيري الخارجية فؤاد حسين والدفاع ثابت العباسي ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ووزير داخلية إقليم كردستان للاتفاق مع الجانب التركي على وضع أسس ومعايير ثابتة تحترم بموجبها تركيا سيادة العراق وسلامة أمنه الوطني والحفاظ على لبناء شعبه، ومن أهم النقاط الرئيسية هي رفع راية العلم العراقي في معسكر بعشيقة وانهاء التواجد التركي فيه.
تمثل هذه الخطوات توجهًا سياسياً، يؤخذ بنظر الاعتبار إنهاء حالة من الصراع الإقليمي على أرض العراق والحفاظ على المصالح الاقتصادية للبلاد والعمل بوتائر متصاعدة باتجاه مشروع التنمية العراقي المشترك مع دول الحوار وبعض اقطار الخليج العربي.
وحد الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية