معمر فيصل خولي
ساعات تفصلنا عن اللقاء المرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بصديقه المفضل عالميًا دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، فهذه الزيارة ليست مجرد زيارة من أجل تهنئة ترامب بالعودة مجددًا إلى البيت الأبيض وليست كذلك زيارة بروتوكولية كالزيارات البروتوكولية المتعارف عليها، وإنما هي في الأساس زيارة للتأكيد على عمق علاقة التحالف الأمريكية الإسرائيلية والتي تعود إلى عقود من الزمن، ومن جانب آخر تقييم آخر المستجدات التي طرأت على بيئة الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر / تشرين الأول عام 2023م، ولغاية يومنا هذا، وتطويعها لرؤية إسرائيل للشرق الأوسط ما بعد ذلك التاريخ..
وقبيل مغادرة نيتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية صرح قائلا:” قراراتنا وشجاعة جنودنا أعادت رسم الخريطة. لكن أعتقد أن بالعمل عن كثب مع الرئيس ترامب يمكننا من المزيد من إعادة رسمها وعلى نحو أفضل، بإمكاننا أن نعزز أمن إسرائيل، وأن نوسع دائرة السلام إلى أبعد مدى، وأن نحقق عصرًا رائعًا لم نحلم به أبدًا”. عصر من الرخاء والأمن والسلام من القوة.. وقوة التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة”.
هذا يعني أن زيارة نينتياهو إلى صديقه في البيت الأبيض ليس لمناقشة مشروع إيران النووي أو مشروعها الصاروخي وإنما نتينياهو يرغب في اقناع صديقه دونالد ترامب في وضع خطة امريكية اسرائيلية للتخلص من الدور الإيراني بالشرق الأوسط، الدور الذي ترى فيه إسرائيل أنه يهدد أمنها، ويعطل مشاريعها السياسية في الشرق الأوسط، كما أنه من وجهة نظر إسرائيل يهدد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية فيه.
فنيتنياهو يرى أن الوقت الراهن يمثل فرصة استراتيجية للتخلص من الدور الايراني أو على الأقل تقدير أن تتخلى إيران عن منطق إيران الثورة إلى إيران الدولة، مدفوعًا بثلاثة عوامل، أولًا العامل الإقليمي، نيتنياهو يرى أن الظرف الاستراتيجي الراهن لمواجهة إيران ملائم جدا لاسيما بعد أن تراجع القدرات القتالية لمحورها الإقليمي وخسارة الجيوستراتجية التي تلقتها في سوريا، هذا التراجع والخسارة قد شكلا لإيران غياب عمقها الدفاعي الإسراتيجي بينما هذا الوضع من شأنه أن يشجع إسرائيل من أجل الاستمرار في مواجهة إيران بشكل مباشر. أما الثاني: فهو العامل الإسرائيلي: فنتينياهو لأسباب شخصية أو سياسية أو تاريخية يرغب في مواصلة القتال ليس فقط ضد المحور الايراني وإنما أيضًا ضد العمق الإيراني والذي شجعه على ذلك تعيين مسؤولين إسرائيليين يدفعون بهذا الاتجاه، ومنهم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد إيال زمير ، وها هما الآن، في موضع اتخاذ القرار، الذي صرح قائلا:” المعركة لم تنته وعام 2025 سيظل عام القتال”.
أما الثالث، فهو العامل الأمريكي: الذي يرى فيه نيتنياهو فرصة إسرائيلية قد لا تتكرر كي اقناع مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية” البيت الأبيض والكونجرس” في تنفيذ خططها بما ينسجم مع مصالحها في الشرق الأوسط، فالتصريحات الصادرة عنهما جاءت داعمة لإسرائيل بشكل مطلق. ومن هذه التصريحات تصريح السناتور الجمهوري ليندسي غراهام ” هناك فرصة واحد من تريليون لإضعاف البرنامج النووي الإيراني عبر الدبلوماسية، هناك فرصة 90% لإضعافه عبر عمل عسكري إسرائيل مدعوم من الولايات المتحدة. وعليه فالموضوع المقبل الذي سأطرحه مع الرئيس ترامب هو انتهاز الفرصة وتدمير البرنامج النووي لأنهم باتوا مكشوفين”.
لذلك ترى إسرائيل أن الظرف الإقليمي والدولي موات لها من أجل أن تقوم بشكل منفرد أو بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في استكمال ما بدأته ضد محور إيران. فهل هذا العام بالنسبة لصانع القرار السياسي في إيران عام “إيران الدولة” أم أن هذا العام أهدافه الإسرائيلية والأمريكية ضد إيران تتجاوز ذلك.
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة