بعد الاقتحام والإتلاف والإحراق الذي أحدثه الإيرانيون المهاجمون في سفارة السعودية وقنصليتها في إيران في 3 يناير، حصل شيء لم يكن بحسبان السياسي الإيراني، بدأت بإدانة خليجية، ثم تبعتها مقاطعة ديبلوماسية تسببت في إرباك دوائر صنع القرار في إيران.
لكن ساسة إيران قالوا: ريح لا تلبث أن تهدأ. والحصان الجيد يتأخر في أول السباق.
ولكن أين هذا السباق؟! فردة فعل الدول العربية جاءت على هيئة فاجأت الساسة الإيرانيين، فمعظم الدول العربية، أدانت الحادثة، وألحقتها بإجراءات ديبلوماسية شديدة، ثم أتبعتها ببيان الجامعة العربية الذي جاء بلهجة شديدة ضد إيران، وكلمات لم تعتد عليها الشعوب العربية من الجامعة، ثم جاءت الإدانة الدولية من مجلس الأمن وعدد من الدول الإسلامية وغيرها.
لقد انقلب الميزان، والريح مالت، واتسع الخرق على الراقع الإيراني، والإدانة الدولية التي تواجهها طهران آخذة بالاتساع! وعليه بادر مسؤولون إيرانيون إلى الحديث عن وجود شبهة وراء اقتحام السفارة والقنصلية السعودية في إيران، وذلك ضمن إطار السعي الإيراني لإلصاق التهم بالخارجين عن القانون.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إن الرئيس روحاني (حمر عينه) على وزير داخليته، وأمره بالعمل في حزم تام للكشف عن الضالعين في الحادث وتقديمهم للجهاز القضائي لتنفيذ العدالة، لأن المقتحمين مجرمون يتربصون الدوائر ليسيئوا إلى علاقاتنا مع السعودية، ونحن لا نريد ذلك! ولا نحبه، فنحن مسالمون، ومعتدلون، ولا نحب الاعتداء على أحد (أبدا).
فأسرع الساسة الإيرانيون ببعث رسالة إلى مجلس الأمن، يعلنون أسفهم عما حدث لسفارة السعودية.
وطلبوا من مجلس الأمن أن يشفع لهم لدى السعودية لتقبل اعتذارهم، (واللي انكسر يتصلح)! وعفا الله عما حصل في السفارة من تلف، و(الطيب أحسن)، والله يخزيك يا شيطان، ويا دار ما دخلك شر.
بالمناسبة: مندوب السعودية في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي رفض الاعتذار الإيراني، وعلى الطريقة الديبلوماسية قال: «اعتذار إيران لا يعنينا، ولا نريد منها اعتذارا».
والسعودية أوضحت أن قيادة إيران غير صادقة في اعتذارها، وأنها وراء الحادثة لحظة بلحظة.
لم يكن اعتذار إيران (رجوعا إلى الحق)، بل كان (رجوعا عن الحق)، ودليل ذلك ما كشفته وكالة سحام نيوز الإصلاحية الإيرانية، من أن الهجوم على السفارة السعودية واقتحامها وإحراقها قد تم التحضير له في حي شهيد محلاتي العسكري، الواقع في شمال شرقي طهران، من قبل مجموعة من (ميليشيات الباسيج) التابعة للحرس الثوري، الأمر الذي يدحض مزاعم الحكومة الإيرانية التي تحاول إلقاء اللوم على عناصر خارجة على القانون أو مندسة.
كما كشف مركز الإمارات للدراسات الإستراتيجية عن أن السلطات الإيرانية تستخدم (متطوعي الباسيج) ذوي اللباس المدني في مثل هذه الاعتداءات، وهو ما يدل على أن ما حدث في السفارة السعودية وقنصليتها ليس رد فعل عفوي من المواطنين.
وقال المركز نفسه: ان أكثر من 800 مادة إعلامية ضد السعودية صدرت في يوم واحد، اشتملت على عبارات متشابهة في وسائل الإعلام الإيرانية من مصادر مختلفة، الأمر الذي يشير إلى حملة حكومية مرتبة للتصعيد.
فالاعتذار الإيراني، في ظل ما حدث ويحدث، لا محل له من الإعراب، وبدا واضحا أن السلام الذي تدعو إيران إليه، إنما هو السلام الذي يعنيها، ولا تعرف غيره: (السلام الثوري)، و(السلام العسكري)، و…… والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سلطان فالح الأصقة
صحيفة الأنباء