يأتى رفع العقوبات عن إيران بموجب الاتفاق الذى توصلت إليه الدولة الفارسية مع الدول الكبرى الست حول مستقبل برنامجها النووى، ليثير التساؤلات حول تداعيات ذلك على إيران ومنطقة الشرق الأوسط.
ولعل أكبر إنجازين حققتهما إيران من وراء رفع العقوبات هما إنهاء عُزلة إيران الدولية فى المحافل العالمية، وإصدار ضوء أخضر يسمح للمستثمرين من كل أنحاء العالم بالاستثمار فى إيران.
وظهر فريقان من الرابحين والخاسرين من هذه الخطوة التى يقول البعض إنها جاءت لدوافع اقتصادية، وستكون لها تداعيات سياسية واستراتيجية على منطقة الشرق الأوسط.
وبعد إزالة العقوبات، هناك صكوك مالية وأرصدة تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار تمتلكها إيران فى بنوك الصين واليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبى والهند، ولكن إيران لن تحصل إلا على 50 مليار دولار فقط من هذا المبلغ، بينما سيتم توجيه باقى المبلغ لسداد الديون المستحقة على إيران لصالح موردين فى تلك الدول.
كما أن أبرز الصفقات التى ستعقدها إيران على وجه السرعة تشمل شراء 114 طائرة ركاب مدنية من مجموعة «إيرباص» مقابل 7.4 مليار دولار، وتحديث الجيش الإيرانى بطائرات قتالية ودبابات جديدة، ومضاعفة كميات النفط التى كانت تنتجها يومياً. وكثير من هذه الأرباح ستصب فى صالح جهات وشركات أمريكية.
كما أن الاقتصاد الإيرانى يعانى أوضاعاً صعبة للغاية، فالمصانع متهالكة، وحقول النفط ومعامل التكرير قديمة وتحتاج إلى تحديث وتطوير عاجل، فضلًا عن تزايد التضخم ونقص السلع الأساسية وتفاقم البطالة إلى معدلات خطيرة. لذلك تبدو إيران فى حاجة ماسة إلى هذا المال واستثمارات أجنبية عاجلة.
وبينما يرى البعض أن خفض أسعار النفط فى الأسواق العالمية جاء عمداً من جانب السعودية وبعض دول الخليج من أجل الإضرار بالاقتصاد الإيرانى عقب رفع العقوبات. وتشير تقديرات الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى أن سعر البرميل يجب أن يصل إلى 70 دولارًا على الأقل كى يكون الأمر مربحاً لإيران. الأمر الذى يعنى أن تصدير النفط بالأسعار الحالية التى تقل عن 30 دولارًا للبرميل يعنى تكبيد الإيرانيين خسائر فادحة، وبالتالى لن يكون رفع العقوبات عن إيران على صعيد تصدير النفط بمثابة طوق نجاة للاقتصاد الإيرانى كما كان يأمل الرئيس الإيرانى، حسن روحانى.
ويُشير عدد من المحللين إلى معركة سياسية تدور رحاها فى الداخل الإيرانى بين معسكرين، الأول معسكر آيات الله برئاسة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، على خامنئى، والثانى معسكر المعتدلين الذى يقوده روحانى.
ويرى المعسكر الأول، الذى يضم أيضاً الحرس الثورى الإيرانى، أن الاتفاق النووى الإيرانى مع الدول العظمى كان سيئاً للغاية، وأن إيران كانت مضطرة للتوقيع عليه حتى لا تنهار اقتصادياً، ما يعنى تهديد نظام الحكم الإيرانى نفسه.
فى المقابل، يريد معسكر روحانى الانفتاح على الغرب وتحسين الوضع الاقتصادى للبلاد، خاصة على صعيد الشباب الذين يعانون من انتشار البطالة فى صفوفهم بمعدلات عالية للغاية، خاصة مع تضاؤل الفرص المتاحة بسبب الفشل الاقتصادى الذريع.
محمد البحيري
صحيفة المصري اليوم