حكومة بغداد تخذل انتفاضة أبناء الفلوجة

حكومة بغداد تخذل انتفاضة أبناء الفلوجة

_73813_iraq3

أظهرت معلومات مسرّبة من داخل مدينة الفلّوجة العراقية الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش، والمحاصرة من الخارج من قبل القوات العراقية ومقاتلي الحشد الشعبي، أنّ حالة من الرعب الشديد تسود سكّان المدينة منذ الأحد بعد مبادرة التنظيم باعتقال العشرات من الأهالي على خلفية الانتفاضة التي كانت بدأتها عشائر محلّية تمرّدت عليه ودخلت الجمعة الماضية في مواجهات مسلّحة مع مقاتليه في عدّة أحياء.

وبحسب المعلومات ذاتها، فإنّ حالة الخوف الشديد ترافقت مع موجة من الغضب تجاه الحكومة العراقية والقوات المسلّحة لعدم بذلها أي محاولة لنجدة السكان المنتفضين وإيصال السلاح والذخائر إليهم، ولو بإلقائها عبر الجو داخل المناطق التي تمكّنوا من السيطرة عليها لساعات والصمود فيها إلى حين نفاد ذخائرهم.

وكان شبان من عشائر الفلّوجة تمكنوا الجمعة من السيطرة على أجزاء من أحياء الجولان الواقع في شمال غرب المدينة والنزال في وسطها، والعسكري في شرقها، فيما بادرت عدّة شخصيات عراقية إلى توجيه نداءات لنجدة العشائر المنتفضة وعدم تركها لمصيرها بمواجهة تنظيم داعش المعروف بعنفه وقسوته.

ودعا عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب محمد الكربولي، الإثنين، رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي للإيعاز إلى قيادتي العمليات المشتركة والتحالف الدولي للمبادرة بتنفيذ عملية عسكرية نوعية لتحرير مدينة الفلوجة من سيطرة تنظيم داعش ونصره ثوارها.

الميليشيات تفرض “قوانينها” في صلاح الدين
تكريت (العراق) – أفاد مصدر أمني بمحافظة صلاح الدين الواقعة شمال العاصمة العراقية بغداد، الإثنين، بأن ميليشيات الحشد الشعبي أقدمت على اعتقال مدنيين هاربين من مناطق قضاء الحويجة الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش وعائدين إلى مناطقهم التي كانوا غادروها عند احتلال التنظيم لها، وذلك بعد أنّ تحمّلوا مشاقّ اجتياز جبال حمرين الوعرة.

وأوضح المصدر، الذي نقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية، أن الميليشيات اعتقلت هؤلاء بتهمة انتمائهم لتنظيم داعش.

وأصبحت عودة سكّان عدّة مناطق مستعادة من تنظيم داعش بمشاركة الميليشيات الشيعية إحدى المعضلات، كون تلك الميليشيات ذاتها تشارك في مسك الأرض، ولا تتردّد في اتهام من يحاولون العودة بالتعاون مع داعش واحتضانه والقتال إلى جانبه.

ويذهب بعض العراقيين حدّ ربط هذا السلوك بمحاولات إحداث تغيير ديموغرافي على التركيبة السكانية لبعض المناطق بجعل أبناء الطائفة السنية أقلية فيها.

وقال المصدر إن “المجموعة اعتقلت أكثر من 60 شخصا ولا توجد أي مؤشرات عن انتمائهم لتنظيم داعش، فضلا عن أنهم غير مطلوبين للسلطات الأمنية”.

وأضاف أن “لدى الجهات الرسمية معلومات كافية عن عناصر داعش وقوائم بأسمائهم”.

وقال إن أبناء الحويجة المنضمين للحشد أكدوا أنه لا علاقة للمعتقلين بداعش بل هم هاربون من بطشه.

وقال الكربولي في بيان إن “التماهل والتقاعس في تقديم الدعم والإسناد العسكري والجوي واللوجستي لأبناء مدينة الفلوجة المنتفضين على بطش وظلم تنظيم داعش الإرهابي سيحبط المعنويات ويطيل أمد بقاء التنظيم جاثما على صدور أهلها الأبرياء”، و”يرسل رسالة سلبية لمقاومي الاحتلال الداعشي في مدن نينوى والحويجة وبيجي والشرقاط والمناطق الغربية من اﻷنبار وباقي مدن ديالى”.

وبحسب مطلّعين على الأوضاع في الفلّوجة، فإن انتفاضة العشائر، رغم ما انطوت عليه من مقامرة خطرة، جاءت انعكاسا للأوضاع المأساوية التي يعانيها السكان المحاصرون وحالة اليأس التي وصلوا إليها.

ويرى خبراء عسكريون أنه كان من الممكن استثمار انتفاضة العشائر لإطلاق عملية استعادة المدينة، كون جهود التنظيم كانت منصبّة على منع اقتحامها من الخارج فيما جاءه الخطر من الداخل عكس ما كان ينتظره.

وبالتوازي مع الحصار المزدوج من قبل داعش الذي يتخذ من سكان المدينة دروعا بشرية والقوات العراقية مدعومة بالميليشيات الشيعية، والتي تحرص على قطع الإمداد عن التنظيم ومنع فرار مقاتليه، تنفّذ القوات العراقية قصفا متقطّعا لبعض أحياء الفلوجة بهدف استنزاف تنظيم داعش، لكنّ نازحين تمكّنوا من مغادرة المدينة أكّدوا أن القصف كثيرا ما يوقع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين ويلحق خسائر بمرافقهم الحيوية من مساكن وغيرها.

وكانت الاشتباكات بين أهالي الفلوجة ومقاتلي تنظيم داعش قد توقّفت الأحد بعد حملة اعتقالات نفّذها التنظيم في صفوف الأهالي، فيما أكّدت مصادر محلية أن داعش شرع فعلا في إعدام بعض المعتقلين.

ونُقل عن مجيد الجريصي، أحد شيوخ عشيرة الجريصات في الفلوجة، قوله إن التنظيم المتطرف نفّذ السبت والأحد حملة “اعتقالات طالت العشرات أغلبهم تتراوح أعمارهم بين 15 وتصل إلى 35 عاما”، لكن مقاتلا من أبناء العشائر كان شارك في الاشتباكات وتمكّن فجر الإثنين من مغادرة المدينة، قال إن مقاتلي تنظيم داعش داهموا ليل الأحد الإثنين مساكن المواطنين واعتقلوا عددا من آباء وأمهات شبان شاركوا في الانتفاضة.

ويقول سياسيون متحدّرون من مدينة الفلوجة إنّ تخاذل حكومة بغداد في نجدة السكان المنتفضين، يعكس الموقف السياسي السلبي لبعض الشخصيات الموجودة في سدّة القرار، من المدينة التي أصبحت في فترة ما بعد الاحتلال الأميركي رمزا لمعارضة النظام السياسي الذي تقوده الأحزاب الشيعية.

وتُتّهم حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي وقيادة القوات المسلّحة بالتلكّؤ في إطلاق عملية عسكرية لاستعادة مدينة الفلّوجة من تنظيم داعش، بحجّة استحكام التنظيم داخلها وبين سكانها.

غير أن موجهي هذا الاتهام يقولون إن كل المدن والبلدات العراقية التي تمت استعادتها ومن بينها مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، والرمادي مركز محافظة الأنبار، كانت تعرف نفس الوضع الذي تعيشه الفلّوجة من حيث تغلغل داعش داخل أحيائها السكنية.

وكان ضابط كبير في الجيش العراقي قد أشار لوكالة فرانس برس إلى “استعداد القوات المسلّحة لتنفيذ عملية كبيرة خلال 48 ساعة لتحرير مدينة الفلوجة”، لكن العميد يحيى رسول، المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، رفض تأكيد ذلك، قائلا إن “قواتنا تنفذ عمليات متواصلة في جميع المناطق وعندما ستنفذ عملية واسعة سنعلن عن ذلك”.

صحيفة العرب اللندنية