الحرب الفكرية ضد “داعش”

الحرب الفكرية ضد “داعش”

أكثر من ثلاثة اشهر مرت على بدء قوات التحالف استهداف مواقع “تنظيم الدولة داعش” في سوريا والعراق بهدف القضاء عليه، او على الاقل شل قدراته القتالية.
وهنا نعود بالذاكرة الى بدء الحملة الدولية على “داعش” عندما خرج الرئيس الامريكي باراك اوباما، واعلن ان الحرب قد تستمر ثلاث سنوات، وهنا نطرح سؤالا: هل الحرب على “داعش” ستنتصر ام ان التنظيم سيبقى صامداً يتمدد الى ان يصل الى دول جديدة ؟
منذ ان بدأت الحرب على داعش والتنظيم يتمدد ويحتل الاراضي ففي العراق هاهو يرعب كل محافظات الشمال، وفي سوريا يسيطر على مساحة واسعة من الاراضي الى جانب محاولته الهيمنة على المزيد منها .
و ما يلفت النظر انه بعد اعلان الحرب على داعش زاد عدد المقاتلين العرب والاجانب الذين يتوافدون للقتال الى جانب تنظيم “داعش” فخلال شهر واحد وبالرغم من كل الاجراءات التي اتبعتها الدول الاوروبية لمنع انضمام مقاتلين جدد للتنظيم، التحق اكثر من الف مقاتل بتنظيم الدولة في سوريا جلهم من الدول الاوروبية بالاضافة لتطوع العديد من العراقيين والسوريين للقتال الى جانب دولة داعش.
وعلى الرغم من الضربات التي وجهتها قوات التحالف ضد التنظيم، بقي الاخير يحافظ على مصادر النفط في سوريا والعراق، ما حدا بالخبراء للقول ان التنظيم قادر على تمويل حربه و شراء السلاح واطالة مدة الحرب.
وفي خضم التطورات التي حصلت على الارض بالاضافة الى الضخ الاعلامي الهائل يتبادر الى ذهن الجميع سؤال واحد، وهو: كيف لنا ان نقضي على هذا التنظيم ؟
ويذهب بعضهم للقول ان القضاء على التنظيم ،هو بالحل العسكري لكن مانراه الان أن هذا التنظيم يبتكر طرقا واساليب خاصة به للبقاء على الارض ،وامكاناته في جذب المقاتلين من شتى النحاء العالم قوية.
ويرى بعضهم أن معركتنا مع “داعش” هي فكرية وعقائدية بامتياز، ومن أجل الانتصار على التنظيم لابد ان ندرك ان الحرب عليه لايمكن لها ان تنتصر إلا فكرياً .
وان التحالف الذي يقصف مواقع محددة للتنظيم يومياً في كل من سوريا والعراق وما ينجم عنه من سقوط قتلى لا يعني سقوط فكرهذا التنظيم ، ولا يمكن ان نقول ان زوال هذه العصابات التي تفتك بالناس دون ادنى احترام للانسانية يجعلنا متأكدين ان الدواعش ليسوا موجودين في سوريا والعراق فقط، فالمدافعون عن هكذا تنظيم موجودون في العديد من الدول المجاورة لهما، والدليل على هذا هو توافد العديد منها ومن دول اخرى لساحات القتال في سوريا والعراق، بالاضافة الى مبايعة تنظيمات اخرى لداعش في مصر وليبيا واليمن …الخ
ومن هنا فإن مسؤولية القضاء على مثل هذا تنظيم تقع على عاتق صانع القرار السياسي في الدول العربية والاسلامية وعلى رجال الدين الاسلامي وعلى الاعلام لتكون معركتنا مع هذا التنظيم “معركة فكرية ” بالحجج، والتي تبدد فكر الارهاب والجهل الذي بات ينتشر اليوم في منطقتنا خصوصا ، مع هبوب رياح مايسمى بــ”الربيع العربي” .
اذن، الحكومات ومؤسسات الدولة على عاتقها المسؤولية الكبرى في حماية حقوق الانسان وحرياته من اي انتهاك قد يرتكب ، والحفاظ على المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين بحيث يصبح جميع الافراد فاعلين ومساهمين في تقدم وازدهار الدولة بعيدا عن اليأس والغبن الذي يعد اهم الابواب التي يدخل منها الفكر الضلالي والارهابي الى عقول شبابنا.
أما رجال الدين فعليهم مسؤولية كبرى ايضا فهم اكثر الناس معرفة بأمور الدين ومبادئه السمحة التي تدعو الى المحبة والسلام، وتحريم سفك الدماء واثارة الفتن ، انه دين الوسطية والاعتدال لا دين التطرف والانحراف ،ومن هنا يكون دور اهل العلم والدين بفضح الارهاب وأهله وحماية المجتمع من فخ الضلال والكذب الذي نراه اليوم في فكر تنظيم “داعش” ومن هو على شاكلته .
في الختام لا يمكن الحديث عن القضاء على الارهاب ومن ركب موجته الا من خلال الفكر والاقناع بعيدا عن الغلو والتطرف، وهو الامر الذي يخافه ارباب الارهاب اكثر من المواجهة العسكرية .

مهند ابوريشة