التوتر السعودي – الإيراني واسواق النفط

التوتر السعودي – الإيراني واسواق النفط

Iran_KSA-Oil

بعد التطورات الاخيرة بين المملكة العربية السعودية وايران على خلفية تنفيذ الرياض عقوبة الاعدام بحق عدد من المتهمين بالإرهاب ومن ابرزهم ، نمر باقر النمر ، وفارس ال شويل ، ارتفعت اسعار النفط اكثر من 2% على خلفية تلك الاحداث ، لكنها ما لبثت ان عادت للهبوط .
ردود الفعل المتسارعة بين البلدين والاعتداء على السفارة السعودية في طهران ، قادت أسعار النفط الى الصعود ، الذي لم يستمر طويلا، فبعد ان قفزت اسعار خام برنت لتصل إلى مستوى 38.5 دولار للبرميل ، عادت من جديد لتنخفض الى 36 دولارا ، ومن المعلوم إن البلدين منتجان رئيسيان للنفط في منظمة الدول المصدرة للبترول” اوبك” .
ووفقا لخبراء في مجال النفط ، من المرجح أن يبلغ متوسط أسعار برنت والخام الأميركي حوالي 50 دولارا للبرميل في 2016، مع عدم قدرة نمو محدود للطلب على استيعاب الزيادة في المعروض.
إلى ذلك استبعد استطلاع للرأي أجرته وكالة «رويترز» ونشرت نتائجه ارتفاع أسعار النفط كثيراً هذه السنة، إذ يبدو أن النمو الضعيف للطلب لن يكفي لاستيعاب تزايد العرض من دول مثل إيران والعراق على رغم توقع تراجع الإنتاج من خارج «منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك”.
من هنا يمكن القول ان الامر المستهجن لدى العديد من المراقبين هو استقرار اسعار النفط مادون سقف 40 دولارا للبرميل ، بالرغم من التوتر بين طهران والرياض ناهيك عن التوترات التي تشهدها المنطقة ، فما السبب وراء هذا الاستقرار والثبات في اسعار النفط ؟
في الحقيقة يشهد سوق النفط في هذه الايام اسوأ مراحله منذ اكثر من ثلاثة عقود ، حيث يواجه تحديات كبيرة ، فهناك اليوم تخمة في المعروض النفطي ، وهناك ايضا منتجون جدد في السوق(النفط الصخري) ، وهناك انعكاسات التباطؤ في الاقتصاد الصيني والعالمي ، وهذه جميعها شكلت تحديات شكلت ضابطا على اسعار النفط .
واليوم يتزايد التوتر في العلاقات بين الرياض وطهران ، وهو امر من شأنه ان يفرض استراتيجية مواجهة قد تأخذ شكل المواجهة الاقتصادية والعسكرية ، ويعود بمسألة التهديدات الايرانية من جديد، حول اغلاق مضيق هرمز الذي انتهجته طهران في الماضي.
المشكلة الحقيقة بالنسبة لأسواق النفط حاليا ليست الانتاج ، بل توقف الامدادات وتعطلها ، وهو امر قد يشعل الاسعار بشكل كبير.
قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين السعودية وطهران قد يترتب عليه ؛ غياب التعاون في مجال النفط ، وقد تشكل هذه الحالة نوعا من التضارب والمواجهة ، و اتخاذ طهران سياسة لمواجهة سياسة الإبقاء على سقف الانتاج بقيادة السعودية ، وهو ما قد يحدث ارباك في اسواق النفط ، لكنه لن يؤثر في الاسعار، ناهيك عن تفعيل دور النفط الصخري ، في حال تراجع الامدادات النفطية من المنتجين الرئيسيين .
لدى السعودية مع إيران مخزونات نفطية كبيرة ، تصل إلى 400 مليار برميل، ومعظم هذه الكميات موجودة في حقول قريبة من مضيق هرمز ، و يمكن لأي مواجهة بينهما أن تؤدي إلى تعطيل الملاحة فيه وقطع إمدادات نفطية تقدر بـ17 مليون برميل يوميا عن الأسواق العالمية، ما يعني أن المواجهة الكلامية بين البلدين يفترض أن تشعل قلق الأسواق العالمية.
ومن المعلوم ان منطقة الشرق الاوسط تعيش حالة من الغليان بسبب التوترات والصراعات في عدة دول ومنها : سوريا ، واليمن ، وفلسطين ، ناهيك عن التوترات الحدودية في تركيا ، والسعودية وغيرها من الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة بشكل عام .
ويرى المحلل لدى “آي جي ماركتس” في سنغافورة برنارد آو أن “الأسواق الآسيوية تتفاعل مع المخاوف من أن تؤدي التوترات الجيوسياسية بالشرق الأوسط إلى تهديد إمدادات النفط”.
و رغم هذه التوترات التي تشهدها المنطقة، فإن أسعار النفط مازالت منخفضة بواقع الثلثين منذ منتصف 2014 نتيجة الفائض الضخم من المعروض، في وقت يضخ فيه المنتجون ما بين 0.5 مليون ومليوني برميل يوميا أكثر من الطلب.
اذن فالمشكلة الحقيقة للاسواق حاليا ليست في الانتاج النفطي كما ذكرنا سابقا ، فالأسواق متخمة بالمعروض واي امدادات جديدة لن تحدث اي تأثير، لكن المشكلة الحقيقية هي في توقف امدادات النفط في حال نشوب اي مواجهة حقيقة ، وعندها ستشتعل الاسعار الى مستويات غير مسبوقة ، وقد تسجل ارقاما قياسية جديدة قد تصل الى سقف 200 دولار للبرميل  .

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية