٢٠٢٥م … هل هي عام المكاسب الوطنية الداخلية في تركيا ؟

٢٠٢٥م … هل هي عام المكاسب الوطنية الداخلية في تركيا ؟

معمر فيصل خولي 

زار -يوم الأحد- وفد من حزب المساواة الشعبية والديمقراطية “ديم” الكردي في تركيا، إقليم كردستان العراق، حيث نقل الوفد رسالة من زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبد الله أوجلان، إلى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني.
وتأتي هذه الزيارة في سياق التطورات المتسارعة بشأن القضية الكردية في تركيا، لا سيما بعد اللقاءات التي أجراها حزب “ديم” مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في معتقله بجزيرة إمرالي عقب دعوة دولت بهتشلي، زعيم حزب الحركة القومية حليف حزب العدالة والتنمية، لأوجلان بإلقاء كلمة في مجلس النواب التركي يعلن فيها عن حل الحزب وإلقاء السلاح. وأعرب البارزاني عن استعداده الكامل لدعم عملية السلام في تركيا وإنجاحها، مشيرا إلى أنها الطريق الوحيد والصحيح للوصول إلى حل منصف. فبارزاني هو الشخصية السياسية البارزة القادر على القيام بدور الوسيط الإيجابي بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، فهو من جانب لديه مكانة تاريخية بارزة بين أبناء القومية الكردية، فمن خلال البارزاني والممارسة السياسية الوطنية تمكن كرد العراق من الحصول على الحكم الذاتي ومكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية. ومن جهة أخرى علاقته الوطيدة مع الدولة التركية وخاصة مع رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا وزعيم حزب العدالة والتنمية. لذلك هذه المكانة التي يحظى بها البارزاني لدي الكرد والأتراك على حد سواء تؤهله لأن يكون له دور فعال في الوساطة، وألا يكون مجرد ناقل للرسائل المتبادلة بين تركيا وكردها. وربما تكون الرسالة التي نقلها حزب “ديم” إلى البارزاني تتعلق بالدعوة التاريخية التي يترقبها كرد تركيا بشكل خاص وكرد سوريا والعراق وإيران بشكل عام، والتي ترتكز على إنهاء الصراع الذي امتد إلى عقود بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية. لكن الذي يطرح في هذا السياق هل ستجد تلك الدعوة صدى إيجابيا بين طرفي الصراع؟ على الجانب التركي، اعتمد حزب العدالة والتنمية منذ مجيئه إلى الحكم في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2002م، على مبدأ تصفير المشكلات، ليس فقط الخارجية، وإنما أيضًا الداخلية، فالمسألة الكردية منذ ظهورها شكلت إحدى مصادر القلق الاجتماعي في الدولة التركية، والتي اعتمدت على العنف في معالجتها، لكن هذا الأمر تغير مع حزب العدالة والتنمية الذي اعترف بوجود مشكلة كردية في تركيا ولابد من حلها، وفي سبيل ذلك، فتح باب المحادثات مع حزب العمال الكردستاني في عام 2009م، وانهارت تلك المحادثات أو توقفت في عام 2015م، فربما هناك من لا يرغب على المستوى الإقليمي والدولي بأي مصالحة تاريخية بين الدولة التركية وكردها، وأن تبقى المسألة الكردية كالصداع المزمن في الجسد التركي. ومع ذلك أرى أن الدولة التركية وخاصة حزب العدالة والتنمية سيرحب بالدعوة التاريخية لأوجلان، لأنها مع أي خطوة في سبيل الوصول إلى حل تاريخي يرضي الدولة ومواطنيها من الكرد. أما على الجانب الكردي وخاصة القيادة العسكرية” الميدانية” لحزب العمال الكردستاني، أو ما يسمى “قيادة قنديل”، التي يرأسها “جميل بايق” الذي يعد الرجل الثاني في الحزب، كيف سيكون ردة فعلها على تلك الدعوة؟ بنفس الرد السابق على دعوة أوجلان السابقة بأن القرار الحزبي هو في قنديل وليس في معتقل إيمرالي، واتساع نطاق الرد الذي وصل إلى أنقرة حينما قام عنصران من حزب العمال الكردستاني باستهداف مقر الشركة التركية لصناعات الطيران والفضاء هناك، أودت بحياة 5 أشخاص، وقام الحزب بالإعلان عن مسؤوليته عنها صراحة.
خلاصة القول.. إذا صدرت تلك الدعوة عن أوجلان فإن ذلك سيفتح الطريق أمام تسوية نهائية لحل المسألة الكردية في تركيا، خاصة وأن الداعمين الإقليميين للحزب أحدهما كبشار الأسد سقط وهرب، وإيران بعد الضربات المتتالية التي تعرضت لها فهي في حالة تقهقر. أما تركيا الفاعل الإقليمي القوي هي الآن من أكثر المستفيدين بذلك السقوط والتقهقر، لذلك ستوظف هذا الظرف الإقليمي ودعوة أوجلان ليكون عام 2025م، عام التسوية السياسية والثقافية والاجتماعية والمصالحة التاريخية مع كردها.

وحدة الدراسات التركية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية