أكد مسعود هاشميان إصفهاني نائب وزير النفط الإيراني أن بلاده لا تستطيع خفض إنتاج النفط الخام نظرا لحاجتها لاستعادة حصتها السوقية والعودة بالإنتاج إلى مستويات ما قبل فرض العقوبات. وقال إصفهاني من موسكو، الأربعاء، إن بلاده “لا تود أن تخفض إنتاج النفط. فنحن نحتاج لاستعادة حصتنا”، وإن “السعر يعتمد بالكامل على وضع السوق ولدينا فائض معروض حاليا. ربما يتعين على بعض الدول خفض حصتها وأن تستعيد دول كثيرة حصتها”.وتخطط طهران لتصدير نحو 300 ألف برميل من النفط يوميا إلى السوق الأوروبية، في الوقت الذي أصبحت فيه شركة “جلينكور” أول شركة غربية تتعامل مع الخام الإيراني.
وكان تلفزيون “برس تي. في” الإيراني نقل عن وزير النفط بيجن زنغنه قوله، الثلاثاء، “إن طهران مستعدة للتفاوض مع السعودية بشأن الأوضاع الحالية في أسواق النفط العالمية”. ولم يذكر تفاصيل أخرى عن الخطوات التي قد تأخذها طهران والرياض.
ويبدي بعض مندوبي منظمة أوبك تشككا في إمكانية التوصل إلى اتفاق لخفض الإمدادات نظرا لأن إيران تريد تعزيز الصادرات بعد رفع العقوبات الشهر الماضي.
ويبدو أن مسعى طهران يصطدم بعقبات كثيرة لجلب الاستثمارات ولعل إصرار السعودية على عدم خفض الإنتاج من أهمها، وهذا الأمر يعتبر مؤشرا على آفاق قاتمة للاقتصاد الإيراني في ظل تخمة المعروض في سوق النفط.
300 ألف برميل يوميا تسعى إيران إلى تصديرها نحو السوق الأوروبية قريبا
وقالت مصادر مطلعة لرويترز، إن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ستضخ كميات الخام المتعاقد عليها كاملة إلى مشترين في آسيا، خلال مارس القادم ودون تغيير يذكر عن فبراير الجاري.
وأكد أحد المصادر، أن شركة أرامكو الحكومية السعودية، لم تجر أي تعديلات على كميات إمدادات أي من أنواع الخام.
وتعد الخطوة متوقعة، وفق الخبراء، بعد أن ضخت الرياض، العضو في منظمة الدول المنتجة للنفط “أوبك” كامل الكميات التي تعاقدت عليها مع معظم المشترين في آسيا منذ أواخر 2009.
وربما يكون رفع العقوبات عن إيران، في ظل أزمة النفط، نعمة ونقمة لها وعلى تركيا المجاورة في آن، إذ يفتح إمكانية الاستفادة من سوق سريعة النمو مضمونة الربح، لكنهما قد تصبحا متنافستين كوجهتين للاستثمارات.
ولبعض منتجي الصلب الأتراك رأي أقل تفاؤلا في ما يتعلق بإيران، إذ يشيرون إلى احتياطياتها النفطية الضخمة، في حين تضطر تركيا إلى استيراد كل احتياجاتها من الطاقة تقريبا.
وقال نامق أكنجي، رئيس اتحاد مصدري الصلب في تركيا إن “صناعة الصلب في البلدين قائمة على نطاق منتجات واحد تقريبا. ولدى الإيرانيين القدرة على تصدير بعض ما ينتجون ومن الممكن أن ينافسوا الصلب التركي”.
ووسط ذلك، أكد مسؤول كبير بشركة تركية كبرى في مجال صناعة الأسمنت أن “المدخل صاحب التكلفة الأعلى هو الطاقة. والطاقة رخيصة في إيران. المنافسة صعبة مستقبلا”.
وتحتاج طهران استثمارات أجنبية تصل إلى 50 مليار دولار سنويا لتحقيق النمو الاقتصادي المستهدف بنسبة 8 بالمئة. وحتى الآن أعلن عن صفقات لا تقل قيمتها عن 37 مليار دولار في قطاعات البناء والطيران وصناعة السيارات.
وكانت إيران قد تسلمت مطلع الشهر الجاري أكثر من 32 مليار دولار من أموالها المجمدة، وستكون بالنسبة إليها فرصة لدفع عجلة الاستثمار المتوقفة منذ سنوات.
ولا تزال تركيا المحرك الاقتصادي في المنطقة، إذ بلغ ناتجها ما يقرب من 800 مليار دولار عام 2014 بالمقارنة مع 425 مليار دولار للناتج الإيراني، كما أنها مركز متقدم للصناعات التحويلية وتصدر منتوجها لأوروبا.
غير أن قيادات قطاع الأعمال في تركيا تقول إن إيران، التي يقارب عدد سكانها عدد سكان تركيا، يمكنها أن تسد هذه الفجوة بفضل حوافز حكومية والأيدي العاملة المدربة، بالإضافة إلى احتياطيات النفط الضخمة التي تلغي الحاجة لاستيراد موارد الطاقة.
وقال رجل الأعمال البر كانجا، الذي كانت شركته كانجا دومي جيليك تنتج قطع غيار محركات لشركات السيارات الإيرانية على مدى عقدين قبل فرض العقوبات “هو اقتصاد ذو إمكانيات كبيرة”. وأضاف “ثمة دعم استثنائي من الحكومة الإيرانية للتوسع في الصناعة المحلية”.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الإيراني بنسبة 4.3 بالمئة هذا العام وأن يحافظ على هذا المستوى أو أكثر بقليل في العامين المقبلين، لكن ذلك يبدو صعبا بعض الشيء. كما يتوقع أن تنخفض الواردات بنسبة 11 بالمئة مع نهاية 2018.
وقال وزير الاقتصاد التركي مصطفى إليطاش لرويترز خلال زيارته لشيلي “تركيا ستكون من البلدان التي تحقق أقصى استفادة” من الانفتاح الايراني.
وأضاف أن التبادل التجاري بين البلدين بلغ 22 مليار دولار في 2012 قبل أن ينخفض في السنوات التالية مع تشديد العقوبات. وتهدف تركيا إلى رفع قيمة التبادل التجاري مع إيران إلى 30 مليار دولار بحلول عام 2023.
وقد اجتذبت تركيا استثمارات أجنبية مباشرة تتجاوز 12 مليار دولار في عام 2014، في حين لم تستقبل إيران سوى ملياري دولار.
ويبقى نمو اقتصاد إيران حاليا رهين تحسن أسعار النفط، لكنه سيحتاج إلى سنوات للتعافي بسبب مخلفات العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على طهران.
صحيفة العرب اللندنية