لم يترك المبعوث الدولي الخاص بسورية، ستيفان دي ميستورا، مجالاً للشك حول اتجاه مفاوضات جنيف السورية لتلبية الشروط الروسية ــ الإيرانية التي ترجمتها ضغوط وزير الخارجية الأميركية جون كيري وتهديداته للوفد السوري المفاوض، لناحية تحويل المفاوضات إلى محادثات على أساس دراسة وقف إطلاق النار وإنشاء حكومة وحدة وطنية مع النظام بدل هيئة حكم انتقالية مثلما كان مقرراً وفق جنيف1 ولقاء فيينا، فضلاً عن دراسة تنظيم انتخابات جديدة وكتابة دستور جديد بشكل يجمع بين النظام والسلطة.
وقال دي ميستورا في مؤتمر صحفي عقده في جنيف “سأوجه الدعوات لأطراف في المعارضة السورية والنظام غدا على أن تبدأ المفاوضات في مدينة جنيف يوم الجمعة المقبل، وتستمر لمدة ستة أشهر على الأقل”.
ورفض دي ميستورا الخوص في تفاصيل تخص قائمة المدعوين، لكنه أشار إلى أنه “يضع اللمسات الأخيرة عليها”.
ولفت إلى أن قرار مجلس الأمن الأخير 2254 خوّله توجيه دعوات “أكثر شمولية”، للمعارضة السورية.
وأوضح الموفد الأممي أن “المفاوضات تعقد بدون شروط مسبقة، والأولوية بالنسبة لها وقف إطلاق النار، على أن لا يشمل (جبهة النصرة) وتنظيم (الدولة الإسلامية)، وإدخال مساعدات إنسانية”.
وبيّن أنه “سيوجه دعوات لمجموعة من النساء وممثلي المجتمع المدني في المعارضة السورية”، لافتا إلى “بيان جنيف1 الذي صدر في عام 2012 وقرار مجلس الأمن الأخير سيكون المظلة لمفاوضات جنيف3”.
وقال الموفد الأممي إن “من المهم بدء المحادثات بحد أدنى من التفاهم المشترك بين الأطراف”، مشيرا إلى أن “الجولة الأولى منها ربما تستمر أسبوعين أو ثلاثة، وتتطرق إلى مراجعة الدستور وإجراء انتخابات”.
وتوقع دي ميستورا “حدوث انسحابات من أطراف في المفاوضات”، مشيرا إلى “أن من المهم المحافظة على زخمها”.
ويبدو من تصريحات دي ميستورا أنها تتبنى الموقف الروسي من خلال طرحه توجيه دعوات أكثر شمولية في إشارة إلى إدخال مرشحي روسيا للوفد المفاوض، كما أن تأكيده على عدم وضع شروط مسبقه للمفاوضات وأن الأولوية لوقف إطلاق النار واستثناء جبهة “النصرة” الموجودة في مناطق المعارضة، يشير إلى تبني فرض وقف إطلاق نار من جانب المعارضة مع استمرار الهجمات على مناطق المعارضة بحجة “النصرة”.
خوجة: كيري نقل رسائل إيرانية
وتزامن كلام دي ميستورا، مع إعلان رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، خالد خوجة، أن “مباحثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الهيئة العليا للمفاوضات لم تأت بجديد”، معتبراً أنها كانت “مجرد رسالة بصياغة إيرانية – روسية، وأنّ التدخل الروسي الإيراني لايزال مستمراً من أجل إفشال هيئة التفاوض”.
وأكد خوجة، وفق المكتب الإعلاميّ للائتلاف، أن “كيري لم يعدنا بشيء، ولم يقدّم لنا أي مبادرات، إذ إنّه منذ فترة طويلة وهو يفرّغ نفسه لنقل رسائل إيرانية روسية الصياغة، وهي نفس الرسائل التي هي في الأصل نتاج صياغة إيرانية تدعو لإقامة حكومة وطنية والسماح لبشار الأسد بأن يستمر ويرشح نفسه للانتخابات”.
ولفت رئيس الائتلاف إلى أن “هناك تدخلاً أميركياً لصالح (قوات سورية الديمقراطية)، وهي نفس القوات العسكرية التي أنتجت المجلس السوري الديمقراطي، والتي يدعمها الروس، ومن ثم إيجاد معارضة موالية للنظام بديلة للمعارضة الحقيقية التي تعبر عن الشعب السوري”، كما رأى أنّ “الأمر لا يتعلق بتحديد تاريخ ليوم المفاوضات، فبالنسبة لنا لا يهمنا التاريخ وضرب المواعيد، فلو توفرت غداً، إرادة دولية سياسية، مهيئة الأجواء للمفاوضات فنحن جاهزون لها، حيث إننا جهزنا وفدنا المفاوض”.
من جتهه، قال عضو الائتلاف “برهان غليون“، إنّه “لا الروس ولا الأميركيون ولا الإيرانيون ولا أي دولة أخرى قادرة على فرض الهزيمة على شعب قرر الخلاص والانعتاق”، مضيفاً “وإذا لم يكن هناك خيار آخر أمام السوريين غير الخيار الفييتنامي والأفغاني للاحتفاظ بحقهم وسيادتهم على أرضهم وتقرير مصيرهم، وهو أصعب الخيارات وأكثرها إيلاماً، فهم ليسوا أقل شجاعة ولا بطولة من الآخرين”.