انهيار السلطة.. هاجس يؤرق تل أبيب

انهيار السلطة.. هاجس يؤرق تل أبيب

الانهيار السلطة
تتواصل الهبة الفلسطينية بعد خمسة أشهر من انطلاقها، ويسعى الاحتلال الإسرائيلي لاحتوائها وإخمادها باستعمال سياسة العصا والجزرة، تارة بالتسهيلات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية، وتارة بالضغط على الزناد والإعدامات الميدانية للشباب الفلسطينيين.

وطرح بالساحة السياسية الإسرائيلية نقاش بشأن طريقة التعامل مع الهبة في ظل حديث مسؤولين إسرائيليين عن قرب انهيار السلطة الفلسطينية، بين من يقول بإمكانية الرهان على انهيار السلطة الفلسطينية لحسم الصراع، وإنهاء اتفاقيات التسوية بين الطرفين، وبين من يحذر من تداعيات فقدان الشريك وغياب السلطة التي تنظر إليها المؤسسة الأمنية والسياسية كمصلحة إستراتيجية عليا لتل أبيب.

وعمقت تصريحات وزير استيعاب المهاجرين وشؤون القدس بالحكومة الإسرائيلية زئيف إلكين بأن انهيار السلطة الفلسطينية أصبح “مسألة وقت فقط” الأزمة التي تعيشها تل أبيب حيال كيفية التعامل مع الملف الفلسطيني، واستبعاد أي مشروع تفاوضي يعتمد على المواثيق الدولية وحل الدولتين.

وبدا إلكين واثقا بطرحه لأنه من كبار المناهضين لأي تسوية مع الفلسطينيين ومن الداعين إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية والاكتفاء بمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا لإدارة شؤونهم.

 تحذير
ويرى الإعلامي الإسرائيلي يواف شطيرن المتخصص في الشؤون العربية والفلسطينية أن القول بانهيار السلطة الفلسطينية بمثابة مؤشر ورسائل تحذير من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.

وتساءل شطيرن: هل غياب السلطة إنجاز لإسرائيل أو تهديد وتحذير؟ لأن معسكر اليمين يرى أنه في حالة مواجهة وصراع مع الشعب الفلسطيني، ويعتبر انهيار السلطة بمثابة انتصار.

ويجزم شطيرن في جوابه للجزيرة نت بأن الوقائع تخالف ذلك، لأن المؤسسة الأمنية والسياسية بتل أبيب ترى في بقاء السلطة الفلسطينية مصلحة عليا للحفاظ على أمن إسرائيل، وتسعى للحفاظ عليها كجسم قوي يتمتع بسيادة لحكم الفلسطينيين.

وخلافا للطرح المعلن الذي يعول على انهيار السلطة يرى المتحدث أنه لا توجد أي بدائل إسرائيلية من شأنها أن تتحمل أعباء الشعب الفلسطيني وتلبي احتياجاته وتوفر الظروف المعيشية والخدماتية بشكل أفضل من السلطة الفلسطينية.

ويعتقد شطيرن أن تل أبيب تقف عاجزة حيال التعامل مع الخصوم السياسيين في رام الله، وباتت من دون أي طروحات لحل الصراع، فهي لا تريد استيعاب الشعب الفلسطيني ضمن سيادتها، وتصر على ضم أراضي الضفة الغربية.

 تشكيك
من جهته، شكك المتحدث باسم كتلة “السلام الآن” آدم كلير في جدوى التصريحات الصادرة عن مسؤولين بالحكومة الإسرائيلية القائلة بانهيار السلطة الفلسطينية، واعتبر أن ذلك يندرج ضمن الخطاب المزدوج لحكومة نتنياهو بشأن أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين، ويأتي في سياق المراوغة ومحاولة ابتزاز الرئيس محمود عباس الذي يصر على خيار المفاوضات، وحل الدولتين في ظل التعنت الذي يبديه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

ورغم تبرير القيادات السياسية لليمين لإمكانية انهيار السلطة، والقضاء على اتفاقية أوسلو يجزم كلير في حديثه للجزيرة نت بأن نتنياهو يواجه هذا الطرح المزدوج داخليا من خلال مواصلة العلاقة مع السلطة، إذ أوعز لوزير المالية موشية كحلون بتسهيلات اقتصادية غير مسبوقة للفلسطينيين.

 هواجس
ورغم أن اعتماد الحكومة الإسرائيلية نهج المراوغة العلني بالتصريحات السياسية ليس جديدا فإن جلسات وتقييمات كواليس المؤسسة الأمنية تأتي مخالفة لتلك التصريحات، وفق تأكيد المحلل العسكري للإذاعة الإسرائيلية آيال علمية أنت، مشيرا إلى أن تلك المؤسسة تصر على ضرورة الإبقاء على السلطة الفلسطينية، وتعزيز مكانتها على اعتبار أنها مصلحة عليا لإسرائيل.

ويعتقد علمية في حديثه للجزيرة نت أنه على المدى البعيد يبقى الهاجس من يرث الرئيس محمود عباس بالحكم، حيث تخشى إسرائيل حدوث شرخ في السلطة الفلسطينية، مبينا أنه لا توجد جلسة للاستخبارات العسكرية والأمنية إلا وتدرج فيها قضية مستقبل أبو مازن ومن سيرثه.

ويؤكد المتحدث أن الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تجمع على ضرورة بقاء السلطة الفلسطينية، وتسعى لذلك من خلال منحها التسهيلات والدعم الاقتصادي وتحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين.

محمد محسن وتد

الجزيرة