البرامج التسليحية الإيرانية… تفاوض أم مواجهة

البرامج التسليحية الإيرانية… تفاوض أم مواجهة

اياد العناز

صعدت إيران من إجراءاتها وفعالياتها العسكرية وما توصلت اليه من عملية إنتاج للصواريخ بعيدة المدى والسفن البحرية ودخول الفضاء الخارجي بارسال أقمار صناعية للاتصالات والتقاط الصور.
واتخذت من اليوم العلمي للتكنولوجيا الفضائية في الثاني من شباط 2025 وبحضور الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مناسبة لعرض صور لصاروخ (اعتماد) والذي يبلغ طوله (16) مترا وبمداه (1700) كم، والإعلان عن إطلاق ثلاثة أقمار صناعية (ناوك وبارس 1وبارس2) مخصصة للاتصالات والاستشعارات المتطورة، وفي السياق نفسه قامت قيادة القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني في الأول من شباط 2025 بالكشف عن مدينة صواريخ كروز المضادة للمدمرات ( قدر 380) تحت الأرض وبحضور حسين سلامي قائد الحرس الثوري أثناء زيارة تفقدية لمدى جاهزية وحدات الصواريخ البحرية، وهو الاعلان الثاني الذي يتعلق بتخزين السفن تحت الأرض في المياه الجنوبية لإيران، والتي ظهرت في لقطات مصورة لسفن صغيرة مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الارض.
جاء الاعلان عن هذا التطور في برنامج الصواريخ الإيرانية والمساحات العلمية الفضائية، بعد الحملة التي بدأ يقودها العديد من أعضاء الحزب الجمهوري في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران ومطالبتهم بالعودة إلى سياسة ( الضغط الأقصى) ومنعها من امتلاك أسلحة نووية وإقامة بنية تحتية عسكرية وتحييد مشروعها السياسي الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، وتصعيد الإجراءات بزيادة العقوبات الاقتصادية والضغط السياسي عليها، والإعلان عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة الأمريكية ولقائه الرئيس ترامب وانه سيبحث في كيفية مواجهة الخطر والسلوك الإيراني في المنطقة.
تحاول إيران إثبات قدرتها وإمكانية مواجهتها لأي تحركات واجراءات أمريكية بالسعي المستمر لتوسيع برنامجها النووي والتقدم في برنامجي الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، وإعادة النظر في خياراتها النووية كونها تمتلك العناصر الأساسية لصناعة الاسلحة النووية بما فيها تخصيب اليورانيوم وتخزين أجهزة الطرد المركزي نوع ( IR6S) المستخدمة في إنتاج اليورانيوم بنسبة 60٪ والخبرة الفنية وأنظمة الإطلاق والمنشآت.
وهي رسائل سياسية ترسلها إلى الإدارة الأمريكية الجديدة ولشركائها الأوروبيين بأنها لا زالت تمتلك القدرة على إظهار القوة والتعامل مع المتغيرات السياسية وسعيها لاستمرار نفوذها الدولي والإقليمي ضمن سياستها في إظهار قوتها وثبات موقفها واعتبارهما قوة إقليمية مؤثرة في المنطقة.
وسبق لقائد هيئة حماية وأمن المنشآت النووية العميد أحمد حق طلب أن تحدث قائلًا ( اذا شنت إسرائيل هجوماً على إحدى المنشآت النووية الإيرانية فإن النظام قد يعيد النظر في عقيدته النووية)،
بعد أن أعلنت إسرائيل أنها تمكنت من ضرب البنى التحتية للدفاعات الجوية الإيرانية وافقدتها القدرة على مواجهة أي هجمات جوية تجاه العمق الإيراني.
القيادة الإيرانية وبعد التوقيع على معاهدة الشراكة الاستراتيجية مع روسيا، تقول إنها تمكنت من إيجاد بدائل سياسية داعمة لها في الشرق وأنها تمتلك حلفاء دوليين في إطار علاقتها الثنائية مع الصين وروسيا، وأن أي تمدد في سياسة الضغط الأقصى الأمريكية نحوها، فإنها ستعمل على الاستمرار بإجراءاتها العملية والفنية في تطوير برامجها التسليحية والدفاعية والتوجه نحو التسليح النووي والتقارب أكثر مع روسيا، خاصة بعد التعاون الثنائي بين الدولتين والدعم الذي قدمته طهران لموسكو في حربها مع أوكرانيا في تكنولوجيا الطائرات المسيرة والإنتاج الدفاعي المشترك.
استمرت إيران في الاعلان عن التطور الحاصل في برامجها التسليحية وتصميمها طائرة مسيرة قادرة على التحليق لمسافات كبيرة تصل إلى (4000) كم تتمتع بكفاءة تكتيكية عالية ويمكنها مهاجمة أهدافًا حيوية باستخدام تقنيات التوجيه عبر الأقمار الصناعية ( GPS)،
وتتمكن هذه الطائرة التي سميت ب( شاهد 136B) من استهداف أماكن ومواقع متقدمة عابرة للحدود اذا ما استهدف العمق الإيراني من أي دولة إقليمية أو غربية.
عملت إيران على استباق أي توجيه أمريكي تتخذه الإدارة الجديدة بالقيام بمناورات عسكرية مركبة قامت بها قوات الحرس الثوري مع قوات الباسيج ( التعبئة الشعبية) ومشاركة وحدات من القوات الخاصة والدفاع الجوي والصاروخي والقوات البرية والجوية في مضيق هرمز والبحر العربي في بداية شهر كانون الثاني 2025، بهدف إيصال رسائل لعدة جهات داخلية وخارجية عن إمكانياتها ودفاعها عن أي محاولة تستهدف كيانها السياسي، مع دعمها لحلفائها وشركائها الحوثيين في الاستمرار بأعمالها في البحر الأحمر وخليج عدن لتوظيفها لصالحها في أي مفاوضات محتملة مع الولايات المتحدة الأمريكية لإنهاء العقوبات الاقتصادية والشروع باتفاق جديد يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني والحفاظ على برنامج تخصيب اليورانيوم.
يحاول النظام الإيراني استخدام اللعبة السياسية بما يخدم مكاسبه والحفاظ على وجوده واستمرار مشروعه، بالتلاعب اللفظي وابداء المرونة مقابل التعنت في بعض الحالات التي يجيد فيها مخاطبة المجتمع الدولي، ومنها اللقاء الذي تم إجراؤه من قبل شبكة ( NBC) نيوز الأمريكية في 15كانون ثاني 2025 مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والذي تحدث فيه قائلًا (منذ بداية حياتنا في إيران، سعت الولايات المتحدة إلى الإطاحة ببلادنا، وآمل أن تؤدي عودة ترامب إلى السلام وليس إلى الحرب وإراقة الدماء في المنطقة والعالم)،
وهي دعوة للمصالحة مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من خلال اتفاق نووي جديد، وهو ما يخالف الرأي الإيراني في المؤسسة الحاكمة من المتشددين الداعين إلى دفاع إيران لامتلاك سلاح نووي وتوسيع دائرة برنامجها الصاروخي وفعالية طائراتها المسيرة.

وحدة الدراسات الإيرانية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة