وفي ظل هذه المعطيات والمتغيّرات الجديدة إزاء توجه العبادي، انقلبت المهلة التي حدّدها رئيس الوزراء للكتل السياسيّة لتقديم مرشحيها من التكنوقراط للحقائب الوزاريّة عليه، لتصبح مهلة له لإيجاد حلٍّ لتلافي انقلاب الكتل السياسيّة وتحشيدها ضدّه.
وفي السياق، قال النائب عن ائتلاف الوطنيّة، عبد الرحيم الشمري، لـ”العربي الجديد”، إنّ “كتل ائتلاف الوطنية (بزعامة إياد علاوي) عقدت اجتماعاً لبحث التغيير الوزاري الذي طرحه رئيس الحكومة”، مبيّناً أنّ “جميع تلك الكتل غير راضية عن الأسلوب الذي تعامل به العبادي إزاء مشروع التغيير الوزاري الحقيقي”.
وأوضح أنّ “العبادي خضع لضغوط سياسيّة وتراجع في خطواته الحقيقيّة للتغير”، مبيناً أنّ “رؤية العبادي في البداية كانت تصب نحو تشكيل الحكومة من التكنوقراط من خارج الكتل السياسيّة، الأمر الذي يعني الابتعاد عن المحاصصة والحزبيّة وهو ما يصب بصالح البلاد، لكن بعد تلك الضغوط تغيّر طرحه وطلب من الكتل السياسيّة أن تقدّم مرشحيها من التكنوقراط، ما يعني بقاء المحاصصة والحزبيّة، ما أفقد التغيير قيمته وجدواه”.
وشدّد الشمري على أنّ “التغيير إما أن يكون من التكنوقراط بعيداً عن المحاصصة والحزبيّة أو لا داعي للتغيير من الأساس”، داعياً إلى “تشكيل لجنة من الكتل البرلمانيّة لبحث التغيير الوزاري والجدوى منه، والخروج برؤية موحّدة بشأن التغيير الذي دعا له العبادي”. ولفت إلى أنّ “التعديل الذي يسعى له العبادي اليوم سيواجه مشاكل كثيرة وسيصطدم بعقبات كبيرة مع كافة الكتل السياسيّة”.
من جهته، رجّح عضو تحالف القوى العراقيّة محمد الكربولي، أن “يلجأ العبادي إلى التغيير على شكل دفعات خوفاً من سقوط حكومته”. وأوضح الكربولي، في تصريح صحافي، أنّ “انعقاد مجلس الوزراء يحتاج إلى نصاب النصف زائداً واحداً، وفي حال لم تحقق هذه النسبة بعد إقالة العبادي للوزراء وعدم تصويت الكتل السياسيّة على الوزراء الجدد، فإنّ ذلك يعني أنّ الحكومة ستحل بما في ذلك رئيسها”.
وأشار الكربولي إلى أنّ “العبادي أبلغ تحالف القوى بأنّه سيستبدل ثمانية أو عشرة وزراء ضمن الدفعة الأولى”، مضيفاً “أبلغناه بعدم اهتمامنا بالمناصب بقدر اهتمامنا بالبرنامج الحكومي الذي يجب أن يشمل تحرير المناطق وإعادة النازحين وإعمار المدن المدمّرة وغيرها من النقاط المهمّة التي تصبّ في صالح المواطن”.
وأكّد الكربولي أنّ تحالف القوى العراقية “طلب من العبادي كشف أسباب استبدال الوزراء أو بقاء بعضهم، لنعرف هل أنّ استبدال الوزير تم بسبب فساد أو عدم كفاءة”.
من جهته، رأى الخبير السياسي مصطفى محمد أنّ “كل المؤشّرات تؤكّد أنّ خطوات العبادي ستكون مخيّبة للآمال، فلن يستطيع أن يحدث تغييراً حقيقيّاً بعيداً عن المحاصصة والحزبيّة، ولن يتمكّن من التراجع، الأمر الذي سيفرض تغييراً هشّاً لا قيمة له بقدر ما له من أثر سلبي على الواقع العراقي”. وأوضح محمد، خلال حديثه إلى “العربي الجديد”، أنّ “اعتراضات وضغوط وتهديدات كتل التحالف الوطني للعبادي أجبرته على التراجع عن التغيير الحقيقي البعيد عن الكتل والأحزاب”. ولفت إلى أنّ “تراجع العبادي عن التغيير الحقيقي دفع الكتل السنيّة والكرديّة إلى التراجع عن تأييدها لخطوات العبادي، الأمر الذي جعل من الأخير يدور بحلقة مفرغة ويحاول الخروج منها فقط”.
واعتبر محمد أنّ “العبادي سيقبل بما ستفرضه عليه الكتل السياسيّة الساعية لتحقيق مكاسب لها والحفاظ على مكاسبها السابقة، لذا فإنّ التغيير سيكون مخيّبا للآمال ولا جدوى منه”.
وكان النائب عن التحالف الكردستاني، ريبوار طه، قد حذّر خلال حديث سابق لـ”العربي الجديد”، من خطورة الوضع الذي يمرّ به العراق، داعياً إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني والتحضير لانتخابات مبكرة، كحل أمثل للوضع الحالي أو إعادة النظر بالنظام السياسي للعراق.
أكثم سيف الدين
صحيفة العربي الجديد