منذ آب (اغسطس) 2014، ينتشر 3500 جندي فرنسي في 5 دول افريقية في منطقة الساحل (بوركينا فاسو، ومالي، وموريتانيا، والنيجير، وتشاد)، ويشارك هؤلاء في عملية «بركان». وفي العام المنصرم، بدأوا يواجهون تغير اشكال عمل المجموعات الارهابية المسلحة. «ففي السابق كانوا يواجهون مجموعات منظمة البنية من 30 الى 40 رجلاً مدججين بالسلاح. ولكن اليوم، يجبهون وحدات صغيرة مؤلفة من 3 الى 4 ارهابيين يسعون الى تفجير انفسهم ليوقعوا اكبر عدد من الضحايا الغربيين»، يقول مصدر في وزارة الدفاع الفرنسية. وفي مالي لم يخبُ التوتر في الشمال، ولكن الخطر الارهابي بدأ، أخيراً، يتمدد الى جنوب البلاد وصولاً الى العاصمة باماكو حيث تراجعت الاحوال الامنية في الاشهر الاخيرة. واليوم، تدق القوات الفرنسية ناقوس الخطر، وتتخوف من انزلاق بوركينا فاسو الى الاضطرابات والتحول الى الحلقة الاضعف في مجموعة دول الساحل الخمس، «جي 5». ووقع هجومان على فنادق يرتادها الاجانب وقع الصدمة على باماكو (20 قتيلاً في 20 تشرين الثاني – نوفمبر 2015) وأوغادوغو (30 قتيلاً في كانون الثاني – يناير المنصرم). ويرى الفرنسيون أن انتشار المجموعات المسلحة، إثر طردها من ملاذاتها الآمنة، وعودتها الى ما يعرف بـ «ارهاب الفقير» أو ارهاب من لا حيلة له، ناجم عن عمليات «بركان» البالغ عددها 150 عملية في 2015. وزار رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، باماكو، وأشاد بدحر بلاده المجموعات الارهابية وحملها على التراجع. ولكنه لم يتناول اشكال الارهاب الجديد، في وقت تبحث دائرة المقربين من وزير الدفاع، جان- إيف لو دريان، في سبل جبه تغير اساليب الارهابيين.
إرهاب المدقعين
ولا شك في ان بطء وتيرة عملية السلام واضطراب مسارها، يحولان دون المغالاة في التفاؤل. ولا يمر أسبوع من دون أن يشن هجوم على قوات الامم المتحدة، «مينوسما»، المؤلفة من 11700 رجل، 1151 منهم من العسكريين ورجال الشرطة. وفي الصيف المقبل، ينهي 7 آلاف جندي مالي تدريباتهم على يد المفوضية الاوروبية «EUTM-MALI». ولا يخفي السفير الفرنسي في باماكو، جاك هوبرسون، حماسته ازاء نجاح عمليات تدريب الجيش المالي. «هذا الجيش لم يعد يشبه ما كان عليه قبل 3 سنوات». ولكن الخبراء الفرنسيين والافارقة ينبهون الى ان مصدر الخطر ليس أمنياً فحسب. ففي بلاد الساحل التنمية متعذرة. و»تنصرف فرنسا هناك الى عملية عسكرية من غير افق ولا نهاية»، يقول الخبير في الشؤون الافريقية سيرج ميخائيلوف. ويرى الخبير هذا ان المنطقة على شفير كارثة تشبه الكارثة الافغانية إذا لم تبادر فرنسا الى مساعدات في قطاعات حيوية: توفير فرص عمل من طريق برامج تنمية ريفية.
ألان برلوييه
*مراسل شؤون الدفاع، عن «لو فيغارو» الفرنسية، 29/2/2016، إعداد منال نحاس.
نقلا عن الحياة