لاحظ المتابع لوسائل الإعلام المصرية في الفترة الأخيرة أن غالبيتها بدأت تتناول زيارة محتملة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تركيا في أبريل/نيسان المقبل، لحضور مؤتمر القمة الإسلامي في دورته الجديدة التي من المقرر أن تترأسها تركيا خلال عام 2016.
وفي خطاب إعلامي شبه متطابق ومثير للريبة، فتحالإعلام المصري ملف إمكانية قيام السيسي بزيارة إلى أنقرة لتسليم رئاسة القمة الإسلامية إلى تركيا.
وحيث إن مصر هي التي ترأست دورة القمة الأخيرة في 2015 بينما تستضيف تركيا دورتها الجديدة في 2016، فإن من المتعارف عليه “بروتوكوليا” أن يقوم رئيس الدولة التي أنهت رئاستها للقمة بتسليم قيادتها للدولة الجديدة.
ويرى مراقبون أن إثارة وسائل الإعلام المصري لهذا الملف بشكل متزامن ليس عفويا، وإنما يرمي إلى تحقيق هدف ما يتمحور حول التمهيد لإمكانية إجراء هذه الزيارة ومحاولة جس نبض الجانب التركي.
تعليمات النظام
رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة قطب العربي، رأى أن التناول الإعلامي المصري لزيارة السيسي إلى تركيا هو عملية موجهة تستهدف إقناع جمهور السيسي بزيارة دولة تمَّ تصويرها سابقا على أنها العدو الحقيقي، ورئيسها رجب طيب أردوغان“الشيطان الأكبر”.
وأضاف للجزيرة نت أن الغريب أن هذا الإعلام هو الذي سبق أن شيطن تركيا ورئيسها، وهو المطلوب منه اليوم أن يمحو هذه الصورة ولو مؤقتا حتى تمر الزيارة.
وتابع العربي “لم يكن الإعلام المصري يتحرك من تلقاء نفسه لتغيير الصورة، ولكنه تحرك بتعليمات اعتاد على تلقيها في مثل هذه الحالة، وقد شملت هذه التعليمات أيضا تحويل هذا التراجع إلى انتصار، والإيحاء بأن توجيه تركيا دعوة للسيسي للمشاركة في الاجتماع سيكون بمثابة اعتراف بشرعيته”.
علامات استفهام
من جهته، أبدى رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية ممدوح المنير تساؤله حول الدافع وراء إثارة الملف قبل موعد انعقاد جلسة الدورة الجديدة بأربعة أشهر.
واستبعد -في تصريحات للجزيرة نت- أن يقوم السيسي بهذه الزيارة “إذا ثبت الوضع الحالي ولم يطرأ جديد”، معتبرا “أنه أضعف من أن يقوم بذلك”.
ولفت المنير في هذا السياق إلى تأكيد أردوغان المتكرر عدم الاعتراف بشرعية السيسي، متوقعا عدم مقامرته باتخاذ إجراء بروتوكولي يفقده الشعبية التي اكتسبها نتيجة موقفه من النظام في مصر.
موقف ثابت
ولكن ماذا إن تمت الزيارة؟ يجيب البرلماني السابق عز الدين الكومي أنها لن تغير من موقف تركيا شيئا، وربما يجعل أردوغان من هذه الزيارة -إن تمت- درسا قاسيا يلقنه للسيسي، خاصة أنه غادر القاعة أثناء كلمته في الأمم المتحدةواتهم المنظمة الدولية بأنها “تشرعن الانقلابات باستقبالها الانقلابيين”.
وتوقع الكومي أن يمثل مصر في هذه الزيارة وزير الخارجية أو رئيس الوزراء في أحسن الأحوال نتيجة للظروف الراهنة، متوقعا أن تتسم الزيارة بالبرود.
ويتفق الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية يسري العزباوي مع الكومي في أن الزيارة إن تمت فلا يعني ذلك عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين.
ومضى قائلا “ليس بالضرورة أن يكون التسلم بين رئيسي البلدين، فمن الممكن أن يكون من مستوى أقل”.
عبدالرحمن محمد
الجزيرة نت