منذ انهيار مفاوضات السلام السورية التي يرعاها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، استفحلت الكارثة الإنسانية في شمال سوريا وتفاقمت مع ظهور عشرات الآلاف من اللاجئين الجدد، وازدياد أعمال قتل المدنيين بدعم من روسيا وإيران. ووفق زعيم وفد المعارضة المفاوض، فإن كل هذه الأمور هي عواقب الاستراتيجية الأميركية الفاشلة.
رياض حجاب كان رئيس وزراء سوريا في 2012 تحت الدكتاتور بشار الأسد، ثم أصبح أبرز مسؤول عالي المستوى ينشق عن النظام عندما غيّر خندقه وانضم إلى الثوار. وهو الآن زعيم «الهيئة العليا للمفاوضات» التي مثّلت المعارضة السورية في اجتماعات جنيف، والتي انهارت بعد يومين فقط على انطلاقها. وكان كيري قد ضغط على زعماء المعارضة السورية من أجل الحضور، بل إنه ذهب إلى حد تحذيرهم من أنهم قد يفقدون التمويل الأميركي إن هم قاطعوا المفاوضات. ولكن حجاب يرى أن مقاربة كيري– محاولة إقناع الأسد وروسيا بالتفاوض بينما الهجومات متواصلة– جعلت الوضع أسوء في الواقع.
وفي هذا السياق، قال لي حجاب في حوار معه عبر الهاتف يوم الاثنين: «إن الإدارة (الأميركية) تقول إنها تختبر نوايا الطرف الآخر»، مضيفا: «ولكن عندما يتم اختبار هذه الأشياء ويتضح فشلها، فإن الثمن الذي يتم دفعه هو موت الناس وتوسع التطرف والإرهاب على الميدان».
القوات السورية مدعومة بالقوة الجوية تشن هجوما على مجموعات الثوار في حلب ومحيطها، هجوم بدأ قبل مفاوضات السلام المقررة. وترى المعارضة السورية أن روسيا وإيران تسخران من عملية السلام، وأن رفض كيري الاعتراف بهذا الأمر يتسبب لهم في الأذى. كما أنه يخلق مزيداً من المشاكل لحلفاء أميركا في المنطقة، ويخدم مصلحة تنظيم «داعش»، ويقلص فرص مفاوضات سلام في المستقبل. والسوريون بالقرب من حلب هم الذين دفعوا الثمن هذا الأسبوع، حيث تتقدم قوات النظام، المدعومة من روسيا، نحو الحدود التركية مهددةً بفصل مجموعات المعارضة والمدنيين عن مصدر المساعدات التي يحصلون عليها.
التاريخ يخبرنا بأن فشل مفاوضات السلام يعني ازدياد العنف وتوسع الإرهاب واللاجئين. فمنذ آخر انهيار لمفاوضات السلام السورية في 2014، وسّع داعش نفوذه في سوريا مثلما وسّع حكم الإرهاب الذي يتبناه من شمال أفريقيا إلى أوروبا الغربية، بينما أرغمت حصارات نظام الأسد ملايين اللاجئين على الفرار.
جوش روجين
صحيفة الاتحاد الإماراتية