ورأت المجلة التي تُعنى بالسياسة الخارجية وتتمتع بتأثير على صانعي القرار في واشنطن، أن الانسحاب قد يعني نهاية الدعم الروسي غير المشروط للأسد ويشيع فسحة من التفاؤل بحل دبلوماسي يضع حدا لما وصفته بـ”المجزرة البشعة” في سوريا.
وقد ساعد قصف الطيران الحربي الروسي العنيف لمواقع المعارضة السورية المسلحة، نظام الأسد على تعزيز مكاسبه في غرب البلاد مما أفقد تلك الفصائل، التي يحظى بعضها بدعم أميركي، توازنها.
وذكرت فورين بوليسي أن النظام استصحب معه تلك المكاسب إلى طاولة المفاوضات الجارية حاليا في جنيف، والتي بدا أنها على وشك أن تنحرف عن مسارها قبيل إعلان بوتين المفاجئ عن الانسحاب العسكري من سوريا.
ودفعت الخلافات حول نطاق المفاوضات بين أطراف النزاع في جنيف العديد من المحللين لإبداء شكوكهم في تحقيق أي شيء عن طريقها. بيد أن قطع روسيا المحتمل لشريان الحياة الذي ظلت تمده إلى الأسد قد يضطر النظام السوري إلى تغيير حساباته.
ونقلت المجلة عن الخبير في الشؤون السورية بمركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أندرو تابلر القول “يبدو أن روسيا قد تراجع دعمها للأسد بغية الضغط عليه ليقدِّم تنازلات في طاولة المفاوضات. وحتى الآن ليس ثمة ما ينبئ بأنه مستعد للتنازل عن الكثير”.
من ناحية أخرى فإن بعض المحللين يرون أن الثقة الزائدة التي كان يبديها النظام بدأت تتلاشى تدريجيا حتى إن أحدهم وهو جوشوا لانديس مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، الذي ظل حتى الأسبوع الأخير على تواصل مع مسؤولين مقربين من نظام الأسد في دمشق، قال إنهم لم يعودوا يردون على اتصالاته الهاتفية، وهو أمر مفاجئ.
وأضاف “لا أحد من المسؤولين السوريين في دمشق يرد على هاتفي. هذا يقودني للاعتقاد بأنهم محبطون تماما”.
على أن صحيفة أخرى مرموقة مثل وول ستريت جورنال ترى أن انسحاب روسيا جاء بعد أن مكَّنت للأسد ورسَّخت أقدامه بما يجعله في وضع أفضل لاستغلال المفاوضات التي تنعقد بوساطة أميركية روسية.
وأشارت إلى أن بوتين بإعلانه سحب قواته يأمل انتزاع تنازلات من الولايات المتحدة وأوروبا، فهو يريد من الغرب أن يخفف عقوباته على بلاده ويدرك أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يتطلع إلى عودة العلاقات إلى طبيعتها مع موسكو.
كما أن الانسحاب قد يكون محاولة من جانب بوتين لمنح أوباما غطاء دبلوماسيا يعينه على إعادة ضبط العلاقات بين البلدين قبيل مغادرته البيت الأبيض.
وخلصت الصحيفة إلى أن التدخل الروسي لم يُنه الحرب الأهلية في سوريا، وأن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال يسيطر على معظم أجزاء البلاد.
وأردفت قائلة إن مكافحة الإرهاب لم تكن يوما غاية بوتين، فقد أراد أن يُظْهِر للعالم أن روسيا تقف إلى جانب حلفائها، وأن ينتزع نفوذا جديدا لبلاده في الشرق الأوسط وأوروبا.
الجزيرة نت