خمس مخاوف تهدد القطاع المصرفي في العالم

خمس مخاوف تهدد القطاع المصرفي في العالم

A general view shows French bank Societe Generale headquarters buildings in La Defense near Paris, France, February 11, 2016. Societe Generale posted a lower than expected rise in fourth-quarter net income on Thursday after it set aside an additional 400 million euros ($450.4 million) to cover litigation costs.  REUTERS/Benoit Tessier

نشرت صحيفة «غارديان» البريطانية، تقريراً يُظهر أن تذبذب أسعار النفط وتراجع النمو الصيني وتراكم الديون وأزمة منطقة اليورو وتراجع الأسواق الناشئة، هي أبرز الأخطار التي تهدّد استقرار القطاع المصرفي العالمي حالياً، لا سيما بعد ازدياد مخاوف المستثمرين من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي نتيجة تقلبات الأسواق والعملات والتغييرات السياسية التي قد تقلب الأوضاع رأساً على عقب، وتعيد الأزمة المالية التي ضربت العالم في العام 2008.

– الديون تهدّد معجزة «التنين» الصيني

أدى الازدهار في القطاع العقاري والقفزة في التصنيع بعد الأزمة المالية، الى إعادة عجلة الاقتصاد الصيني الى الدوران، إلا أن تراكم الديون الخاصة يدفع المستثمرين الى إبداء مخاوف من تأثير ذلك في استقرار هذا الاقتصاد.

لكن زيادة العرض قد تسبّب تخمة، وارتفاع القروض الاستهلاكية قد يُضاعف الديون على المصارف ويُمهد للإضرار بها في شكل كبير قد يكون الأكبر على الإطلاق، لأنها قد تتورّط بأزمات الرهن العقاري مجدداً.

وأبدى بعض المحلّلين مخاوفهم من أن تقوم الصين بخفض قيمة اليوان لاكتساب ميزة تنافسية، في الوقت الذي تتحرك نحو مزيد من الاقتصاد الاستهلاكي على النمط الغربي. ومن شأن ذلك أن يشعل حرب العملات وموجة من التخفيضات التنافسية.

ويهمين على سوق الأوراق المالية مستثمرون أفراد، فيما أثبتت التشريعات المشددة وتحويل ملكية الأسهم إلى المستثمرين الأفراد كفاءتها على المدى القريب.

– ركود الأسواق الناشئة

في ظل الانخفاض المستمر لأسعار النفط العالمية، تُعاني أسواق الدول النامية ركوداً اقتصادياً كبيراً، مثل البرازيل التي عانت فضائح فساد مالية حكومية عدة أخيراً، وفنزويلا التي سجّلت أعلى معدلات للتضخم في العالم ونقصاً واسعاً في سوق السلع الأساسية، ما فاقم الأزمة المالية فيها أخيراً.

وسيؤدي قرار «البنك المركزي الأميركي» (مجلس الاحتياطي الفيديرالي) الذي اتخذ في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، برفع أسعار الفائدة، وانتهاء عصر الاقتراض الحكومي بنسبة فائدة تكاد تكون معدومة، إلى إعصار في موازنة واقتصادات دول، مثل تركيا وروسيا ونيجيريا التي كانت تقترض بكثافة كبيرة، ما قد يُفاقم الديون ويعقّد مهمة تسديدها.

أما اقتصادات شرق آسيا وماليزيا وتايلاند وكوريا الجنوبية، والتي تعتمد في ازدهارها على التبادل التجاري مع الصين إلى حد كبير جداً، فستعاني تراجعاً بسبب ارتفاع محتمل لكلفة الإنتاج الصيني المعروف بانخفاض كلفته، نظراً الى مطالبات المستهلكين بتحسين جودة المنتج. ويمكننا اعتبار أن الهند البلد الوحيد الذي استطاع الحفاظ على نسبة نمو جيدة ارتفعت من 6.9 إلى 7.5 في المئة خلال العام الماضي، متفادية بذلك اضطرابات السوق.

– أزمة منطقة اليورو

عندما قام البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة من 0.15 إلى 0.05 في المئة خلال خريف عام 2014، إلا أن الأزمة الأوكرانية شكلت خطراً على آمال أوروبا بالانتعاش.

ومنذ ذلك الوقت، شكّلت الأزمة السورية وتدفّق اللاجئين إلى أوروبا تهديداً جدياً لاستقرار أوروبا اقتصادياً. وبينما رحّبت أسواق الأسهم بالكلف الرخيصة للاقتراض، شكّل ذلك مخاوف من أن تقوم المصارف الأوروبية بالعودة الى سابق عهدها وتتورّط في قروض يصعب سدادها.

– أسعار النفط تعصف بشركات الإنتاج العالمية

تواجه الشركات العالمية المنتجة للنفط في العالم، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، أزمة بسبب تخمة الإنتاج وقلة الطلب وصعوبة سداد ديون الاستثمارات الكبيرة التي تورطت بها عندما كانت أسعار النفط مرتفعة، حتى أن بعضها كاد يُعلن إفلاسه مثل شركة «تشيسابيك إنيرجي»، ثاني كبرى شركات الغاز الطبيعي الأميركية، والتي أنكرت إفلاسها الوشيك حفاظاً على سمعتها، بعدما أظهرت بيانات أخيرة أن ديونها بلغت 10 بلايين دولار، في حين أعلنت أنها 1.2 بليون دولار.

وبلغت السندات المستحقة في قطاع النفط 455 بليون دولار العام 2006 ، وارتفعت إلى 1.4 تريليون دولار في العام 2014.

ويجدر ذكره أن شركات تنقيب النفط في بحر الشمال الأميركي، والتي ترتفع تكلفة الإنتاج فيها، تعاني أزمات جمّة بسبب انخفاض سعر البيع، ويبدو أن غياب أي حل في الأفق لأزمة الأسعار سيضطرها إلى إعلان الإفلاس بسبب الديون المتراكمة.

أما الدول المصدّرة للنفط، فاضطرت في غالبيتها إلى اتخاذ إجراءات تقشفية أو رفع الضريبة على بعض المواد الاستهلاكية والأساسية منها، تعويضاً لخسائرها في القطاع النفطي.

– انخفاض قيمة السلع النفطية

أظهرت بيانات شركة «موديز» للتصنيف الائتماني أخيراً، أن تراجعاً كبيراً في إنتاج السلع النفطية وهبوط أسهم شركات التعدين قادا أسهم أكبر المصارف إلى الهبوط، وأن هذه الشركات طرحت منذ العام 2010 سندات بقيمة تريليوني دولار أصبحت الآن لا قيمة فعلية لها.

وقال أحد المسؤولين في الشركة مارياروسا فيردا، إن «الحجم الهائل من الديون المرتبطة بالسلع الأساسية يشكّل تحدياً كبيراً لقطاع المصارف»، لكن الشركة ترى في خطوة بعض حكومات الدول المصدّرة للنفط، رفع الدعم عن منتجات الطاقة خطوة تعود بالفائدة على تصنيف الدول، لافتة إلى أن الخفض سيزداد مع أي ارتفاع في أسعار النفط مستقبلاً.

وتعاني شركات التعدين بشدة من الديون بسبب إنفاقها الكبير على الاستثمارات والكلفة التشغيلية عندما كانت أسعار المعادن مرتفعة، ومن بين أكثر شركات التنقيب تضرراً وانخفاضاً في أسهمها شركة «غلينكور» العملاقة التي تفوق قيمة دينها المقدّر بـ36 بليون دولار قيمتها السوقية المقدرة بـ20 بليوناً، في ظل إصرارها على أنها لا تعاني أي أزمة ولديها حلول لمعالجة الموقف، وبسبب علاقاتها الاقتصادية الكبيرة مع شركات أخرى سيؤدي انهيارها إلى انهيار الكثير وإن تفاوتت نسب الخسائر.

عموماً، إن خطراً يُحدق بشركات التعدين بسبب الانخفاض المستمر في سعر المعادن المتأثر بأسعار النفط وغيرها من العوامل، وفي المحصلة المصارف أكبر المتضررين.

فاتنة الخطيب

صحيفة الحياة اللندنية