النصائح العربية والمبادرة الأمريكية طريق لإنقاذ إيران

النصائح العربية والمبادرة الأمريكية طريق لإنقاذ إيران

اياد العناز

تعمل الإدارة الأميركية على إيجاد مجالات أوسع ومساحات أرحب لتعميق الحوارات مع القيادة الإيرانية والوصول إلى حلول جذرية وقواسم مشتركة تدفع باتجاه تحديد معايير صادقة لاتفاق نووي دائم ومستدام ينهي حالة التجاذب والاختلاف في كيفية الوصول إلى محددات خاصة بالبرنامج النووي الإيراني.
من هنا تأتي المبادرة الأمريكية الجديدة بارسال مقترح مكتوب إلى المسؤولين الإيرانيين يتضمن مضامين وفقرات عملية تساهم في تحديد الرؤية الإيرانية وتعزيز مواقفها السياسية والعملية في سعيها لإثبات حسن نواياها في العمل باتجاه مناقشة جميع المواضيع الخلافية مع إدارة الرئيس دونالد ترامب الخاصة بالملف النووي وباقي الملفات السياسية والأمنية المتعلقة بطبيعة ومسار المشروع السياسي الإقليمي الإيراني في الشرق الأوسط والوطن العربي.
تحتوي المبادرة التي نقلها وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي الى إيران على فكرة إنشاء اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم لاستخدامه في الأغراض السلمية، مع بقاء قضية تحديد موقع المنشأة النووية التي من الممكن إنشاؤها موضع نقاش في اختيار المكان ضمن حدود دولة عربية أو في مكان آخر، والرأي المقترح امريكيًا ان يكون موقع المنشأة خارج الحدود الإيرانية،في حين لا زالت إيران متمسكة بضرورة إقامة المنشأة على أراضيها ،وترى المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في حديثه بتاريخ الأول من حزيران 2025 أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف قدم إلى إيران اقتراحًا مقبولًا بشأن الاتفاق النووي.
وتأتي المبادرة الأمريكية بالتزامن مع ما أعلنته الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪ قد بلغ 408،6 كغم بحلول 17 آيار 2025، واعتبر أن هذه الزيادة الكبيرة في إنتاج وتخزين اليورانيوم العالي التخصيب تثير مخاوف كبرى، وتتهم إيران بخرق اتفاق 2015 وهي أول إدانة واضحة للوكالة موجهة للحكومة الايرانية وتاتي في سياق السعي لتفعيل آلية الزناد قبل تاريخ 18 تشرين الأول 2025 الخاصة بانتهاء اتفاقية العمل المشتركة الشاملة التي وقعت في تموز 2015.
وسيكون الاجتماع القادم لمحافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي يضم 35 دولة في التاسع من حزيران 2025 حاسماً بتحديد الإجراءات وتفعيل آلية الزناد في حالة إثبات عدم التزام إيران بنسب تخصيب اليورانيوم وخزن الطرود المركزية واستخدام المواد الانشطارية بما يتعارض وما اتفق عليه مع مجموعة (5+1)، والذي من الممكن أن يؤدي إلى تعطيل المفاوضات النووية وإيقاف مسار الحوار الدبلوماسي فيها.
لهذا سعت عُمان باعتبارها الوسيط الخليجي العربي في المفاوضات بين واشنطن وطهران إلى تقديم مبادرة قريبة من الرؤية الأمريكية تقترح إنشاء اتحاد إقليمي تحت الرعاية الأمريكية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي قال عنها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أن بلاده تدرس باهتمام المقترحات العُمانية والمبادرة الأمريكية للرد عليها بشكل يناسب وينسجم مع حقوق الشعب الإيراني ومبادئه ومصالحه القومية).
أن من الأمور الميدانية التي تسعى إليها الإدارة الأميركية في مبادرتها الفعلية هي العمل على كسر حالة الجمود في نقاط الاختلاف بمواصلة إيران بتخصيب اليورانيوم محليًا والاغراض السلمية وبنسب محددة وإنشاء منشأة لهذا الغرض تحت مراقبة أمريكية واشراف لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويمكن التوقع أن يكون الرد الإيراني حول مبادرة الإدارة الأميركية التي حملها المفاوض ستيف ويتكوف سلبيًا وهو ما يعني رفضًا للمبادرة واعاقة لتحديد موقع قادم للجولة السادسة والتي من المفترض أن تناقش الأراء الأمريكية، ومنحت واشنطن فرصة مناسبة لإيران لدراسة فقرات المبادرة بشكل جدي وبمسؤولية كبيرة تبتعد فيها عن الخطاب الشعبوي والعبارات الرنانة برسم خطوات مناسبة واعداد خارطة طريق لنجاح المفاوضات والحوار مع الإدارة الأميركية التي قررت إيقاف أي عقوبات اقتصادية أخرى ضد مؤسسات وكيانات إيرانية وخفض حالة التصعيد في تشديد سياسة العقوبات القصوى وفسخ المجال للقيادة الإيرانية لقراءة بنود المبادرة الإيرانية بشكل فعال وهادئ.
وكان المرشد الأعلى علي خامنئي قد رفض فكرة تفكيك البرنامج النووي الإيراني وترك قضية تعليق عملية التخصيب للمناقشة وجعل الأبواب مفتوحة أمام معالجتها ولكن مع وجود ضمانة لإبقاء التخصيب على الأراضي الإيرانية.
ومع توفر الأمور الإيجابية في المقترحات العُمانية التي تتحدث عن رؤية ميدانية تمثل حالة الوسط تقوم على قبول إيران مبدأ تعليق كامل أنشطة تخصيب اليورانيوم على أراضيها لمدة ستة أشهر مع إجراء عمليات تفتيش ورقابة مشددة غير مسبوقة لمواقعها ومنشآتها النووية مقابل قيام واشنطن بإلغاء الجزء المتعلق أو المرتبط بالأنشطة النووية من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على إيران، كان الموقف الخليجي العربي الذي نصحت به المملكة العربية السعودية القيادة الإيرانية بضرورة التعامل الجدي والتوافقي مع جولات الحوار والعمل على التوصل النتائج إيجابية ومنع حالة التصعيد التي تنتهجها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي نقلها وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان عبر رسالة من الملك سلمان إلى المرشد علي خامنئي في 17 نيسان 2025، والتي أكدت حرص الرياض على احتواء الأزمة والتصعيد الميداني قبل أن ينفلت إلى صراع مفتوح لا تُعرف عواقبه، في التزام من القيادة السعودية بثوابتها ومبادئها السياسية بتعزيز مسار التواصل الإقليمي القائم على التفاهم وبناء مسارات أمنية مستقرة تقرأ بعناية في عواصم القرار وتهيئة الأجواء الإيجابية في تحديد مسارات فاعلة لخفض التوتر والابتعاد عن أي حالة للتصعيد واقناع طهران باتباع سياسة الهدوء والحكمة لتجنب أي رد فعل أمريكي وإسرائيلي.
ان الجهد العربي الخليجي يتوافق ميدانيًا مع الرؤية السياسية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورغبة الجميع في التوصل إلى جهد سياسي مشترك يفضي إلى اتفاق نووي دائم قائم على الحفاظ على المصالح العليا والأهداف والغايات المشتركة لجميع الأطراف.

وحدة الدراسات الإيرانية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة