عاودت القوات العسكرية في الجيش السوداني مواقفها من دولة الإمارات العربية المتحدة من جديد واخذت مسارًا خطيرًا تعدى حدود العلاقة بين الأشقاء، عندما هاجمت طائرة عسكرية المقر الرسمي السفير الإماراتي في العاصمة السودانية ( الخرطوم) في التاسع والعشرين من آيلول 2024 وأحدثت اضرارًا كبيرة في المبنى دون أي خسائر بشرية.
يعتبر الحادث والاعتداء الأثم انتهاك صارخ للأعراف الدولية والقوانين الدولية التي ترعى العلاقات السياسية بين بلدان العالم وشرخ كبير في العلاقات الودية بين الأشقاء العرب وامتداد واضح لموقف الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان من القيادة السياسية لدولة الإمارات العربية المتحدة وانكار ميداني للمساعدات الانسانية والاقتصادية والمواقف الأخوية التي حرصت أبو ظبي على استمرارها طيلة عقود من الزمن.
جاء الاعتداء ليؤكد حقيقة الموقف الرسمي لقيادة الجيش السوداني من المواقف السياسية التي تدعو إليها الإمارات العربية بضرورة وقف القتال والصراع العسكري القائم منذ الخامس عشر من نيسان 2023 في السودان بين الأطراف المتنازعة والعمل على إيجاد حلول جذرية لإيقاف نزف الدم بين أبناء الشعب السوداني، والدعوة الحقيقية لوضع الأمور في مسارها الصحيح عبر الالتزام بالمبادرة السعودية الأمريكية وبالدور الإماراتي الذي أصبح جزءًا فعالًا في اجتماعات جدة بين قوات الجيش والردع السريع والذي تخلف عنه وفد الجيش ولم يحضر الاجتماعات الأخيرة التي دعت إليها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وبمؤازرة الموقف الإماراتي مما أدى إلى وقف المحادثات واستمرار القتال الذي يذهب ضحيته الأبرياء من السودانيين.
تتعرض دولة الإمارات العربية المتحدة للعديد من الاتهامات من قبل قيادة الجيش السوداني لتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الخطيرة التي تحدث في الميدان السوداني والمأسي التي يعاني منها أبناء الشعب والتي أدت إلى نزوح أكثر من (10) مليون مواطن سوداني إلى دول مجاورة( تشاد ومصر وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى وأثيوبيا) بعد أن تم تدمير البنى التحتية للبلاد وتزايد المجاعة بين السكان بفعل اصرار الجيش السوداني على استمرار القتال ورفضه حضور المفاوضات وحل الخلافات.
تتجه سياسة الإمارات العربية نحو الأزمة السودانية وفق المعايير الأساسية التي تدعو لوقف الحرب والعودة للمسار السياسي وتقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز دور المنظمات الإغاثة والعودة المفاوضات الثنائية وحقن الدماء بين أبناء الشعب الواحد ورفض الوسائل التي تقوم بها أطراف إقليمية ودولية لتشويه الموقف العربي لدولة الإمارات من الصراع السوداني.
عملت دولة الامارات العربية المتحدة منذ عقود زمنية على تطوير العلاقات الثنائية مع السودان وزيادة الاستثمار المالي فيه وتشجيع رؤوس الأموال للعمل في تحسين الاقتصاد السوداني ورفع إنتاجية الدولة في مجالات التجارة والزراعة ، ومن أهم الأدوات التي عملت عليها الإمارات العربية هي توسيع عملية الاستثمار الزراعي والتنمية الاقتصادية والارتقاء بالبنى التحتية للمشاريع الاروائية في السودان مستفيدة من خصوبة الأراضي الزراعية ووفرة المياه، وهذا ما ساعد على النهوض الاقتصادي وتحسين اداء الحكومة السودانية في معالجة العديد من الأزمات التي كان يعاني منها المجتمع السوداني كما وأن الإمارات تعتبر الطرف الرئيسي الأول في شراء معدن الذهب السوداني الذي كان يبلغ إنتاجه (80) طن سنوياً.
ان حكومة الجيش السوداني لا تسعى الى مفاوضات حقيقية ودائما ما تبحث عن مبررات للتهرب من مسؤوليتها في إيصال الأوضاع الميدانية إلى هذه المرحلة من القتال وعدم مراعاة الجوانب الإنسانية والمعاناة القاسية التي يعيشها أبناء الشعب السوداني.
وحدة الدراسات العربية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية