المليشيات الشيعية العراقية ودورها العميق في إذكاء الصراع الطائفي

المليشيات الشيعية العراقية ودورها العميق في إذكاء الصراع الطائفي

ظهور مليشيا شيعية جديدة في العراق تحت اسم “سرايا الخراساني” يشير إلى انقسام طائفي متزايد، وتصاعد متزايد للتأثير الإيراني. في حين أن المليشيات، بلا شك، لا غنى عنها في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن هناك تأكدًا أقل بكثير بتأثيرها طويل الأمد.

المليشيات الشيعية في العراق تصبح أكثر طائفية وازديادًا في ضيق الأفق وإعلان الاصطفافات، بينما يتكثف الصراع ضد داعش وحلفائها. على سبيل المثال، سرايا الخراساني مسماة على اسم المرشد الأعلى آية الله الخميني، الذي يسمى بالسيد الخراساني لدى أتباعه المقربين، وتعلن بوضوح ولاءها لإيران.

تعتبر إيران المعركة مع داعش وحلفائها فرصة لتعميق التأثير في العراق، وتطوي مراكز قوى مستقلة عن الحكومة العراقية. لكن، بينما تتطور هذه السياسة، فإن الاستراتيجيين الإيرانيين في حيرة لتفسير المكاسب الواقعية أو المتوقعة الناتجة عن تعميق التأثير الإيراني في الشؤون العراقية.

تاريخ من المليشيات

تطور العوامل غير التابعة للدولة كان ميزة لسياسة إيران الخارجية لأكثر من ثلاثة عقود. أكبر مثال على ذلك هو حركة حزب الله في لبنان، والتي مددت وصول إيران إلى الضفة الشرقية للبحر المتوسط.

في جارتها العراق، بدأت الجمهورية الإسلامية بتنظيم الشيعة العراقيين المعارضين في السنوات الأولى من الحرب الإيرانية-العراقية. بجانب تطوير سعتها من المجموعات الموجودة حاليًا، مثل حزب الدعوة، أسست إيران المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، والذي يعرف باسم المجلس الإسلامي الأعلى للعراق.

سرايا بدر، الجناح المسلح للتنظيم، كانت عديمة الفائدة بالنسبة لإيران في حربها ذات الثمان سنوات مع العراق. بكل حال، لعبت دورًا محوريًا بتأسيس التأثير الإيراني في العراق في التبعات المباشرة للاحتلال الأمريكي في 2003. السرايا التي أصبحت تعرف الآن باسم “منظمة بدر”، ويقودها المؤثر هادي العامري، هذه المجموعة شبه المسلحة تلعب كرأس حربة في المعركة ضد داعش.

التمرد على الاحتلال الأنجلو-أمريكي (2003-2008)، والصراع السني الشيعي الموازي أعطى إيران الفرصة لتوسيع تأثيرها العسكري في العراق لأكثر من منظمة بدر.

تم تخصيص موارد ضخمة لتطوير الكتائب الأكثر انضباطاً وقدرة لـ”جيش المهدي” الذي يتبع مقتدى الصدر. الجيش الذي سماه الجيش الأمريكي بـ”القوات الخاصة”، تلقى تدريبات متقدمة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لمحاربة الاحتلال الأنجلو-أمريكي.

العلامة الفارقة للقوات الخاصة كانت المتفجرات الخارقة للدروع، شكل أكثر تطورًا وإماتة من العبوات الناسفة المنتشرة في العراق، والمستخدمة من المتمردين العراقيين.

البعض من المجموعات الخاصة ألحق لاحقًا في الجيش العراقي وقوات الأمن. بعد ثلاث سنوات من الإنهاء الرسمي للاحتلال الأمريكي، هذه البنى تشكل الطبقات الأكثر قدرة وحماسًا وقوة للقوات المسلحة العراقية الرسمية.

هجوم داعش العاصف في العراق حزيران الماضي أعطى دافعًا للسياسة الإيرانية المنتظرة لتطوير المجموعات الشبه العسكرية في العراق. بجانب سرايا بدر القديمة، ما لا يقل عن أربع وعشرين ميليشيا وتنظيمًا شبه عسكري تشارك في المليات ضد داعش وحلفائها بطول غرب وشمال ووسط العراق. أبرز هذه الفصائل: عصائب أهل الحق، وكتائب وحزب الله، وسرايا الزهراء.

أكثر ميزة صادمة في هذه المليشيات الجديدة، خصوصًا سرايا الخراساني، هي ولاؤها المفتوح لإيران. بجانب إعطائها البيعة للقائد الإيراني، تستخدم السرايا شعارًا يشبه شعار الحرس الثو ري الإيراني بشدة.

في الماضي، حلفاء إيران الأيديولوجيون في العراق لم يعلنوا ولاءهم للجمهورية الإسلامية، خوفًا من إبعاد الرأي العام العراقي والعربي. هذا التطور ينبئ عن تقسيم العراق، وغياب الدولة العراقية.

تأثير دون مكاسب؟

بينما يبرر الحديث عن ضعف القوات المسلحة العراقية الرسمية، إلى حد ما، تطور المليشيات والتنظيمات شبه العسكرية أمام عدو قاتل، فمع ذلك فإن هناك قلقًا متزايدًا على المدى الطويل لتأثير هذه الظاهرة.

المشكلة الأكثر وضوحًا هي الانقسام الطائفي المتزايد، خصوصًا مع وجود تقارير تتحدث أن المليشيات الشيعية تعيث خرابًا ودمارًا في المناطق السنية، خصوصًا في مقاطعة صلاح الدين. بينما لا تعد المليشيات الشيعية أقل تطرفًا من الدولة الإسلامية، فمع ذلك فإن بعض تصرفاتهم وخطابهم يرفع الصراع الطائفي ويزيد المشكلة المستقبلية.

أكثر من ذلك، فإن تكاثر المليشيات غير ملائم للجدوى طويلة الأمد للدولة العراقية. الحكومة العراقية متكلة، بشكل مفهوم، على المليشيات لاحتواء تهديد كبير، لكنها من الواضح لا تبصر مخاطر الاعتماد المبالغ به على هذه المجموعات. التهديدات طويلة الأمد للدولة العراقية، مثل القومية الكردية، يمكن مقابلتها بقوات مسلحة أكثر احترافية وقوة.

هذه المليشيات تشكل تهديدًا مستقبليًا للرعاة الإيرانيين. حتى اليوم، امتلكت إيران سياسة موحدة ومتماسكة تجاه العراق، بمساندة الحكومة الشيعية التي أتت بعد الحرب في بغداد. خلال سنوات الاحتلال الأنجلو-أمريكي، تطور العوامل الخارجة عن الدولة لم يكن غير منسجم مع هذه السياسة المثبتة.

تكثيف الدعم للمليشيات يشير إلى تأثير للحرس الثوري الإيراني في السياسة الإيرانية نحو العراق، مما قد يؤدي بتقسيم السياسة واتخاذ القرار، بما قد يؤدي لخسائر للنفوذ الاستراتيجي. لتنجح إيران في العراق على المدى الطويل، يجب أن تحافظ على طريقة استراتيجية واضحة النظر، وأن لا تتبنى سياسات الطائفية.

مهان عابدين – ميدل إيست آي (التقرير)

http://goo.gl/3wTwFt